المطلوب مبادرة سياسية حقيقية… لا بيانات فارغة باسم “مصدر مسؤول”
قبل 10 دقيقة
يبدو أن التطورات الأخيرة في المحافظات الشرقية كشفت حجم الأزمة العميقة التي تعانيها الشرعية، حتى بدا كجسد بلا روح، عاجز عن الحركة أو تقديم مبادرات سياسية جادة تعيد ترتيب الأوضاع، وتوجيه البوصلة نحو العدو الحقيقي المتمثل في مليشيا الحوثي المغتصبة للعاصمة صنعاء. فبدل أن نرى قيادة قادرة على المبادرة وتحمل المسؤولية، نجد فراغًا مؤسسيًا واضحًا، يظهر جليًا في الاستهتار وعدم الجدية في التعاطي مع الأحداث على الأرض.
ما يلفت الانتباه بشكل أكبر هو أداء قيادة الشرعية، ممثلة برئيس مجلس القيادة الرئاسي، الذي يظهر على نحو متردد وبطيء، كأنه يتنقل على استحياء بين الملفات، دون رؤية واضحة أو استراتيجية محددة. التحركات شبه الغائبة على الأرض تصنع شعورًا بأن السلطة عاجزة عن إدارة الأزمة، وأنها محصورة في إصدار بيانات سطحية لا تفيد ولا تضر، بينما الواقع يمضي نحو المزيد من التفكك والانقسام.
في المقابل، نجد أن خطاب “المصدر المسؤول” أصبح السمة الأبرز للشرعية في المرحلة الحالية، كونه يُستخدم كغطاء لكل ما هو فشل أو تردد. هذا المصدر، الذي غالبًا ما يختفي وراء صياغات غامضة أو كلمات إنشائية، يخوض حربًا سياسية على وسائل التواصل الاجتماعي بدل أن يُقدّم حلاً واقعيًا، وكأنه يحاول تلميع صورة لا وجود لها على الأرض. تصريحات المصدر المسؤول تحاول التظاهر بالقدرة على السيطرة وإدارة الأزمة، لكنها في الواقع تعكس ضعفًا مريعًا في القيادة، وغموضًا في الرؤية، وانفصالًا عن الواقع المرير الذي يعيشه المواطنون يوميًا.
لقد عرف الجميع ما يريده المجلس الانتقالي، لكنه بقي واضحًا في تحديد مطالبه ومواقفه، بينما الشرعية ما زالت تخرج لنا بتصريحات فضفاضة لا تقدم جوابًا على السؤال الأهم: ماذا تريد؟
هل تدافع عن وحدة البلاد؟
هل هي ملتزمة بمكاسب الدولة القانونية؟
أم أنها مجرد لاعب متردد في مسرحية سياسية متهالكة؟
الناس اليوم أمام عاصفة حقيقية تنتظر من رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي وزملائة المتناقضين في المواقف و الاتجاهات، قرارات حاسمة وجريئة، لا بيانات إنشائية باسم “مصدر مسؤول” يخشى صاحبها ذكر اسمه. تصريحات عن محاسبة مسؤولين دون أن يضع المسؤولون أنفسهم على المحك، دون خطة واضحة أو رؤية شاملة، تبدو مجرد استهلاك إعلامي.
الوقت يضيق على الشرعية، والمطلوب منها أن تنتقل من لغة البيانات الفارغة إلى مبادرات جادة على الأرض، بالتنسيق مع الأشقاء في السعودية والإمارات، لإعادة اللحمة الوطنية، وحشد كل الطاقات لمواجهة العدو المشترك. بعد ذلك، يمكن فتح الملفات الخلافية بكل شفافية ووضوح بعيدًا عن التصريحات الإنشائية والتشنجات الإعلامية، والعمل على إنهاء المعاناة الإنسانية التي طال أمدها في الشمال والجنوب والشرق والغرب، وإعادة الثقة بالمؤسسات الشرعية التي فقدها المواطنون منذ سنوات طويلة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news