لقد شهد اليمن منذ بداية الأزمة الراهنة صعود مليشيا الحوثي كقوة سياسية وعسكرية مؤثرة في البلاد، ومع هذا الصعود ظهرت ممارسات ممنهجة لتعزيز السلطة وتقسيم المجتمع، ارتكزت بشكل أساسي على السلالية والمناطقية. تشكل السلالية جزءًا مركزيًا من أيديولوجية الحوثيين، حيث تعتمد هذه الجماعة على مفهوم "الحق الإلهي" في الحكم، والذي ينسب إلى آل البيت من نسل الإمام علي بن أبي طالب، زاعمين أن لديهم حقًا دينيًا في قيادة الأمة الإسلامية. هذا المنهج يرسخ التمييز الطبقي بين ما يسمى بـ"السادة" (الهاشميين) وبقية المجتمع. من خلال هذه السلالية، يعمد الحوثيون إلى احتكار المناصب العليا في الدولة لأفراد ينتمون إلى السلالة الهاشمية، مما يؤدي إلى إقصاء وتهميش الكفاءات من الطبقات الأخرى. هذا الوضع يعزز من التمييز الاجتماعي ويعزز الاحتقان بين مختلف فئات الشعب، مما يؤدي إلى زيادة الاستقطاب داخل المجتمع اليمني.
منذ سيطرتهم على العاصمة صنعاء في 2014، اعتمد الحوثيون بشكل واضح على تعيين أفراد من السلالة الهاشمية، في المناصب العليا والحساسة في الدولة. يظهر هذا جليًا في تعيينات القيادات العسكرية والمدنية والوزراء والمسؤولين في مختلف المؤسسات الحكومية. يتم اختيار هؤلاء الأفراد بناءً على انتمائهم السلالي، وليس بناءً على الكفاءة أو الخبرة، مما أدى إلى تهميش الكفاءات الوطنية من مختلف الفئات الاجتماعية والمناطق. إلى جانب السلالية، تستخدم مليشيا الحوثي المناطقية كأداة لتقسيم المجتمع وتعزيز سيطرتهم على مختلف مناطق البلاد. تركز هذه الاستراتيجية على تفتيت الوحدة الوطنية من خلال تعزيز الهويات المحلية على حساب الهوية الوطنية الجامعة. يقوم الحوثيون بتفضيل بعض المناطق على أخرى من حيث التنمية وتقديم الخدمات، مما يؤدي إلى خلق شعور بالظلم والتهميش لدى سكان المناطق المستبعدة. بالإضافة إلى ذلك، يتم استخدام القبائل المحلية كأداة في الصراعات، حيث يتم تجنيد أفراد القبائل وتزويدهم بالأسلحة مقابل ولائهم للجماعة، مما يؤدي إلى تعميق الانقسامات القبلية. تؤدي هذه السياسات إلى تفتيت النسيج الاجتماعي في اليمن بشكل غير مسبوق. فقد تسببت السلالية في تعزيز الانقسام الطبقي، بينما أسهمت المناطقية في تأجيج النزاعات المحلية وتقويض الوحدة الوطنية. ونتيجة لذلك، أصبح المجتمع اليمني يعاني من تصدعات عميقة تجعل من الصعب تحقيق أي مصالحة وطنية أو استقرار مستدام. تعززت الانقسامات الداخلية وازداد الاستقطاب الاجتماعي، مما أعاق أي جهود لتحقيق السلام والاستقرار في البلاد. بالإضافة إلى ذلك، أدى استحواذ الحوثيين على المناصب إلى تحويل مؤسسات الدولة إلى أدوات لتحقيق مصالح جماعة محددة، بدلاً من أن تكون مؤسسات تخدم مصلحة الشعب اليمني ككل.
ختاماً إن منهجية الحوثيين في استخدام السلالية والمناطقية كأدوات لتقاسم السلطة وتفتيت المجتمع تؤدي إلى نتائج كارثية على اليمن واليمنيين. هذه الاستراتيجيات لا تعزز فقط من سلطة الجماعة، بل تعمل أيضًا على تقويض أي جهود مستقبلية لإعادة بناء الدولة وتحقيق السلام. لذا، فإن مواجهة هذه السياسات تتطلب وعيًا وطنيًا جامعًا وإرادة سياسية حقيقية لإنقاذ اليمن من دوامة الانقسام والتفكك. ان منهجية الحوثيين في الحكم عبر السلالية والمناطقية في التعيينات والاستحواذ على المناصب تمثل عائقًا رئيسيًا أمام بناء دولة يمنية موحدة وقوية. إن استمرار هذه السياسات يهدد بتمزيق النسيج الاجتماعي في اليمن ويعقد الجهود الرامية إلى إنهاء الصراع وتحقيق سلام دائم في البلاد.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news