مشاهدات
قالت منظمة سام للحقوق والحريات إن التطورات الأمنية والعسكرية التي شهدتها محافظتا حضرموت والمهرة خلال ديسمبر الجاري رافقتها انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، مؤكدة أن ما جرى يعكس مرحلة متقدمة من تآكل سلطة الدولة وتوسّع نفوذ تشكيلات مسلّحة تعمل خارج الإطار الدستوري والقانوني.
وأوضحت المنظمة، في تقرير حقوقي موسّع بعنوان «لا أحد يحمي الضحايا»، أن هذه الوقائع تأتي في سياق ممتد منذ عام 2017 مع بروز تشكيلات مسلّحة موازية وتعثر دمجها وإعادة هيكلتها، مشيرة إلى أن محاولات توحيد القيادة بعد إنشاء مجلس القيادة الرئاسي لم تُحدث اختراقاً حاسماً في ظل بقاء سلاسل قيادة منفصلة وتحول مناطق نفوذ إلى سلطات أمر واقع.
وبيّن التقرير أن فريق الرصد اعتمد منهجية متعددة المصادر شملت مقابلات مع ضحايا وشهود عيان، ومراجعة وثائق وبيانات رسمية، وتحليل مواد مفتوحة المصدر ومقاطع مصوّرة جرى التحقق منها، إلى جانب الاستعانة بخبراء في القانون الدولي الإنساني والتحقق الرقمي.
وأرجعت المنظمة جذور التوتر إلى استمرار وجود تشكيلات مسلّحة خارج وزارتي الدفاع والداخلية وتعطّل تنفيذ الترتيبات الأمنية والعسكرية المنصوص عليها في اتفاق الرياض، لافتة إلى انتقال نوعي في نمط السيطرة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2025 شمل انتشاراً واسعاً في وادي حضرموت، وإزاحة وحدات حكومية، والسيطرة على مرافق مدنية ومقار رسمية.
وأشار التقرير إلى تداخل أطراف عدة على الأرض، بينها قوات حكومية نظامية، مقابل تشكيلات مسلّحة غير خاضعة فعلياً للمؤسسات الرسمية، من بينها قوات مرتبطة بالمجلس الانتقالي الجنوبي وتشكيلات محلية ذات طابع قبلي أبرزها “قوات حماية حضرموت”.
وتناول التقرير حملة اتهامات إعلامية طالت المنطقة العسكرية الأولى تتعلق بتهريب مخدرات وأسلحة، موضحاً أن مراجعة المواد المتداولة لم تُظهر أدلة موثوقة قابلة للتحقق، وبقيت في إطار الخطاب السياسي والإعلامي.
ووَثّقت المنظمة وقائع قتل خارج نطاق القانون واحتجازاً تعسفياً ونهباً واسعاً للممتلكات العامة والخاصة، وانتهاك حرمة المساكن، والاستيلاء على مرافق مدنية، ما خلق حالة خوف واضطراب مجتمعي واسع.
كما أشار التقرير إلى اقتحام منازل ومقار حكومية ومدنية في وادي حضرموت ومدينة سيئون، ونهب ممتلكات نحو 450 أسرة، إضافة إلى شهادات عن نهب منازل في مدينة القطن وإجبار السكان على مغادرتها، وما ترتب على ذلك من نزوح قسري وآثار نفسية شديدة.
وفي ما يخص الاعتقالات، وثّق التقرير مداهمات واحتجازات تعسفية في سيئون والشحر دون أوامر قضائية، محذّراً من مخاطر الإخفاء القسري، إلى جانب رصد حملات رقمية تحريضية وتهديدات طالت صحفيين ونشطاء.
كما قدّم التقرير بيانات عن نزوح قسري لنحو 374–375 أسرة من وادي حضرموت إلى محافظة مأرب، مع نقص الخدمات الأساسية وآثار إنسانية ونفسية واجتماعية حادة، مشيراً إلى احتمال إثارة مسؤوليات جنائية فردية أو قيادية وفق القانون الدولي.
وانتقدت المنظمة غياب موقف واضح من وزارة حقوق الإنسان، ودعت إلى تهدئة فورية ووقف فرض الوقائع بالقوة، وفتح تحقيقات مستقلة ومحايدة، وحماية الضحايا والشهود، وتوحيد القوات تحت قيادة رسمية خاضعة للرقابة، وضمان وصول المساعدات الإنسانية وجبر الضرر.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news