[21/05/2025 05:34]

عدن ـ سبأنت

يحفل تاريخ اليمن الحديث بكثير من الاحداث الكبرى التي شكلت محطات فارقة في مسار البلاد، لكن اعادة تحقيق الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990 يظل الحدث الاستثنائي الاكثر اشراقاً في حياة اليمنيين.

على مدى عقود من الزمن ظلت الوحدة حلماً يراود آمال اليمنيين، وعلى رأس اولويات نضالهم التحرري، وفي صدارة خطاباتهم السياسية وكتاباتهم الادبية وقصائدهم الشعرية واغانيهم الوطنية وهتافاتهم الجماهيرية واهازيجهم الشعبية.

يقول وزير الدولة الاسبق لشؤون الوحدة يحيى العرشي" ان تحقيق الوحدة اليمنية، كان من أبرز اهداف ثورتي ٢٦ سبتمبر ١٩٦٢، و١٤ اكتوبر ١٩٦٣".

يضيف في كتابه "الاستقلال.. والوحدة" كان مـن أهـداف الكفاح، وجوهر أحلامه، وآماله، استعادة وحدة الوطن بنهاية الإمامة والاستعمار".

في مقال صحفي تم نشره في ديسمبر ١٩٥٩ يقول المفكر والمناضل الوطني الكبير الراحل عبدالله باذيب" إن دعوتنا إلى الوحدة اليمنية ليست نزوة مؤقتة، أو عاطفة غامضة، ولكنها دعوة وطنية صادقة عميقة يؤكدها منطق التاريخ والمفهوم العلمي للشعب الواحد، وتفرضها الروابط الأصيلة المشتركة وضرورات الكفاح المشترك".

واعتبر باذيب إن الضمان الوحيد لإنجاز أهدافنا الوطنية في التحرر الوطني الكامل والوحدة هو ربط قضيتنا الوطنية باليمن الأم، في رفض قاطع للأصوات المنادية آنذاك بفصل الجنوب عن هويته اليمنية.

يتابع قائلا "الشيء الثابت والأساسي والخالد فهو وحدة شعبنا اليمني في الجنوب والشمال! …. ليس هناك يمنان، ولا جنوب ولا شمال بل يمن واحد، وشعب يمني واحد.

وتذهب جميع المصادر الى أن اليمن الواحد كان هو القاعدة، وان التجزئة والتشطير كان هو الاستثناء عبر التاريخ.

وفي تقديمه لكتاب " الوحدة اليمنية والنظام الاقليمي العربي للدكتور سمير العبدلي، يشدد الدكتور عبد العزيز المقالح على هذه الحقيقة قائلا" ان الوحدة اليمنية كانت القاعدة الثابتة التي أرسى عليها الشعب مقومات وجوده الوطني، وأن الاستثناءات الانفصالية القليلة التي عرفها اليمينيون في القرون الأخيرة قد بقيت مقصورة على الأنظمة ومحصورة في أساليب السياسيين من الطامعين الذين حاولوا بكل أشكال التآمر والاستعانة بالقوى الخارجية الإبقاء على نوع من الانفصال المعزول في قحم السلطة دون أن يمس أو يؤثر على وحدة القطر التاريخية".

بل يرى الدكتور المقالح بأن استخدام العنف والقسر لفرض واقع التشطير قد أعطى للوحدة حق البقاء والاستمرار.

وينقل العرشي في كتاب (الاستقلال.. والوحدة) عن الرئيس عبدالله السلال، وهو اول رئيس عقب اعلان النظام الجمهوري في شمال اليمن، قوله "إن قضية الوحدة اليمنية احتلت حيزاً كبيراً من نضال القوى الوطنية عبر مسيرة النضال الطويلة في كلا الشطرين، ولم تبرح أذهان روادها الأوائل وأبنائها من الجيل الوسيط والمعاصر منذ بداية الثلاثينات ".

ويؤكد السلال بأن أحد أسباب اشتداد المعارضة لحكم الامام الطاغية يحيى، كان التوقيع على اتفاقية مع بريطانيا يعترف فيها بوجود الغاصب المحتل في أرض يمنية.

وأفضى الحراك الشعبي المتصاعد الى اسقاط النظام الامامي الكهنوتي في شمال البلاد في ٢٦ سبتمبر ١٩٦٢، وانجاز الاستقلال الوطني من الاستعمار البريطاني في جنوب الوطن في ٣٠ نوفمبر ١٩٦٧، لتدخل اليمن في مرحلة جديدة من التحولات والخطوات التي قادت الى اعادة تحقيق الوحدة واعلان الجمهورية اليمنية في ٢٢ مايو ١٩٩٠م.

وجاء هذا الانجاز ليمثل تتويجاً لنضالات أجيال عديدة من اليمنيين، وتحقيقا لأهداف ثورتي 26 سبتمبر، و14 اكتوبر وتجسيدا لإيمان ابناء الشعب اليمني شمالا وجنوبا بواحدية المسار والمصير.

وعلى الرغم من الأخطاء والانحرافات التي شابت مرحلة ما بعد إعلان الوحدة اليمنية، فأن تلك الممارسات لا يمكن ان تقلل من شأن هذا الحدث التاريخي العظيم، او النكوص عنه بقدر ما تستوجب العمل الدؤوب لتصويب الأخطاء، ومعالجة قضايا الحاضر، ومتطلبات المستقبل دون الاستغراق في تباينات الماضي، وصراعاته.

وقد مثل مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي رعته الامم المتحدة في 2013 م، خطوة مهمة على طريق تصحيح مسار الوحدة من خلال اعتبار معالجة القضية الجنوبية المدخل الرئيس لليمن، من خلال بناء دولة اتحادية جديدة على اساس المواطنة المتساوية والشراكة الواسعة في السلطة والثروة.

الا ان قيام مليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني، في الـ 21 من سبتمبر عام 2014م، بالانقلاب على الاجماع الوطني وتطلعات الشعب اليمني ومخرجات مؤتمر الحوار الشامل الذي رسم خارطة طريق جديدة لمستقبل اليمن الاتحادي الجديد، اعاق تنفيذ تلك التطلعات.

والتغلب على انقلاب تلك المليشيات الارهابية يحتم على الجميع التمسك بقيم أكتوبر، وسبتمبر، والعمل بصورة تكاملية لإنجاز الاهداف الاساسية، وردع مشاريع العدوان، والتفتيت التي يقودها النظام الايراني.

ومن هذا المنطلق، أكد فخامة الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي، مراراً على ان الوحدة اليمنية، وحيثيات القضية الجنوبية وجهان لفكرة واحدة، وحلم واحد، وجهان لليمن الجمهوري التعددي، والنظام القائم على العدالة والمساواة، وسيادة القانون، مجدداً التزاماً رئاسياً باعتبار القضية الجنوبية أساساً للحل الشامل بموجب المرجعيات الوطنية، والإقليمية والدولية.