تعمل تل أبيب على إعداد مقترح جديد لاتفاق بشأن قطاع غزة، ستقدمه إلى الوسطاء؛ يتضمن المقترح إعادة جميع المحتجزين دفعة واحدة، مقابل خروج يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسى لحركة حماس، وآخرين من غزة عبر ممر آمن، وفقًا لما ذكرته الإذاعة الإسرائيلية، والذى توقعت فيه مصادر عبرية أن يقدمه رئيس الوزراء الإسرائيلى للأمم المتحدة، ويشمل المقترح إنهاء الحرب وإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين.
وأشارت الإذاعة إلى أن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، قد يعرض هذا المقترح فى خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال الأيام المقبلة.
ولم تصدر حركة حماس بيانًا رسميًّا بشأن ما تم تسريبه عن المقترح الإسرائيلى الجديد، إلا أنها أكدت مرارًا أنها لا ترى ضرورة لمقترحات جديدة، خاصة أنها وافقت على الخطة التى قدمها، لكن عضو المكتب السياسى لحركة حماس، باسم نعيم، قال، فى تصريح خاص لـ«المصرى اليوم»: «لا علم لى بالمقترح».
وأضاف أن الحركة تتمسك بمقترح بايدن وثوابت ٢ يوليو، التى تتمثل فى وقف دائم لإطلاق النار وصفقة أسرى مشرفة والانسحاب الكامل من قطاع غزة.
وفيما يتعلق بالمقترح الإسرائيلى الجديد، قال الدكتور عبدالعليم محمد، المستشار بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الخبير بالشأن الإسرائيلى، إن المقترح الإسرائيلى لإعادة الرهائن مقابل خروج آمن لـ«السنوار» ومَن معه من غزة هو مقترح غريب وغير قابل للتطبيق.
وأوضح «عبدالعليم»، لـ«المصرى اليوم»، أن هذا المقترح غير مقبول بعد كل ما حدث فى غزة من قتل وتدمير وحصار وتجويع، مشيرًا إلى أن حركة حماس لن تقبل به لأنه يهز صورتها الرمزية ومكانتها فى المقاومة الفلسطينية.
وأضاف أن قبول هذا المقترح سيُحبط جمهور المقاومة بشكل عام وجمهور حماس بشكل خاص، ويعكس نوعًا من الأنانية لدى «السنوار» وقيادة حماس، حيث يفضلون الخروج الآمن بعد كل ما جرى وترك غزة فى حالة مزرية دون تحقيق اتفاق يضمن انسحاب إسرائيل وإعادة سكان الشمال وفتح المعابر وفك الحصار عن القطاع.
وأكد «عبدالعليم» أن المقترح الإسرائيلى يُعد نوعًا من الهروب إلى الأمام ومغازلة عواطف المتظاهرين والمؤيدين للصفقة، والذين ينتقدون مواقف الحكومة الإسرائيلية، وخاصة نتنياهو.
كما أنه يجارى الضغوط الدولية الخاصة بوقف إطلاق النار وعقد صفقة التبادل، معتبرًا أن ما تقدمه إسرائيل غير كافٍ وغير مقبول من حركة حماس، وربما حتى من الوسطاء.
واختتم «عبدالعليم» حديثه بالتشكيك فى قبول هذا المقترح، معتبرًا أنه تراجع كبير عن المقترح الأمريكى الأصلى الخاص بوقف إطلاق النار على مراحل ثلاث، وتبادل الأسرى، وإعادة السكان إلى الشمال، وفتح المعابر، وحل الأزمة الإنسانية فى غزة.
وأضاف أن التخطيط لاغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو مرفوض من أى جانب، حيث يعكس انسداد الأفق السياسى والعجز عن إجراء حوار أو مفاوضات لإنهاء الصراع بطرق سلمية، وأوضح أن هناك مستويين لحل الصراع، الأول هو المواجهة العسكرية المباشرة، وهو أمر غير ممكن بالنسبة لإيران وحلفائها، والثانى هو المفاوضات والتنازلات المتبادلة برعاية أممية ودولية، وهو ما لم يتحقق حتى الآن رغم وجود العديد من المبادرات.
وأشار إلى أن العبرة فى الاغتيال ليست فى إمكانية التخطيط، بل فى القدرة على التنفيذ من الناحية الاستخباراتية والمهنية، فإذا تم كشف هذا التخطيط، فإنه يصبح كأنه لم يكن، ويعكس مجرد تفكير فى الرغبات وليس تفكيرًا واقعيًّا.
وأكد «عبدالعليم» أن اغتيال نتنياهو لن يضمن حل القضايا وتسوية المشكلات لأن المجتمع السياسى فى إسرائيل يتبنى العنف، وقد يكون البديل لنتنياهو أشد تطرفًا منه، ما يزيد من تعقيد الوضع.
وقالت عبير ياسين، الخبيرة فى مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، المتخصصة فى القضية الفلسطينية، إن الإعلان الإسرائيلى عن مقترح اتفاق فى غزة فى ١٩ سبتمبر الجارى، والإعلان فى اليوم نفسه عن إحباط محاولة لاغتيال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أو وزير الدفاع يوآف جالانت أو رئيس جهاز الأمن الداخلى (الشاباك) رونين بار عبر جاسوس إسرائيلى تم تجنيده من قِبَل إيران، وفقًا للتصريحات الإسرائيلية، بالإضافة إلى الإعلان فى ١٧ سبتمبر الجارى عن إحباط محاولة اغتيال قام بها حزب الله فى تل أبيب لوزير الدفاع ورئيس الأركان الأسبق موشيه يعلون فى سبتمبر ٢٠٢٣، أى قبل طوفان الأقصى، كل ذلك يؤكد أن نتنياهو يسعى إلى «خلط الأوراق» بين الصفقة والتصعيد، ومحاولة تأكيد سعى حكومته للتوصل إلى اتفاق دون إسقاط ما يُفترض أنه أهداف الحرب والنصر المطلق فى غزة.
وقالت: «تسعى تلك التحركات متناقضة الشكل والأهداف إلى إحياء أو تأكيد السردية الإسرائيلية الخاصة بفكرة الدفاع عن النفس والهجوم الاستباقى»، مشيرة إلى أن الإعلان جاء عما يُفترض أنه خطط إفشال محاولات اغتيال سياسية من قِبَل طهران وحزب الله لتبدو وكأنها أسباب كافية، وفقًا للخطاب الإسرائيلى، للتصعيد فى لبنان، كما تحاول الحفاظ على الربط بين السياسة الأمريكية فيما يخص ما يُفترض أنه مكافحة الإرهاب والحرب الاستباقية والتحركات الإسرائيلية للحفاظ على الدعم الأمريكى.
وفيما يتعلق بزيارة أنتونى بلينكن الأخيرة، أكد عضو المكتب السياسى لحركة حماس، حسام بدران، أن الحركة لا تعول على زيارة وزير الخارجية الأمريكى، أنتونى بلينكن، مشيرًا إلى أن التوصل إلى اتفاق يتطلب ضغطًا أمريكيًّا جادًّا على رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو.
وأوضح «بدران» أن نتنياهو يعطل الاتفاق بوضع شروط تعجيزية عمدًا لتخريب أى فرصة للتوصل إلى اتفاق. وأضاف «بدران» أن قضية الأسرى الفلسطينيين بالغة الأهمية، معتبرًا أن عقد صفقة تبادل مع الاحتلال هو حق للأسرى فى رقبة المقاومة.
وأشار إلى أن الاحتلال يشكل خطرًا على العرب والمنطقة بأسرها، وأنه لا يمكن أن تهدأ المنطقة إلا بتوقف العدوان على غزة، كما ثمّن دور المقاومة اللبنانية فى دعم المقاومة فى غزة، ودعا إلى اتخاذ موقف عربى صارم فى مواجهة اعتداءات الاحتلال على السيادة اللبنانية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news