تفاصيل الخبر | اهم الاخبار
‏مَعَ المُناضِلِ
90 قراءة  |

‏رأيته أول مرة في بيت الزعيم صالح، يرحمه الله. كان اللقاء مثقلًا بجدلٍ صامت حول هوية حفّاري النفق الذي امتد تحت منزله، ذلك النفق الذي صار حديث المجلس. سألت الزعيم يومها بجرأةٍ تفوق صمتي المعتاد: “من حفر النفق؟”

‏نظر إليّ صالح مليًا، نظرةً ليست كالنظرات. كأن عينيه تحملان العتاب والدهشة معًا، عتابٌ على السؤال، ودهشةٌ من جرأته. كانت لحظات ثقيلة، والصمت يزحف على المجلس، لم يكسرها سوى صوت نافورةٍ يتسرب من النافذة الزجاجية الواسعة. خلف النافذة كانت هناك حديقة بسيطة، كأنها جزءٌ من عالمٍ ماضٍ، صممها مهندس يجهل لغة التفاصيل.

‏في تلك اللحظة، كان “صغير بن عزيز” يجلس في مواجهة الزعيم، ظهره للنوافذ والنافورة، بثوبه القبلي الذي بدا وكأنه قطعةٌ من المكان نفسه. جامدٌ في حضوره، لكنه متوثب في كل ما يمس قضيته، خاصةً إذا كان الحديث عن الميليشيا الخوثية، التي خاض ضدها معارك لا تعرف الهدنة. كان صغيرٌ يشبه رجالاتٍ من زمنٍ قديم، رجالات الحزم الذين لا يعرفون التصالح مع الخيانة، ولا الانحناء للخصم.

‏عدت بنظري إلى الزعيم، كان بيننا ثلاثة متكئاتٍ وثلاثة وجوه: حسن اللوزي، أنا، وعلي حسن الشاطر. ثم جاء صوت صغير، كسر الصمت الطويل. أشار بيده اليمنى نحو الزعيم، جسده انحنى للأمام قليلًا، كأن الحركة نفسها تحمل ثقلًا من الإصرار، وقال بصوتٍ حازم: “إنهم الحوثيون.”

‏كررها مرتين أو ثلاثًا، ثم ختمها بقوله: “وهو يعلم ذلك.”

‏حينها، رأيت شيئًا أشبه بابتسامة ترتسم على شفتي الزعيم. لم تكن ابتسامةً كاملة، لكنها كادت تكون ضحكة. اهتزت كتفاه قليلًا، ويده تمسك عصا خيزران يحبها. وكأن تلك العصا تحمل أسرارًا لا يفشيها إلا في حضرةٍ كهذه.

‏من الجانب الأيمن، انفجر صوتٌ غاضب. الشيخ الجديد أمين عاطف تفوّه بشتيمة قاسية ضد الخوثيين، فاهتزّ لها المجلس. كان الزعيم، بأدبه المعتاد، يتأسف لهذه الألفاظ، يحاول أن يُخفّف من وطأتها دون أن يهين قائلها. غير أن أمين عاطف، بعد هذا الموقف، تراجع إلى زاوية المجلس كطفلٍ خجل من نظرات المعاتبين.

‏بعد ساعتين، عندما هبطنا إلى مقيل السليمانية، كان أمين يحاول التقرب من الزعيم. اقترب منه ومدّ يده قائلاً: “إدي لي قات.” أعطاه الزعيم بيدٍ ودودة، وفي عينيه نظرة محبةٍ تحمل شيئًا من السخرية الخفية. بدا وكأنه يستلطف جرأة هذا الشيخ العنيف، رغم فوضويتها.

‏تذكرت هذا المشهد وأنا أقلب صور هاتفي بمناسبة اقتراب ذكرى انتفاضة ديسمبر. وجدت صورةً تجمعني باللواء صغير بن عزيز، قبل أن يصبح فريقًا، ومعنا الشهم المهذب د. عبداللطيف هرمس، ، أحسست وكأنها صورة تعيدني إلى تلك اللحظات، حيث كان صغير بن عزيز صديقًا للجميع، قبل أن يبدأ في الإجابة عن سؤال النفق فيقود إلى قصصٍ لم تنتهِ، كأنما اختفى في “صحن الجن” وتركنا نبحث عنه في سراديب الذكريات.

‏وللحديث بقيّة.

‏⁧‫#سام الغباري

تعليقات الفيس بوك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك
جهينة يمن | 770 قراءة 

السعوديه تعلن القبض على مقيم يمني ومواطنين بعد ظهورهم في محتوى مرئي فماذا فعلوا


وطن نيوز | 601 قراءة 

توقع محلل سياسي يمني، سقوط العاصمة صنعاء من قبضة مليشيا الحوثي، بما سقطت به في 2014 في قبضتها، مؤكدً


جهينة يمن | 520 قراءة 

هل ستوقف اليمن عملياتها العسكرية ضد الكيان الصهيوني بعد إتفاق حماس والكيان الحوثي يجيب على السؤال.


اليمن السعيد | 515 قراءة 

تحذير من صنعاء للإمارات


المشهد اليمني | 472 قراءة 

تسود حالة من الترقب في أوساط سكان المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين عقب أعلان التوصل لاتفاق لوقف ال


العربي نيوز | 462 قراءة 

خص رئيس حركة "حماس" في قطاع غزة ورئيس وفدها للمفاوضات، الدكتور خليل الحية، في اول خطاب له عقب تنصي


وطن الغد | 452 قراءة 

أصدرت جماعة الحوثي بيانًا حول وقف إطلاق النار في غزة، أشادت فيه بصمود الفلسطينيين والمقاومة


اليمن السعيد | 438 قراءة 

لمن ينطبق عليهم شرط واحد فقط...الجوازات السعودية تعلن رسمياً عن منح المقيمين حق الاقامة لمدة عشر سنو


نيوز لاين | 427 قراءة 

خبر سارة للمغتربين … من ميناء الوديعة البري..تفاصيل


شمسان بوست | 401 قراءة 

شمسان بوست / خاص: أكد الأكاديمي والمحلل السياسي السعودي، الدكتور نمر السحيمي، أن اليمن يتجه نحو مرحل