محمد الصلاحي
لا أرى ولا يوجد أي احتمال في أن يتنازل المجلس الانتقالي الجنوبي عما حققه عسكريا وسياسيا، وهذا مطلب شعبي قبل كل شيء، وربما هو مقدم وبشكل أُحادي على ما هو أكبر، وبالتالي ترك الشرعية وحدها تنازع فشلها في مختلف الجوانب، بعد عشر سنوات من الصبر على وجودها دون نتيجة منها، والطريقة الوحيدة التي تضمن للشرعية استمرار التوافق المرحلي بين مكوناتها، واستكمال سير العملية السياسية والعسكرية لمواجهة الانقلاب الحوثي، هي في السماع لمطالب المجلس الانتقالي ممثل شعب الجنوب، باعتباره القوة المسيطرة على 90% من الأرض المحررة.
لدى الانتقالي كامل الحق في اشتراط الاتفاق المسبق عن كيفية حل وتنفيذ مشروعه السياسي المفوض به شعبيا والمتمثل في "استعادة دولة الجنوب"، قبل المضي في استكمال أي مسار سياسي وعسكري لمواجهة انقلاب الحوثي، خاصة وهو يرى الشركاء الشماليين في السلطة الشرعية يحاولون القفز على حقوقه السياسية والتنكر لها، وهم في حالة ضعف، فكيف إذا اشتد عودهم وقوتهم، وفي هذا لا يمكن أن يقبل الانتقالي بأقل الحلول ولا تجزئتها، ولا حتى الاتفاق عليها دون الشروع في تنفيذ أولى خطواتها، فما هي الفكرة الأنسب للحل والتي قد يشترط الانتقالي البدء في تنفيذها قبل القبول في استمرار العمل المشترك مع مكونات الشرعية الأخرى لإنهاء الانقلاب الحوثي؟
الفكرة الأنسب للحل تكمن في التالي:
١- إعلان مرحلة انتقالية من خمس سنوات بين الجنوب والشمال.
٢- إعلان إقليم جنوبي فيدرالي في المرحلة الانتقالية، كل محافظة فيه تمثل ولاية مستقلة محليا، وللإقليم رئاسة وحكومة فيدرالية تشمل كل ولايات الإقليم الجنوبي لإدارة الجنوب سياسيا وعسكريا وأمنيا واقتصاديا، والاتفاق جنوبا على أن يكون لكل ولاية جنوبية حكومة محلية لإدارة الجانب الإداري والخدمي.
٣- تشكيل حكومة حرب اتحادية مصغرة بين الشمال والجنوب، ومجلس رئاسة للدولة، وللانتقالي حق تمثيل الجنوب في الحكومة الاتحادية ومجلس الرئاسة بالمناصفة مع بقية مكونات الشرعية شمالا، لاستكمال مشروع مناهضة الانقلاب الحوثي، دون علاقة هذه الحكومة ومجلس الرئاسة بالوضع في الجنوب الذي تديره رئاسة وحكومة إقليم الجنوب الفيدرالية، والحكومات المحلية.
٤- تحديد مدة خمس سنوات، لاستكمال الأهداف المعلنة، وهي إنهاء الانقلاب، وسير عمل الحكومة اليمنية الاتحادية والجنوبية الفيدرالية، يعقبها استفتاء جنوبي على تقرير المصير لإقليم الجنوب عن شمال اليمن.
طرح الانتقالي لهذه الأفكار، يحتاج إلى تجاوب أطراف الشرعية الأخرى معها، خصوصا أنها بحالة الضعف التي تعيشها منذ عشر سنوات، لا تملك ما يمكنها من استعادة صنعاء وإنهاء الانقلاب الحوثي، ما لم تضع يدها بيد الانتقالي وتمضي له على ما يريد، ويمضون معا نحو استعادة صنعاء.
وفيما يخص المناطق المحررة في مأرب وتعز والمخاء، والتي سبق للرئيس عيدروس الزُبيدي أن تناول أفكارا بناءة بخصوصها، فيمكن للقيادة الجنوبية وبالتنسيق مع المعنيين والمسؤولين على هذه المناطق مراعاة وضعها، لضمان توفير الحماية اللازمة لها، وضمان عدم وقوعها تحت سيطرة ميليشيات الحوثي، وأن تضمن الصيغة المطروحة بعد استكمال المرحلة الانتقالية واستعادة دولة الجنوب استقلالية فيدرالية كاملة لهذه المناطق الثلاث، مع منح حكومة الجنوب حق الإشراف عليها لمنع الإخلال بالتركيبة السكانية فيها وقبول عناصر وافدة تعمل على تغيير موازين القوى المجتمعية، كما يمكن سن قوانين تنظم آلية تعاطي سكان هذه المناطق مع الاستحقاقات السياسية جنوبا، بحيث لا توثر على الامتياز الجنوبي في السلطة والقرار السيادي للدولة.
محمد الصلاحي
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news