البلاد الان: خاص
في قلب الجغرافيا العربية، وعلى امتداد تاريخٍ طويلٍ من التفاعل الإنساني والسياسي والعسكري، تتجسد العلاقة بين المملكة العربية السعودية والجمهورية اليمنية بوصفها علاقة مصيرٍ مشترك وأخُوّةٍ راسخة، لم تكن يومًا علاقة مصالح عابرة، بل شراكة تاريخية تعمّدت بالتضحيات وامتزجت بالدم في محطات مفصلية من تاريخ المنطقة.
ترتبط السعودية واليمن بروابط تتجاوز حدود السياسة إلى عمق التاريخ والهوية ،فالتداخل الاجتماعي والقبلي، وحركة الهجرة والعمل، والامتداد الثقافي والديني، شكّلت على الدوام نسيجًا واحدًا يصعب فصله، هذه الروابط جعلت من أمن اليمن جزءًا لا يتجزأ من أمن السعودية، ومن استقرار المملكة عاملًا حاسمًا في استقرار اليمن والمنطقة بأسرها.
مع اندلاع الأزمة اليمنية، برزت المملكة العربية السعودية بوصفها الداعم الإقليمي الأبرز لليمن، انطلاقًا من قناعة راسخة بأن انهيار الدولة اليمنية لا يهدد اليمنيين وحدهم، بل يفتح أبواب الفوضى أمام أمن الخليج والجزيرة العربية، ومن هذا المنطلق، جاء الموقف السعودي داعمًا للشرعية اليمنية وللقيادة السياسية ممثلة بفخامة الرئيس الدكتور رشاد العليمي، وساعيًا إلى منع تحول اليمن إلى منصة تهديد إقليمي.
لم تكن مواقف السعودية تجاه اليمن سياسية فحسب، بل كانت مواقف عملية دفعت ثمنها دماء جنودها، إلى جانب دماء اليمنيين، في مواجهة مشروع الفوضى والانقلاب والمشروع الإيراني ،وقد امتزجت هذه التضحيات في معركة واحدة، عنوانها الدفاع عن الدولة اليمنية، وحماية الأمن القومي العربي، والتصدي للمشاريع العابرة للحدود التي استهدفت اليمن والسعودية معًا.
إلى جانب الدور السياسي والعسكري، شكّل الدعم الإنساني والإغاثي السعودي أحد أبرز أوجه العلاقة الأخوية، حيث قدّمت المملكة عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية والبرنامج السعودية لتنمية وأعمار اليمن دعمًا واسعًا شمل الغذاء والصحة والتعليم والإغاثة الطارئة، في واحدة من أكبر عمليات الدعم الإنساني لليمن على مستوى العالم ويقدر إجمالي قيمة المساعدات: 4,683,692,127 مليار دولار ،إجمالي المشاريع: 1,178 مشروع ،قطاع الصحة: 671 مشروع ،الأمن الغذائي والزراعي: 149 مشروع ،الإيواء والمواد غير الغذائية: 65 مشروع.
،الأمن والحماية: 63 مشروع.،المياه والإصحاح البيئي: 53 مشروع ،قطاع التعليم: 50 مشروع ،التعافي المبكر: 36 مشروع.
اليوم، ومع تعقّد المشهد الإقليمي جددت التأكيد المملكة ترسيخ هذه العلاقة على أسس الشراكة الاستراتيجية طويلة المدى وإلى الأبد، القائمة الالتزام بأمن اليمن واستقراره وسيادته ودعم الرئيس اليمني فخامة الرئيس الدكتور رشاد العليمي وحكومته،ودعم الدولة اليمنية ومؤسساتها، وتمكين اليمن من استعادة عافيته السياسية والاقتصادية، بما يضمن وحدة اليمن و أمنه واستقراره وسيادته واستقلاله وسلامة أراضيه ومواطنيه ،ويعزز أمن السعودية والمنطقة.
إن العلاقة بين السعودية واليمن ليست خيارًا سياسيًا قابلًا للتبدّل، بل حقيقة تاريخية ومصير مشترك فرضته الجغرافيا وكرّسته الأخوّة والتضحيات، وفي زمن التحولات الكبرى، تبقى هذه العلاقة ركيزة أساسية لاستقرار المنطقة، ورسالة واضحة بأن الدم الذي امتزج دفاعًا عن المصير الواحد، لا يمكن أن تفرّقه تقلبات السياسة أو عواصف الأزمات.
تعليقات الفيس بوك
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news