تفاعلت دول مجلس التعاون الخليجي بسرعة مع انهيار نظام الأسد من خلال إصدار بياناتٍ علنية تدعم تطلعات الشعب السوري، وتدعو إلى احترام سيادة سوريا وسلامة أراضيها ووحدتها، وتحذر من الانزلاق إلى الفوضى.
وخلال انتفاضة الربيع العربي في سوريا، دعمت كل من السعودية والإمارات فصائل متنافسة من المعارضة المسلحة السورية.
ولكن بعد سنوات من إراقة الدماء والإحباط من معارضة منقسمة وصراع بدا وكأنه وصل إلى طريق مسدود، قررت الدول التعامل مع الواقع على الأرض عبر إعادة فتح القنوات الدبلوماسية في محاولة لانتزاع الأسد من دائرة النفوذ الإيراني ومعالجة أولويات أخرى، بما في ذلك الحد من تجارة الكبتاغون وتسهيل عودة اللاجئين السوريين.
و اليوم، يُلاحظ أن نفس البراغماتية التي قادت جهود التطبيع مع الأسد توجه الآن رد الفعل السعودي والإماراتي على إطاحته. ورغم أن السعودية، وبالأخص الإمارات، تشككان في نوايا المتمردين وتبديان قلقًا من الفوضى التي قد تصاحب تغيير النظام، إلا أنهما تبدوان مستعدتين للتكيف بسرعة مع الحقائق الجديدة في سوريا.
و في 14 ديسمبر/ كانون الأول، اجتمع وزراء خارجية السعودية والإمارات وقطر في الأردن مع نظرائهم العرب، وأصدروا بيانًا مشتركًا يدعم الانتقال السلمي والشامل في سوريا من خلال حوارٍ وطني شامل. كما تعهدوا بتقديم المساعدات والدعم للشعب السوري، في حين أدانوا الغارات الجوية الإسرائيلية والتوغلات في الأراضي السورية.
•السعي لتحقيق الاستقرار في سوريا
:
لا شك أن السعودية والإمارات تريان فائدة في توجيه ضربة أخرى لإيران و"محور المقاومة" في المنطقة. ومع ذلك، يبقى الشاغل الأساسي والفوري لهما في سوريا -وهو شاغل تشترك فيه قطر ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى- هو تحقيق الاستقرار. فلا ترغب أي دولة خليجية في رؤية سوريا تنحدر إلى اقتتال داخلي فوضوي يؤدي إلى تفتيت البلاد وامتداد تداعياته عبر الحدود، أو في ظهور نظامٍ إسلامي متشدد يسعى إلى التوسع الأيديولوجي والإقليمي. وتشعر دول الخليج بالحذر من التداعيات التي قد تزيد من زعزعة استقرار سوريا وجيرانها.
و تبدو الإمارات بشكلٍ خاص حساسة تجاه احتمالية ترسخ نظام إسلامي متشدد ذو طموحات إقليمية. وقد أبدت شكوكها بشكل علني، حيث صرح (أنور قرقاش)، المستشار الرئاسي، قائلاً: "إن طبيعة القوى الجديدة، وارتباطها بالإخوان المسلمين والقاعدة، هي أمور مثيرة للقلق."
ورغم ارتفاع المخاطر، فإن المكاسب المحتملة عالية أيضاً. و في أفضل السيناريوهات، يمكن للمتمردين تقاسم السلطة والإشراف على انتقال سلس نسبياً، مما قد يؤدي إلى ظهور حليف سني لدول الخليج في منطقة استراتيجية كانت تهيمن عليها إيران. و حتى الآن، أظهرت "هيئة تحرير الشام" (HTS) بقيادة (أبو محمد الجولاني) -الذي يستخدم الآن اسمه الحقيقي أحمد الشرع- خطاباً إيجابياً يدعو إلى الشمولية والحفاظ على مؤسسات الدولة. ولكن، يبقى السؤال ما إذا كان هذا الخطاب سيترجم إلى أفعال ملموسة مع مرور الوقت؟
•موقع قطر الفريد
:
على عكس السعودية والإمارات، لم تطبّع الدوحة علاقاتها مع نظام الأسد، بل اختارت الاستمرار في دعم المتمردين السوريين، بما في ذلك "هيئة تحرير الشام" (HTS). وكانت قطر الدولة الخليجية الوحيدة التي استضافت سفارة للمعارضة السورية. و بالتنسيق مع تركيا، تتمتع قطر بعلاقات وثيقة مع هيئة تحرير الشام وفصائل متمردة أخرى، وقد عرضت علنًا التوسط في حال اندلعت خلافات بين قوات المعارضة.
و تضع هذه الروابط الفريدة والموارد المالية الضخمة قطر في موقع قوي مجددًا للعب دور الوسيط الإقليمي. ومع ذلك، هناك مخاطر مرتبطة بالأولويات والمواقف المتباينة لجيران قطر وحلفائها، خاصة فيما يتعلق بموقفها من هيئة تحرير الشام ووضع الأكراد في سوريا. و من المرجح أن تتقدم قطر بحذر، لتجنب عودة التوترات مع دول مجلس التعاون الخليجي.
•ردود متباينة في اليمن
:
في اليمن، رحبت الحكومة المعترف بها دوليًا بسقوط نظام الأسد، مهنئة الشعب السوري على عودته إلى الصف العربي ورفضه "الوصاية الإيرانية الأجنبية". وأعلن رئيس مجلس القيادة الرئاسي (رشاد العليمي)، أن الوقت قد حان الآن لإيران أن "ترفع يدها عن اليمن".
و من جهة أخرى، كان موقف الحوثيين المعروفين شعبيًا بأنصار الله مختلفًا تمامًا، حيث دعمت الحركة منذ فترة طويلة نظام الأسد. وفي خطاب حماسي بتاريخ 12 ديسمبر/ كانون الأول، حاول زعيمهم (عبد الملك الحوثي) تحويل الانتباه نحو غزة، مؤكدًا التزام الحوثيين الثابت بالدفاع عن فلسطين. واعتبر التطورات في سوريا وأماكن أخرى جزءًا من "مؤامرة أميركية-إسرائيلية" تهدف إلى إضعاف المنطقة.
•تداعيات غير واضحة لسقوط نظام الأسد على اليمن
:
لا يزال من غير الواضح ما إذا كان لسقوط نظام الأسد تأثير مباشر على اليمن.
وعلى المستوى العام، يُنظر إلى الضربة التي تلقتها إيران على أنها تجعل الحوثيين في وضع هش. ونتيجة لذلك، يستغل مؤيدو الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا الفرصة للدعوة إلى التحرك السريع ضد ما يبدو بشكل متزايد أنه العقدة الأضعف في محور المقاومة، قبل أن تتحول إلى تهديد أكبر.
ومع ذلك، من غير المؤكد ما إذا كانت هذه الدعوات ستترجم إلى خطوات عملية، خاصة في ظل انقسام الحكومة وحاجتها إلى دعم عسكري لاستئناف القتال الذي توقف إلى حد كبير منذ هدنة بوساطة الأمم المتحدة في عام 2022.
ولا ترغب السعودية ولا الإمارات في العودة إلى الحرب، كما أن موقف الإدارة الأميركية الجديدة لا يزال غامضًا.
وهناك أيضًا احتمال أن تحول إسرائيل اهتمامها نحو اليمن، خاصة في ظل استمرار هجمات الحوثيين على الأراضي الإسرائيلية.
أما فيما يتعلق بتصور الحوثيين لمواطن ضعفهم، فذلك غير واضح أيضًا. وحتى الآن، ضاعفت الجماعة من هجماتها على إسرائيل -والتي تمنحها شعبية داخلية ولكنها تلحق أضرارًا محدودة بتل أبيب- واستهدفت السفن في البحر الأحمر، مع تصعيد الخطاب المعادي للولايات المتحدة. و قد يرى البعض داخل الجماعة أن التطورات الإقليمية تمثل فرصة بل وواجبًا لمحاولة تأكيد دور قيادي في محور المقاومة، وبالأخص في مواجهة إسرائيل والتأثير الغربي في المنطقة، رغم أن هذه الطموحات ستتأثر باستعداد إيران لمواصلة دعمها. و في المقابل، قد يرى آخرون ضرورة استثمار المكاسب المحققة في أسرع وقت ممكن وتركيز الجهود على التوصل إلى اتفاق سلام يمني.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
ينتظر 40 مليون يمني يوم الأربعاء القادم وبفارغ الصبر، حيث سيشهد هذا اليوم الموافق 25 من شهر ديسمب
تمكنت القوات المشتركة اليوم من تنفيذ ضربات مدفعية دقيقة استهدفت مواقع ميليشيات الحوثي المدعومة من
في تعليق مثير على الضربة الجوية التي استهدفت العاصمة صنعاء، أكد المحامي محمد المسوري عبر حسابه ال
عاجل: نتنياهو يتوعد بالقضاء على الحوثيين ويحدد الأهداف العسكرية التي سيتم استهدافها في صنعاء
تصاعدت التحركات العسكرية الميدانية في اليمن، تزامنًا مع لقاءات سياسية مكثفة وتصريحات إعلامية متوا
شهدت العاصمة صنعاء انفجارات عنيفة مساء السبت جراء غارات نفذها سلاح الجو التابع للقوات الأمريكية استه