لقي القيادي في مليشيا الحوثي ، عبدالله أحسن الرصّاص، مصرعه في غارة أمريكية، استهدفته مع قيادي آخر وبضعة مرافقين أثناء تنقلهم بسيارة مدنية يوم الأربعاء الماضي بين مواقع عسكرية تابعة للميليشيا بمديرية مجزر، شمال غربي محافظة مأرب، طبقا لمصادر عسكرية يمنية لـ"إرم نيوز".

ويعدّ الرصّاص، المنتحل رتبة "مقدم"، أحد أبرز القيادات الأمنية المرتبطة بميليشيا الحوثيين "عقائديا" في محافظة مأرب، ولديه تاريخ حافل من الانتهاكات المرتكبة بحق المدنيين.

ولد عبدالله الرصاص، المكنى بـ"أبي محسن"، في قرية "الشرية" التابعة لمديرية بني حشيش الزراعية، المتاخمة من جهة الشرق للعاصمة اليمنية صنعاء، وتشرّب فيها الفكر "الطائفي السلالي" من أسرته، قبل انخراطه في صفوف الميليشيا لاحقا.

بعد فترة من انضباطه في صفوف المقاتلين "الحوثيين" عقب انقلابهم على الدولة اليمنية في عام 2015، عُيّن الرجل لاحقا مدير أمن لمديرية بني حشيش، في مكافأة حوثية، قبل أن تتوسع صلاحياته في الفترة التالية إلى ما يتخطى العمل الأمني، وبات بمثابة "مشرف" ميداني على المديرية الشهيرة بإنتاج أجود أنواع العنب اليمني.

خلال فترة توليه مسؤولية الأمن و"الإشراف" على مديريته لصالح ميليشيا الحوثيين، تحوّلت بني حشيش، التي يكدّ سكانها على العمل في القطاع الزراعي، إلى خزان بشري يرفد الميليشيا بالمقاتلين منذ سنوات الحرب الأولى، نظرا لقلة الوعي وغياب اعتماد مجتمعها على التعليم.

رجل القمع والانتهاكات

في ذلك الوقت، ارتبط اسم الرصّاص بممارسات قمعية وانتهاكات والاستيلاء على أراضي الغير، وعمل على إذكاء الفتن والصراعات الداخلية في مديريته، لاستعادة سيطرته على الوضع الأمني، مع تزايد تذمّر السكان من عدم عودة أبنائهم من الجبهات ومقتل معظمهم.

ومع تعيينه في السنوات الأخيرة مديرا لأمن مديرية مجزر، شمال غربي محافظة مأرب، نقل الرجل أسلوب القمع والبطش معه، وكان مسؤولا عن العديد من الانتهاكات والخطف والتعذيب لعشرات المسافرين اليمنيين، بين محافظتي مأرب وصنعاء.

ووفقا لمصادر يمنية لـ"إرم نيوز"، فإن تكليف الرصّاص بمهام أمنية في إحدى مديريات الطوق الحوثي الاستراتيجية على مدينة مأرب، مركز المحافظة النفطية، يعكس أهميته ومكانته القيادية في إحدى الجبهات المشتعلة منذ عام 2020، المرتبطة بالبوابة الشمالية الشرقية لمحافظة صنعاء، وأربع مديريات من محافظة الجوف، أقصى شمال البلاد.

وإلى جانب مسؤولياته الأمنية، ثمّة مهام أخرى مكلّف بها الرجل، ضمن قوام "القوة الصاروخية" التابعة لميليشيا الحوثيين، في مديرية مجزر بمأرب، التي استحدث "الحوثيون" فيها خلال الأعوام الأخيرة شبكات أنفاق لتخزين الأسلحة، ونصبوا في مرتفعاتها الجبلية منصات صاروخية وأنظمة مراقبة ومحطات للرادار، بحسب المصادر.

وأكدت مصادر عسكرية يمنية لـ"إرم نيوز"، أن القيادي الأمني في ميليشيا الحوثيين، عبدالله الرصّاص، قُتل مساء الأربعاء الماضي في هجمات أمريكية طالت مديرية مجزر بثلاث غارات جوية، استهدفت إحداها سيارة تنقلّه وإلى جواره قيادي آخر يُدعى حسن عبدالله الشريف، ومرافقيهما الثلاثة، ما أدى إلى مصرعهم على الفور.

تكتم حوثي

وضمن استراتيجية ميليشيا الحوثيين في التكتم على إعلان خسائرهم البشرية على المستوى القيادي، إثر الضربات الأمريكية، زعمت عناصر حوثية أن الرصّاص ورفيقه الشريف توفيا صباح أمس الجمعة بحادث مروري في مديرية مجزر، "أثناء عودتهما من المشاركة في فعالية جماهيرية" بمركز المديرية، غير أن تعازي ذويي وأقارب الضحايا ومعارفهم على مواقع التواصل الاجتماعي وصفتهم بـ"الشهداء في معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس"، وهي التسمية التي يطلقها "الحوثيون" على عملياتهم العسكرية خارج الحدود اليمنية.