من الجباية العشوائية إلى الخزينة المغلقة.. كيف تبني مليشيا الحوثي اقتصاد الإكراه؟

     
تهامة 24             عدد المشاهدات : 30 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
من الجباية العشوائية إلى الخزينة المغلقة.. كيف تبني مليشيا الحوثي اقتصاد الإكراه؟

أفادت مصادر مطلعة في صنعاء بأن مليشيا الحوثي الإرهابية شرعت، خلال الأسابيع الماضية، في تنفيذ آلية مركزية جديدة لإدارة الإيرادات، أنهت فعليًا نمط الجبايات الميدانية العشوائية، واستعاضت عنه بمنظومة مالية مغلقة تُدار عبر مكتب اقتصادي مرتبط مباشرة بالقيادة العليا للمليشيا.

وأوضحت المصادر، التي تحدثت لـ«إرم نيوز» وفضّلت عدم الكشف عن هويتها لدواعٍ أمنية، أن الآلية المستحدثة تُجبر جميع الجهات المحلية، من مكاتب الضرائب والجمارك إلى شركات الوقود والاتصالات، على تحويل الإيرادات إلى قنوات مالية محددة، بعيدة عن أي رقابة مستقلة أو معايير شفافية ومحاسبة.

وبحسب المصادر، فإن الهدف من هذه الخطوة لا يتعلق بتنظيم الموارد أو توجيهها لخدمة المجتمع، بل بتأمين أموال النهب وضمان تدفقها المنتظم، في مؤشر على انتقال مليشيا الحوثي من مرحلة تمويل الحرب إلى ترسيخ السيطرة عبر اقتصاد قسري مغلق.

وفي هذا السياق، يشرح الباحث اليمني سالم الحيمي لـ«إرم نيوز» أن الحوثيين اعتمدوا لسنوات على ما سُمي بـ«المجهود الحربي» لفرض رسوم وضرائب استثنائية، إلا أنهم يسعون اليوم إلى تطبيع هذه الجبايات وإدخالها ضمن بنود مالية دائمة تُحصّل تحت مسميات ضريبية أو خدمية، بينما هي في الواقع استيلاء قسري على دخول الأفراد والتجار.

ويتقاطع هذا التوصيف مع تقارير اقتصادية دولية أكدت أن الضرائب والرسوم باتت تمثل العمود الفقري لإيرادات المليشيا، وتشمل ضرائب دخل غير قانونية، ورسومًا على المحال التجارية والعقارات، وضرائب مبيعات على الوقود والسجائر، فضلًا عن جبايات مفروضة على الواردات.

ويرى الحيمي أن هذا التحول لا يعكس بناء مؤسسات، بل تغوّل المليشيا على ما تبقى من الاقتصاد المحلي.

وتؤكد مصادر إعلامية يمنية مطلعة أن الأزمات المتكررة في الوقود لا تعود دائمًا إلى نقص حقيقي، بل تُدار في أحيان كثيرة لرفع هوامش الربح، وفرض رسوم إضافية، وإجبار السوق على القبول بأسعار مفروضة بالقوة.

وتشير تقديرات توصل إليها صحفيون استقصائيون يمنيون إلى أن عوائد الوقود والجبايات المرتبطة به بلغت مليارات الدولارات خلال سنوات قليلة، وتُستخدم لتمويل الشبكات الأمنية والعسكرية، لا لتحسين الخدمات أو صرف الرواتب.

وبهذا المعنى، يتحول الوقود من مورد حرب إلى سلاح مالي، حيث يُكافأ الملتزمون بالتوريد، ويُعاقَب المعترضون بالحرمان.

كما تلعب الموانئ الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي دورًا محوريًا في هذا الاقتصاد القسري.

وتوثق تقارير لمراكز أبحاث يمنية ودولية أن موانئ البحر الأحمر تحولت إلى مصدر دخل يومي عبر الجمارك والضرائب والرسوم غير المعلنة، خصوصًا على الوقود والسلع الأساسية.

وينقل مصدر استقصائي عن فعاليات اقتصادية يمنية أن ما جُمِع من ضرائب وجمارك خلال فترة زمنية محدودة بلغ مئات الملايين من الدولارات، فيما تشير تقديرات أوسع إلى أرقام أعلى عند احتساب الرسوم غير الرسمية.

غير أن الأخطر، وفق المصادر، أن هذه الأموال لا تدخل أي موازنة عامة، ولا تُوجَّه لخدمات، بل تُدار ضمن شبكة مغلقة لا يُعرف حجمها الحقيقي ولا أوجه إنفاقها.

ولم يتوقف تمدد المليشيا عند الوقود والموانئ، إذ بات القطاع الخاص هدفًا مباشرًا.

وتنقل مصادر استقصائية عن تجار في صنعاء تصاعد الضغوط عليهم عبر فرض شراكات قسرية، وغرامات مفاجئة، وإغلاق محال بحجج ضريبية أو أمنية.

كما وثقت تقارير محلية حوادث عنف وابتزاز طالت رجال أعمال، وأسفرت عن خسائر بمليارات الريالات، في بيئة تدفع المستثمرين إلى الاختيار بين الخضوع أو الخروج من السوق.

وبحسب هذه الشهادات، يُعاد تشكيل الاقتصاد ليصبح محكومًا بشبكة موالية للمليشيا، بينما يُدفع المستقلون إلى الهامش أو الإفلاس.

وإلى جانب الوقود والموانئ، تعمل مليشيا الحوثي الإرهابية على تنويع مصادر النهب عبر قطاعات عالية السيولة وضعيفة الشفافية.

وتشير تقارير بحثية إلى الأهمية المتزايدة لقطاع السجائر كمورد ضريبي وربحي، وإلى سيطرة المليشيا على قنوات استيراده وتوزيعه بما يدر أرباحًا كبيرة.

أما قطاع الاتصالات، فيُنظر إليه كخزان مالي وأمني في آن واحد، حيث أتاح الانقسام المؤسسي وغياب الرقابة فرض رسوم إضافية، وتحويل هذا القطاع إلى أداة جباية صامتة، فضلًا عن استخدامه في المراقبة والتحكم.

ويرى الباحث سالم الحيمي أن ما يجري في صنعاء لا يمكن توصيفه ببناء دولة، بل بتأسيس منظومة جباية مسلحة، موضحًا أن الحوثيين لا يقيمون مؤسسات خاضعة للقانون، بل يحصّنون اقتصادًا قائمًا على الإكراه، يموّل سلطتهم ويطيل أمد الصراع.

وتحذر المصادر في صنعاء من أن الخطر الأكبر يكمن في أن هذا الاقتصاد القسري قد يمنح مليشيا الحوثي قدرة على الصمود دون حرب مفتوحة، لكنه في المقابل يعمّق الفقر، ويخنق المجتمع، ويجعل أي تسوية سياسية مستقبلية مرهونة بقطع شرايين المال غير المشروع.

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

تجدد القصف السعودي الليلة

كريتر سكاي | 1255 قراءة 

“رشاد العليمي” يتقدم بطلب لقوات التحالف باتخاذ كافة التدابير العسكرية لفرض التهدئة في حضرموت

بران برس | 1085 قراءة 

عاجل.. أول تعليق للمجلس الانتقالي على طلب الرئيس العليمي بـ(التدخل العسكري)

موقع الأول | 844 قراءة 

بقرار من الرئيس الزُبيدي.. قيادي في المجلس الانتقالي يزف بشرى سارة

موقع الأول | 691 قراءة 

بريطانيا تكسر صمتها.. تصريح مفاجئ لوزير الدولة البريطاني حول أحداث حضرموت والمهرة 

موقع الأول | 567 قراءة 

أمريكا تعلن موقفها من الامارات والسعودية من الأحداث بحضرموت

مراقبون برس | 510 قراءة 

ضاحي خلفان يوجه أول صفعة للإنتقالي ويؤكد ان لابديل عن هذا الأمر!

يمن فويس | 505 قراءة 

باعوم يفجرها ويؤكد عدم انسحاب القوات من حضرموت

كريتر سكاي | 491 قراءة 

هل مات (زعيم الحوثيين)؟!!.. فجوة زمنية في خطابه المسجل الأخير لأحداث كبرى!

موقع الأول | 469 قراءة 

محلل عسكري: تراجع العليمي يمنح خصوم الجمهورية فرصة ذهبية

نيوز لاين | 466 قراءة