الهاشمية .. التقديس والاحتلال الناعم للمسلمين (الحلقة الثانية عشرة)

     
المشهد اليمني             عدد المشاهدات : 75 مشاهده       تفاصيل الخبر
الهاشمية .. التقديس والاحتلال الناعم للمسلمين (الحلقة الثانية عشرة)

الاستغلال السياسي لمصطلح أهل/آل البيت والصلاة عليهم (2)

كان الحسن –رضي الله عنه- قد أدرك خذلان الشيعة لهم، وكان يعلم هوى الحسين في الولاية، كما يدرك عدم إدراكه السياسي وقلة وعيه في ذلك، فنصح الحسين بعدة نصائح ووصايا، وقال له: "ما أظن أن الله يجمع لنا بين النبوة والخلافة، ولا يستخفنك أهل الكوفة ليخرجوك..".

لقد أدرك الحسن خذلان الشيعة باكراً، ولجأ للصلح مع معاوية، وقال في ذلك: "أرى معاوية والله خيراً لي من هؤلاء، يزعمون أنهم لي شيعة، ابتغوا قتلي، وأخذوا مالي، والله لأن آخذ من معاوية ما أحقن به من دمي، وآمن به في أهلي خير من أن يقتلوني، فيضيع أهل بيتي، والله لو قاتلت معاوية لأخذوا بعنقي حتى يدفعوا بي إليه سلماً، والله لأن أسالمه وأنا عزيز خير من أن يقتلني وأنا أسير" الاحتجاج 2/10.

كما إن الشاهد من خطبة الحسين أنه يُذكّرهم أنه الأحق بالحكم، وأنه ابن علي وابن فاطمة، لاستمالة الناس إلى صفه، بينما كانت الأمور تسري بين أهل العراق بالأموال الطائلة التي استمال بها عبيد الله بن زياد أهل العراق لينقضوا بيعتهم ولينفضوا عن الحسين؛ فالمال يفعل بالناس ما لم تفعله النصوص الدينية ولا المبادئ ولا الأماني، حتى لو كانوا قريبي عهد بالنبوة، كما في هذه الأحداث وما قبلها.

أما وهناك شاهد آخر في الخطبة، وهو أنه أتى بالصيغة العامة للصلاة على النبي، ولم تكن الصيغة الشيعية المستحدثة فيما بعد؛ فقد قال: صلى الله عليه وسلم، ولم يذكر الآل ولا غيرهم ولم يعطفهم عليه؛ فلو كانت الصلاة على الآل فعلاً حقيقية لما تركتها فاطمة ولا علي ولا الحسن ولا الحسين ولا العباس ولا عبدالله بن عباس لحظة واحدة ولا في موطن واحد من ذكره -صلى الله عليه وسلم.

وتروي بعض الروايات، غير الموثوقة، والتي تحمل التشيع، أن الحسن بن علي -رضي الله عنهما- استعمل هذا المصطلح، كالأمر التالي:

قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي، حدثنا أبو الوليد، حدثنا أبو عوانة، عن حصين بن عبدالرحمن، عن أبي جميلة ، قال: إن الحسن بن علي استخلف حين قتل علي –رضي الله عنهما-، قال: فبينما هو يصلي إذ وثب عليه رجل فطعنه بخنجر، وزعم حصين أنه بلغه أن الذي طعنه رجل من بني أسد، وحسن ساجد، قال: فيزعمون أن الطعنة وقعت في وركه، فمرض منها أشهراً، ثم برأ، فقعد على المنبر، فقال: يا أهل العراق.. اتقوا الله فينا؛ فإنا أمراؤكم وضيفانكم، ونحن أهل البيت الذي قال الله: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}، قال: فما زال يقولها حتى ما بقي أحد من أهل المسجد إلا وهو يحن بكاءً.

وقال السدي: عن أبي الديلم ، قال: قال علي بن الحسين لرجل من أهل الشام: أما قرأت في الأحزاب {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}؟. قال: نعم، ولأنتم هم؟ قال: نعم".

وكذلك ما قاله الطبري أيضاً: حدثني محمد بن عمارة، قال: حدثنا إسماعيل بن أبان، قال: حدثنا الصباح بن يحيى المزني، عن السدي، عن أبي الديلم قال: لما جيء بعلي بن الحسين - رضي الله عنهما- أسيراً، فأقيم على درج دمشق، قام رجل من أهل الشام فقال: الحمد لله الذي قتلكم واستأصلكم، وقطع قرن الفتنة. فقال له علي بن الحسين: أقرأت القرآن؟ قال: نعم. قال: أقرأت "آل حم"؟ قال قرأت القرآن ولم أقرأ "آل حم"!، قال: ما قرأت {قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}؟، قال وإنكم لأنتم هم؟! قال: نعم".

وطالما أن في سلسلة الحديثين رواةً غير موثوقين فإن الحديثين لا يعتد بهما، ويظهر من سياق سبكة النصين النَّفَس الشيعي فيهما، وهذا يدفعنا إلى القول أنه ليس في زمن الحسن، ولا كذلك في زمن الحسين؛ فأول ظهور له –بشكل بسيط- ظهر في عهد علي بن الحسين، كما في النص السابق من رواية أبي الديلم، الذي ليس معروفاً ولا مشهوراً في رجال الحديث، ويبدو نَفَس التأليف الشيعي فيه، كما ورد في كتب الشيعة أيضاً. ومرة يسأله: أقرأت سورة الأحزاب؟ ومرة: أقرأت سورة آل حاميم؟، مما يدل على اضطراب الروايات أيضاً.

كذلك فإن صيغة الصلاة على النبي في استعمال الناس لها بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- ما قرأنا من يقول بها وهي (صلى الله عليه وآله وسلم)، واستنبطنا فيما استنبطنا من الكتب والأحاديث أن الحسين بن علي -رضي الله عنهما- كان يبدو أول من قالها بشكل مُسَيّس، وذلك في خطبة طويلة له أثناء استعداده لقتال جيش ابن عبيد الله بن زياد، رغم أن في تلك الخطبة أورد الصيغتين مع بعض، فقال فيما قال: "ألست ابن نبيكم –صلى الله عليه وسلم- وابن وصيه وابن عمه، وأول المؤمنين بالله والمصدق لرسوله بما جاء به من ربه؟!

أوليس حمزة –سيد الشهداء- عم أبي؟ أوليس جعفر الشهيد الطيار ذو الجناحين عمي؟ أولم يبلغكم قول مستفيض فيكم: إن رسول الله – صلى الله تعالى عليه وآله وسلم- قال لي ولأخي: "هذان سيدا سباب أهل الجنة"؟!

كما نجد في هذه الخطبة استعماله لفظ الوصية، والوصية هي من استحداث عبدالله بن سبأ، ولم يعمل بها لا علي ولا ابنه الحسن –رضي الله عنهما- ، وكأن بعض ألفاظ وجمل وسياق هذه الخطبة نسجت بعد عهد الحسين بزمن، كما هي خطب كتاب نهج البلاغة، التي دُست على علي -رضي الله عنه- بعده بقرون، خاصة وأن الراوي يتحدث عن الحسين -رضي الله عنه- بصيغة (عليه السلام)، رغم أن تاريخ الطبري هذا كان في القرن الثالث الهجري.

ويبدو أن المصطلح ظهر كثيراً مع جعفر بن محمد الذي قال بعدم قبول صلاة من لم يصل الصلاة عليه، ثم اتخذه بعد ذلك الشيعة نهجاً كون تلك الصلاة والصيغة أخذت عنه وهو يعتبر عندهم أحد الأئمة الإثني عشر.

وقد كرس كثير من العلماء والمؤلفين ورواة الحديث التمييز بين الصحابة -رضوان الله عليهم- تحيزاً وتعاطفاً مع قرابة النبي –صلى الله عليه وسلم- كعلي بن أبي طالب وبنيه وأمهم فاطمة –رضوان الله عليهم-، وأفردوا علياً بقولهم: "كرم الله وجهه"، أو "عليه السلام"، وما كان لهم أن يمايزوا بين الصحابة في ذلك، خاصة وأن من الصحابة من هم أعلى شأناً وأرفع قدراً عند النبي –صلى الله عليه وسلم- من علي؛ كأبي بكر وعمر وعثمان، وقد قدمهم النبي –صلى الله عليه وسلم- على علي.

ولابن كثير في ذلك رأي أيضاً، قال فيه: "وقد غلب هذا في عبارة كثير من النساخ للكتب؛ أن يفرد علي –رضي الله عنه- بأن يقال: "عليه السلام"، من دون سائر الصحابة، أو: "كرم الله وجهه"، وهذا وإن كان معناه صحيحاً، لكن ينبغي أن يساوى بين الصحابة في ذلك؛ فإن هذا من باب التعظيم والتكريم؛ فالشيخان وأمير المؤمنين عثمان [بن عفان] أولى بذلك منه، رضي الله عنهم أجمعين.

قال إسماعيل القاضي: حدثنا عبدالله بن عبدالوهاب، حدثنا عبدالواحد بن زياد، حدثني عثمان بن حكيم بن عباد بن حنيف، عن عكرمة، عن ابن عباس أنه قال: لا تصح الصلاة على أحد إلا على النبي –صلى الله عليه وسلم- ولكن يدعى للمسلمين والمسلمات بالمغفرة".

وحينما جاء الرسي إلى اليمن غازياً، وتكوينه نظرية الإمامة التي قتل الناس لأجلها واحتل أجزاء من اليمن فقتل ودمر وهجر وأحرق المزارع، كرس ما يسمى بالنصوص الدينية التي تثبِّت نظريته، وجعل من سلالة علي في مصاف الأنبياء والرسل، واعتبر اتباعهم واجباً كوجوب اتباع النبوة، ومنها تسييس مصطلح أهل البيت وسلك كل الطرق المشروعة وغير المشروعة في تقديسهم للاتباع.

فلما جاء عبدالله بن حمزة زاد من تكريس هذه المسألة في أتباعه، وسار أعظم مما سار عليه الرسي، ويعتبر ابن حمزة للشيعة الإمامية مثل ابن تيمية للسنة. وقال عبدالله بن حمزة، من رسالة مطولة لوزير الأيوبيين سيف الدين سنقر: "ونحن نجاة كل مؤمن ومؤمنة، وبنا يفتح ويختم، لا تتم الصلاة إلا بذكرنا، ولا تقع النجاة إلا باتباعنا"..

وكانت هذه العبارة والتوجه تكرس مع كل إمام من الأئمة، حتى جاء الإمام يحيى حميد الدين وزاد فيها أشياء كثيرة، وقال: "ووردت فيهم [يقصد السلالة من آل علي] الأخبار الصحيحة والآثار الواضحة الصريحة، وعصم الله إجماعهم عن الخطيئات، وشرع الصلاة عليهم في تشهد الخمس الصلوات، معدن النبوة والوصاية والخلافة والواجب حبهم وبغض أعدائهم على الخلق كافة، ولما نزل قوله تعالى: {قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى}، قيل: يا رسول الله: من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم؟، قال: علي وفاطمة وابناهما". بينما هذه العبارة من تفسير زيد بن أرقم حين سئل من هم أصحاب المودة، فقال علي وفاطمة وابناهما، وليس الرسول –صلى الله عليه وسلم!

.... يتبع

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

ضربة موجعة للحوثي.. هذا ما طلبه رئيس مجلس القيادة ‘‘العليمي’’ من رئيس الوزراء العراقي

المشهد اليمني | 2006 قراءة 

إسرائيل تحسم الجدل بشأن مقتل يحيى السنوار

مساحة نت | 1870 قراءة 

بالأسماء.. السعودية تعلن القبض على خلية يمنية خطيرة متخصصة في تهريب الأموال والكشف عن حجم المبالغ التي كانت بحوزتهم والعقوبة التي تنتظرهم

وطن الغد | 1685 قراءة 

شاهد صورة القائد الهالك في حزب الله وهو يقاتل في صفوف الحوثيين …!

نيوز لاين | 1632 قراءة 

انطلاق شرارة الثورة ضد الحوثيين.. شبان مسلحون يلجؤون للجبال لردع المليشيات بعد اعتقال رفاقهم المحتفلين بذكرى الثورة

المشهد اليمني | 1549 قراءة 

بشرى سارة: من يجيد هذه المهنة مطلوب للعمل في سلطنة عمان برواتب عالية… هل انت منهم؟

وطن الغد | 1431 قراءة 

وفود غامضة تجوب شوارع عدن.. هل باتت المدينة مسرحًا جديدًا للمؤامرات؟

العين الثالثة | 871 قراءة 

أول جهة حكومية في تعز تمنع الاحتفال بثورة 26 سبتمبر

نافذة اليمن | 789 قراءة 

الحوثيون يمرون بحالة من الخوف والارتباك غير مسبوقة بسبب هذا الأمر

سما عدن | 788 قراءة 

السعودية تعلن منع المقيمين من امتلاك او قيادة هذه الانواع من السيارات على اراضي المملكة

وطن الغد | 650 قراءة