يمن إيكو|أخبار:
قالت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية إن تعاوناً “هادئاً” بين إسرائيل ودول الخليج والهند يتزايد على مستوى التكنولوجيا الدفاعية والبنى التحتية لسلاسل التوريد، وذلك بهدف مواجهة التحديات التي صنعتها أحداث البحر الأحمر خلال العامين الماضيين.
ونشرت الصحيفة، اليوم الخميس، تقريراً رصده وترجمه موقع “يمن إيكو”، جاء فيه أن “أزمة البحر الأحمر سرّعت تعاوناً وظيفياً هادئاً ومهماً في مجال تكنولوجيا الدفاع والبنية التحتية الحيوية بين إسرائيل ودول الخليج والهند”.
وأوضح التقرير أن “أزمة البحر الأحمر أبرزت نقطة ضعف هيكلية بالنسبة لإسرائيل، فباعتبارها اقتصاداً قائماً على التكنولوجيا ومتجذراً بعمق في سلاسل التوريد العالمية، تعتمد إسرائيل على اتصال بحري ورقمي آمن يتجاوز حدود جوارها المباشر، ويتجه قطاعها التقني الدفاعي- الذي يشمل الأمن السيبراني، وأجهزة الاستشعار، والمراقبة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، وحماية البنية التحتية الحيوية- بطبيعة الحال نحو التحديات التي تتداخل فيها المجالات المادية والرقمية، ويُعد البحر الأحمر مثالاً واضحاً على هذا النوع من التحديات”.
وبحسب التقرير فإنه “لا يوجد تحالف أمني رسمي يربط إسرائيل والخليج والهند في البحر الأحمر، فالقيود السياسية والحساسيات الإقليمية والمواقف الدبلوماسية المتباينة تُصعّب التنسيق العلني. ومع ذلك، يستمر التعاون مدفوعاً بنقاط الضعف المشتركة لا بالخطابات المشتركة”.
وأضاف أن هذا التعاون “يتخذ شكل تفاعل يركز على التكنولوجيا، ويتمثل في تعزيز الوعي بالمجال البحري، وحماية البنية التحتية الحيوية، والمرونة السيبرانية، وأمن الخدمات اللوجستية، وتقنيات الدفاع ذات الاستخدام المزدوج، حيث تحل آليات تبادل المعلومات، وتطوير القدرات المتوازية، والمعايير المتقاربة، محل الأطر القائمة على المعاهدات بشكل غير مباشر”.
واعتبر التقرير أن “هذا التوافق الهادئ لا يعد حلاً مؤقتاً بل استجابة هيكلية لبنية سياسية، ففي عصرٍ غالباً ما يكون فيه التطبيع العلني أصعب من التعاون الفعال، توفر تكنولوجيا الدفاع منصة مرنة سياسياً لتحقيق هذا التوافق”.
وبحسب الصحيفة فإن هذا التعاون “يسرع من وتيرة تنفيذ مبادرات الربط، مثل الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، حتى في غياب احتفالات رسمية أو زخم سياسي، حيث يُصبح أمن البنية التحتية شرطاً أساسياً للتكامل الاقتصادي”.
وأضافت: “يُعيد هذا التعاون صياغة مفهوم البحر الأحمر باعتباره حلقة وصل بين الشرق الأوسط ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ، بدلاً من كونه حدوداً فاصلة بين المنطقتين. ويتماشى هذا المنظور بشكل وثيق مع الرؤية الاستراتيجية الهندية للعالم، ويحظى بتأييد متزايد من المخططين في دول الخليج وإسرائيل”.
وأوضحت أنه “في خضمّ ضجيج التهديدات الصاروخية والانتشار البحري، يجري تحوّل أكثر هدوءاً وهو ظهور اتصال وظيفي مدفوع بتقنيات الدفاع يربط إسرائيل والخليج والهند، وقد لا يتم تسليط الضوء على هذا التقارب سياسياً، ولكنه ذو أهمية استراتيجية بالغة، ففي عصر يتسم بهشاشة البنية التحتية والترابط التكنولوجي، قد تكون الشراكات الأكثر استدامة هي تلك التي لا تقوم على التصريحات بل على الأنظمة”.
ومع ذلك، أشار التقرير إلى أن “هذا الترابط الناشئ في مجال تكنولوجيا الدفاع لا يخلو من ثغرات هيكلية، فبينما يتقدم التنسيق الوظيفي بين إسرائيل ودول الخليج والهند بهدوء، إلا أنه يعمل في ظل توترات سياسية وأمنية لم تُحل بعد، مما يحد من عمقه واستدامته، فقد أدى الصراع العسكري المستمر في غزة والخسائر الفادحة في صفوف المدنيين إلى تجميد عمليات التطبيع الرسمية، لا سيما بين إسرائيل والسعودية، ويُخلف هذا الوضع فجوة ثقة مستمرة، وهي أن التعاون قد يستمر على المستويين التقني والعملياتي، ولكن في غياب أسس سياسية راسخة، يبقى الانتقال من التنسيق المؤقت إلى الشراكة الاستراتيجية المؤسسية مقيداً”.
واعتبر أن “السؤال ليس ما إذا كان التعاون في مجال تكنولوجيا الدفاع ممكناً في ظل هذه الظروف؛ فهو ممكنٌ بلا شك، بل ما إذا كان قادراً على التوسع والتنويع والاستمرار بدون صدمات سياسية دورية”.
وبحسب التقرير فإن “هناك نقطة ضعف ثانية في البنية التحتية المادية التي تدعم هذا الربط، فميناء حيفا الإسرائيلي، الذي يعد مركزاً حيوياً للممرات الناشئة العابرة للأقاليم مثل الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، يواجه ضغوطاً أمنية غير مسبوقة، حيث يثير التهديد المستمر الذي تشكله ذخائر حزب الله الموجهة بدقة وقدراته في مجال الطائرات المسيّرة تساؤلات مقلقة ولكن لا مفر منها حول مرونة البنية التحتية، وبالنسبة للجهات المعنية في الخليج والهند التي تُقيّم الاستثمار والتكامل على المدى الطويل، فإن موثوقية المراكز الإسرائيلية ليست مصدر قلق نظري، بل هي عامل خطر أساسي، وإذا لم يكن بالإمكان ضمان استمرارية العمليات بشكل موثوق، فقد يبدو منطق إنشاء جسر متكامل بري وبحري وبيانات أقرب إلى مقامرة محسوبة وليس فرصة استراتيجية”.
واعتبر التقرير أن “هذه الثغراتُ لا تلغي التحالفَ الناشئ، بل تُشكّله، فبدلاً من أن تُؤدّي إلى الانعزال، تُعزّز هذه الثغراتُ تفضيلَ التعاون الهادئ والمرن، الذي يُركّز على التكرار والمرونة والتخفيف التكنولوجي، بدلاً من الالتزامات السياسية البارزة، وبهذا المعنى، فإنّ نقص الثقة ومفارقة المرونة ليسا عائقين أمام التواصل، بل هما سمتان أساسيتان لتطوره الحالي”.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news