واصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مشاورات تسمية رئيس وزراء جديد، لكن خياراته توجهها رغبته في تفادي إسقاطه بالجمعية الوطنية.
نظريا يجري الحديث عن أن المشاورات في مراحلها النهائية، وأن المفاضلة باتت بين شخصيتين هما رئيس الوزراء الاشتراكي السابق برنار كازنوف، والقيادي في حزب الجمهوريين اليميني كزافييه برتران.
لكن رغم ذلك لا يستبعد مقربون من ماكرون إمكانية اختيار شخصية ثالثة أخرى في نهاية المطاف.
وتهدف هذه المداولات المتسارعة لتحديد اسم لمنصب رئيس الوزراء قادر على تفادي إسقاطه في الجمعية الوطنية، في حين أن الانتخابات أفرزت واقعا سياسيا معقدا في فرنسا بعدم حصول أي من الأطراف الرئيسيين على غالبية صريحة في البرلمان.
والسبت الماضي طلب حزب فرنسا الأبية اليساري الراديكالي، من المجموعات البرلمانية الأخرى دعم محاولته لعزل الرئيس ماكرون، بالاستعانة بالمادة 68 التي تتيح عزل الرئيس، لكن ليس قبل تخطي عقبات على هذا الطريق، ما يجعل المحاولة بعيدة المنال.
وفي ظل الانقسام السياسي الحاد الذي يهيمن على باريس، تواصل حكومة رئيس الوزراء غابريال أتال تصريف الأعمال منذ 48 يوما، في ظل وضع غير مسبوق.
واستقبل ماكرون صباح الاثنين في قصر الاليزيه، رئيس الوزراء الاشتراكي السابق كازنوف، واستمر اللقاء ساعة وخمس عشرة دقيقة.
وجمعت ماكرون وكازنوف علاقات ثقة في بداية فترة رئاسة فرانسوا هولاند (2012-2017).
ثم استقبل ماكرون الرئيس السابق الاشتراكي فرنسوا هولاند الذي يتوقع ألا يعارض تعيين كازنوف، بخلاف سلفه الرئيس السابق اليميني نيكولا ساركوزي الذي التقاه ماكرون كذلك.
ويرغب ساركوزي في أن يتولى الحكومة "رئيس وزراء من اليمين".
وفي إطار هذه المشاورات المقدّمة على أنها في مراحلها النهائية يستقبل ماكرون أيضا بعد الظهر الوزيرين السابقين فرانسوا بايرو وهو شخصية من الوسط، ومسؤول حزب الجمهوريين اليميني عن منطقة في شمال فرنسا كزافييه برتران.
وقال مصدر مقرّب من ماكرون إن الفكرة العامة هي معرفة ما إذا كان (تعيين) كازنوف أو برتران احتمالا "قابلا للتطبيق فيما يتعلق بمعيار الاستقرار". وأكد أن "أسماء أخرى قد تكون بالطبع في ذهن" الرئيس.
وبدأ صباح الاثنين التداول باسم رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي تييري بوديه في حال أراد ماكرون اختيار شخص أقل انخراطا في مجال السياسة.
ويعد هذا المجلس الثالث في البلاد بعد مجلسي النواب والشيوخ ويضم 175 عضوا يمثلون المجتمع المدني.
نداء الواجب
في المقابل، أكدت مصادر مقربة من رئيس الوزراء السابق كازنوف أنه لا يسعى للعودة الى هذا المنصب "لكن في حال قام بذلك، فسيكون بدافع الواجب وتجنيب البلاد مواجهة صعوبات إضافية".
وبحسب أوساط ماكرون، من المحتمل أن يتم التعيين الجديد الثلاثاء.
ويبحث ماكرون عن رئيس للوزراء لن تعرقل القوى السياسية في الجمعية الوطنية تعيينه. لذلك استبعد تعيين لوسي كاستيه التي اقترحتها "الجبهة الشعبية الجديدة"، التحالف اليساري الذي تصدر نتائج الانتخابات الأخيرة.
ويريد الرئيس الفرنسي كذلك أن يكون التكتل الوسطي جزءا من أي غالبية مستقبلية في الجمعية الوطنية.
وشغل كازنوف (61 عاما) حقيبة الداخلية في وقت الهجمات الإرهابية الدامية عام 2015، كما عيّنه هولاند رئيسا للوزراء في الأشهر الأخيرة من ولايته.
وانسحب كازنوف من الحزب الاشتراكي في العام 2022 بعد معارضته الشديدة للتحالف مع "فرنسا الأبية"، أبرز أحزاب اليسار المتطرف في البلاد.
وفي حال تعيين كازنوف رئيسا للوزراء، فيتوقع أن يستفيد من دعم جزء من الاشتراكيين على الأقل، بالإضافة إلى التكتل الوسطي وجزء من اليمين.
رئيس وزراء يميني؟
وبدا رئيس الحزب الاشتراكي أوليفييه فور متحفظا جدا الاثنين بشأن مثل هذا السيناريو، قائلا إنه "سيفكر في الأمر" إذا تمكن برنار كازنوف من "إلغاء" إصلاح نظام التقاعد.
ويستقبل ماكرون برتران (59 عاما) بعد الظهر. ولم يخف أنه يسعى إلى شغل منصب رئيس الوزراء. ورأى الرئيس السابق ساركوزي أنه سيكون "خيارا جيدا".
إلا أن ذلك لا يلقى دعم الشخصيات البارزة في الحزب، والذين يرغبون في بلوغ الانتخابات الرئاسية لعام 2027 وهم في صفوف المعارضة، ويرفضون أي ائتلاف أو مشاركة في الحكومة المقبلة.
وأعلن النائب عن "التجمّع الوطني" جان فيليب تانغي أن حزبه اليميني المتطرف الممثل في الجمعية الوطنية بثالث أكبر كتلة خلف اليسار وكتلة ماكرون، قد لا يلجأ على الفور إلى طرح الثقة برئيس الوزراء الجديد، لكنه "يرجّح" القيام بذلك حين ستُقرّ الميزانية.
ومن المتوقع أن يكون رفع سنّ التقاعد الى 64 عاما من بين المواضيع التي سيتم التطرق إليها بشكل خاص. ولم يحظ إصلاح نظام التقاعد الذي دفع ماكرون باتجاهه، بتأييد شعبي، ويخشى الرئيس انهيار ما يعتبره منجزات حققها خلال عهده.
وبات تشكيل حكومة جديدة أمرا ملحا مع ضرورة تقديم موازنة العام 2025 إلى البرلمان بحلول الأول من أكتوبر/ تشرين الاول على أبعد تقدير.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news