كشفت مصادر طبية وأخرى ميدانية في العاصمة صنعاء عن انهيار شبه كامل في الخدمات الإسعافية بمستشفى الجمهوري، عقب الغارات الإسرائيلية التي استهدفت حي التحرير أمس الأربعاء، ما اضطر أقارب الضحايا إلى نقلهم بشكل عاجل إلى مستشفيات خاصة وسط غياب أي استجابة طبية أولية داخل المستشفى الحكومي الأكبر في العاصمة.

وبحسب شهادات من داخل المستشفى، فإن عشرات الجرحى الذين وصلوا بعد القصف لم يتلقوا سوى إسعافات بدائية، بعضها تم على يد طلاب طب في مرحلة التدريب، في ظل استمرار إضراب الكادر الطبي منذ أكثر من شهر، نتيجة عدم صرف مستحقاتهم المالية المتأخرة.

مصدر طبي في المستشفى، فضّل عدم الكشف عن هويته، أكد أن الإضراب جاء بعد توقف هيئة الزكاة التابعة لجماعة الحوثي عن تمويل المستشفى بشكل شبه كامل خلال الشهرين الماضيين، ما أدى إلى توقف صرف رواتب الأطباء والمساعدين، وتعطيل أقسام الطوارئ والعمليات بشكل شبه تام. وأضاف أن الخلافات بين إدارة المستشفى ورئاسة هيئة الزكاة فاقمت الأزمة، وسط غياب أي تدخل من وزارة الصحة التابعة للجماعة.

وفي تصريح لـ"المشهد اليمني" قال المصدر الطبي: "في الوقت الذي كان يُفترض فيه أن يُرفع مستوى الجاهزية الطبية عقب الغارات، أُجبر أهالي الجرحى على التنقل بين المستشفيات بحثًا عن علاج، وسط حالة من الفوضى ونقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية".

مصادر محلية اعتبرت أن هذا الإهمال لا يمكن فصله عن نمط متكرر في تعامل الجماعة مع الضحايا المدنيين، حيث يُتهم الحوثيون بتوظيف مشاهد الدماء لرفع منسوب التعبئة العسكرية في الجبهات، وتغذية خطابهم الإعلامي بشأن "نصرة غزة"، دون تقديم أي خدمات حقيقية للمتضررين من القصف الصهيوني.

وفي السياق ذاته، أشار أحد العاملين في القطاع الصحي إلى أن المستشفى الجمهوري بات يعتمد بشكل كبير على طلاب كليات الطب لتغطية العجز، وهو ما يثير مخاوف من تدني مستوى الرعاية، خاصة في الحالات الحرجة.

ورغم أن اليمنيين بمختلف توجهاتهم يعبّرون عن تضامنهم الكامل مع الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، إلا أن كثيرين يرفضون ما وصفوه بـ"استغلال الحوثيين للمأساة"، وتحويلها إلى مادة دعائية تخدم أجندات داخلية، دون أي التزام فعلي بحماية المدنيين أو تحسين الخدمات الصحية في مناطق سيطرتهم.

وأعلنت "وزارة الصحة" التابعة للحوثيين، إن القصف الإسرائيلي على العاصمة صنعاء ومحافظة الجوف، أسفر عن استشهاد35 مدنيا وإصابة 131 آخرين، بعضهم صحفيين ونساء وأطفال.

وتتصاعد الانتقادات الشعبية لأداء المؤسسات الصحية في صنعاء، وسط دعوات متزايدة لفصل العمل الإنساني عن الحسابات السياسية، وضمان الحد الأدنى من الرعاية الطبية للضحايا، بعيدًا عن التوظيف الإعلامي أو العسكري.