مع الأسف فإن المكونات السياسية في اليمن تمارس الانتهازية السياسية في مواقفها بما يوافق مصالحها وليس مصلحة المواطن اليمني.

فإذا أخذنا مواقف أكبر خمسة مكونات على الساحة سنجد أنها تمارس ذلك، ويمكن أن نقيس بقية مواقف المكونات السياسية الأخرى بكل أطرافها على هذه المواقف:

أنصار الله الحوثيين يغمضون عيونهم عن كل السلبيات التي تحدث في مناطق سيطرتهم ويختلقون لها الأعذار والمبررات، بينما ينقدون بشدة ما يشابهها أو حتى ما يقل عنها في مناطق الحكومة الأخرى.

المجلس الانتقالي لا يرى عيوبه وتقصيره في عدن والمناطق التي يمارس فيها سلطة الأمر الواقع الخاصة به، ويعتبر أن مهمته إنما تتمثل بجمع الإيرادات فقط، أما الخدمات فهي على الحكومة التي يتملص من مسؤولياته فيها رغم أنه جزء منها.

المؤتمريون لهم في كل مكان موقف يتماهى مع السلطة التي هم مشاركون فيها، فمواقفهم في صنعاء تختلف عن مواقفهم في عدن، ومواقفهم في مارب تختلف عن مواقفهم في المخا، ومصالحهم هي التي تحكم كل ذلك.

اخبار التغيير برس

وتجمع الإصلاح يؤيد الاحتجاجات الشعبية التي تتم في مناطق السلطات الأخرى، لكنه يرفض تلك الاحتجاجات التي تتم في مناطق سيطرته ويسعى لمنعها.

أخيرا الحزب الاشتراكي تخضع مواقفه لطبيعة علاقته من سلطات الأمر الواقع هنا وهناك، فرغم تأييده للاحتجاجات في تعز، لكنه لا يؤيد الاحتجاجات المشابهة في عدن، أما في صنعاء فهو يرفع شعار: لا أرى لا أسمع لا أتكلم.

والمصيبة ليست في تلك المواقف فقط، لكنها أيضا في سعي كل طرف لتصوير مواقفه الانتهازية بأنها نضال من أجل المواطن، من غير أن يبرر لنا لماذا يتجزأ حقوق المواطن لديه سياسيا وجهويا.

والمؤلم أنك ستجد لكل مكون مصفقون يرون (الدلماغ) في عيون غيرهم ولا يرون (الرمد) في عيونهم، ما يجعلنا نقول: "عاد المراحل طوال، وعاد وجه الليل عابس".