كشفت صحيفة واشنطن تايمز، في تقرير موسّع، عن مؤشرات خطيرة على تورّط مليشيا الحوثي المدعومة من إيران في إحياء نشاط القرصنة الصومالية، ضمن استراتيجية أوسع تستهدف زعزعة أمن الممرات البحرية الدولية في البحر الأحمر والمحيط الهندي.
وبحسب التقرير الذي ترجمه “تهامة 24″، لم تعد هجمات القراصنة الصوماليين عملاً إجرامياً منفصلاً، بل باتت جزءاً من شبكة معقّدة تقودها جماعة الحوثي بالتعاون مع جماعات إرهابية تنشط في القرن الأفريقي، في إطار ما يصفه مسؤولون أمنيون بـ«حرب غير متكافئة» ضد المصالح الغربية والتجارة العالمية.
دعم عسكري وتدريب حوثي للقراصنة
ونقلت الصحيفة عن محمد موسى أبولي، نائب مدير الاستخبارات في قوة شرطة بونتلاند البحرية، أن معلومات استخباراتية موثوقة تؤكد قيام الحوثيين بتزويد جماعات قرصنة صومالية بأجهزة تحديد المواقع (GPS) وأسلحة خفيفة، إضافة إلى إخضاع بعض عناصرها لتدريبات داخل الأراضي اليمنية.
وأوضح أبولي أن هذا الدعم اللوجستي والعسكري يشير إلى انتقال الحوثيين من استهداف الملاحة بشكل مباشر إلى استخدام «وكلاء بحريين» لتنفيذ عمليات تخريبية بعيدة عن السواحل اليمنية.
البحر الأحمر والقرن الأفريقي… مسرح نفوذ حوثي جديد
وتسلّط واشنطن تايمز الضوء على الموقع الجغرافي الحساس بين اليمن والصومال، حيث لا تفصل بين البلدين سوى مئات الأميال البحرية، ما جعل المنطقة منذ سنوات ممراً مثالياً لتهريب الأسلحة والمخدرات والبشر. وتشير التقديرات إلى أن الأسلحة القادمة من إيران والصين تُباع بأسعار مضاعفة عبر هذه الشبكات، بما يوفّر مصدراً مالياً مهماً للحوثيين وحلفائهم.
وفي 12 ديسمبر، أعلنت قوة بونتلاند البحرية إحباط محاولة تهريب مواد كيميائية تُستخدم في تصنيع المتفجرات، واعتقال مهربين صوماليين ويمنيين، في حادثة اعتُبرت دليلاً إضافياً على عمق التنسيق الحوثي – الصومالي.
تحالفات عابرة للأيديولوجيا
ورغم الاختلاف المذهبي، تؤكد الصحيفة أن الحوثيين أقاموا علاقات عملية مع تنظيمات سنية متطرفة، من بينها حركة الشباب وتنظيم داعش في الصومال، في تقاطع نادر بين الإرهاب الطائفي والجريمة البحرية المنظمة، هدفه تقويض الأمن الإقليمي وإرباك القوات الدولية.
ويُنظر إلى هذا التقارب بوصفه تطوراً خطيراً، إذ يسمح للحوثيين بتوسيع نفوذهم خارج اليمن، وفتح جبهة جديدة في أفريقيا، بالتزامن مع هجماتهم السابقة على السفن في البحر الأحمر.
هجمات منسّقة ورسائل تهديد دولية
وبحسب شركات تأمين واستخبارات بحرية، شهدت السواحل الصومالية منذ أواخر أكتوبر تصاعداً ملحوظاً في أنشطة القرصنة، توّج بأخطر الهجمات في 6 نوفمبر 2025، عندما تعرّضت ناقلة نفط لإطلاق نار كثيف، في عملية عُدّت اختباراً لمدى جاهزية القوات البحرية الدولية.
وتربط واشنطن تايمز بين هذه الهجمات وبين حملة الحوثيين السابقة لاستهداف الملاحة، معتبرة أن الجماعة تحاول إعادة إنتاج نموذج «الابتزاز البحري» الذي حقق لها مئات الملايين من الدولارات عبر فرض ما يشبه «رسوم حماية» على شركات الشحن.
تشكيك في الهدن والتعهدات
ورغم إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التوصل إلى وقف إطلاق نار مع الحوثيين في مايو 2025، وتعهد الجماعة بوقف الهجمات البحرية، فإن مسؤولين أمنيين عبّروا للصحيفة عن شكوكهم في مصداقية هذه الالتزامات، في ظل استمرار الأنشطة غير المباشرة عبر وكلاء.
تحذير من انفجار أمني قادم
ويحذر خبراء نقلت عنهم واشنطن تايمز من أن الهدوء الحالي، الذي تفرضه الظروف المناخية، قد يكون مؤقتاً، وأن تحسن الأحوال الجوية سيفتح المجال أمام موجة جديدة من الهجمات، في ظل تزايد حركة الملاحة العالمية عبر باب المندب وقناة السويس.
وتخلص الصحيفة إلى أن ما يجري في القرن الأفريقي لم يعد مجرد قرصنة تقليدية، بل امتداد مباشر للمشروع الحوثي المدعوم من إيران، ما ينذر بتحويل أحد أهم الممرات البحرية في العالم إلى بؤرة صراع مفتوحة بين الإرهاب، والجريمة المنظمة، والقوى الدولية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news