منذ القديم، طبق بإنجلترا وإيرلندا حكم الإعدام لمعاقبة عدد من الأشخاص الذين أدينوا بارتكاب جرائم سواء كانت ذات طابع جنائي أو أخرى ضد الدولة. ومنذ القرن الثاني عشر، سجلت حالات لعمليات إعدام عبر تقطيع الجسد والتعليق بمكان عام لمعاقبة المتهمين بالخيانة، واعتمد الحرق حياً لمعاقبة من اتهم بالسحر والهرطقة، كما استخدمت عمليات قطع الرأس لمعاقبة المتهمين من النبلاء والشخصيات الكبرى. وعرفت هذه المناطق ظهور طرق إعدام أخرى مثل الغلي بالماء الساخن والخنق.
وخلال القرن العشرين، اتجهت بريطانيا بالأساس للاعتماد على الإعدام عبر الشنق أو الرمي بالرصاص. لكن خلال الخمسينيات، اهتزت بريطانيا على وقع قضية تيموثي إيفانس (Timothy Evans) التي سلطت الضوء على مواصلة تطبيق حكم الإعدام بالبلاد.
الحياة الزوجية لتيموثي إيفانس
خلال صغره، عانى تيموثي إيفانس، المولود عام 1924 بمرثير تيدفيل (Merthyr Tydfil) ببلاد الغال، من طفولة صعبة حيث تخلى والده عن العائلة واختفى. وأثناء فترة دراسته، لم يكن تيموثي إيفانس ناجحاً حيث وجد مصاعب كبيرة في فهم الأشياء بسبب بعض التأخر الذهني الذي عانى منه.
وبعد أن عمل بمجالات عديدة، تزوج تيموثي إيفانس سنة 1947 بفتاة تدعى بيريل (Beryl) رزق منها خلال العام التالي بابنته الوحيدة جيرالدين (Geraldine).
وفي عام 1949، تدهورت العلاقة بين الزوجين بعد إعلان بيريل عن حملها بطفل ثان. وأمام هذا الوضع، حاول الزوجان التخلص من الطفل عبر عملية إجهاض خلال فترة وصف بها هذا النوع من العمليات بغير القانوني. وحسب أغلب الروايات، ظهر جارهما الشرطي المتقاعد جون كريستي (John Christie) ليعرض إجراء عملية الإجهاض، مؤكداً تخصصه بهذا المجال.
تصريحات تيموثي إيفانس
ويوم 30 نوفمبر (تشرين الثاني) 1949، توجه تيموثي إيفانس لمركز الشرطة بلندن ليعلن عن مقتل زوجته وابنته. وأثناء التحقيق معه، قدم هذا الرجل البالغ من العمر 25 سنة قصصاً متضاربة وغير واضحة عن الحادثة، كما تحدث أيضاً عن قتله لزوجته وابنته ودفنهما بالقرب من العمارة التي يقيم بها.
ومع حلولهم على عين المكان، لم يجد رجال الشرطة أية جثة ليظل بذلك تيموثي إيفانس قيد الاحتجاز بهدف مواصلة التحقيقات. ولاحقاً، قدم هذا الشاب، الذي عانى من اضطرابات نفسية، تصريحاً آخر اتهم من خلاله جاره الشرطي السابق جون كريستي بارتكاب الجريمة وقتل زوجته وابنته، مؤكداً على براءته من كل ما حصل.
إلى ذلك، رفضت الشرطة تصديق تيموثي إيفانس واتهمته بالكذب حيث مثل حينها جون كريستي شخصية موثوق بها بالنسبة لهم. فطيلة الأبحاث، عمل جون كريستي جاهداً على مساعدة رجال الأمن في العثور على الجثث.
حكم بالإعدام
وفي حدود يوم 2 ديسمبر (كانون الأول) 1949، عثر رجال الشرطة على جثتي زوجة تيموثي إيفانس وابنته. وفي الأثناء، واصل الأخير تقديم تصريحات متضاربة وغير واضحة وجه من خلالها أصابع الاتهام لجاره.
ومع رفض رجال الشرطة والمحكمة أخذ تصريحاته على محمل الجد، نال تيموثي إيفانس حكماً بالإعدام شنقاً، تم تنفيذه يوم 9 مارس (آذار) 1950 ليفارق بذلك الأخير الحياة عن عمر ناهز 25 سنة.
براءة تيموثي إيفانس
وبعد مضي نحو 3 سنوات عن إعدام تيموثي إيفانس، أخلى جاره جون كريستي مسكنه لينتقل لمكان آخر. وعلى إثر ذلك، حل رجل آخر ليقيم بالمكان.
وفي الأثناء، عثر المستأجر الجديد على 3 جثث مخبأة بالمسكن واتجه على عين المكان للاتصال بالشرطة. وعقب جملة من التحقيقات، اكتشفت الشرطة أن جون كريستي قاتل متسلسل وأن زوجته قد كانت من ضمن ضحاياه حيث قتلها الأخير وأخفى جثتها.
وفي أواخر مارس (آذار) 1953، اعتقل جون كريستي ومثل أمام المحكمة لينال حكماً بالإعدام شنقاً، تم تنفيذه منتصف يوليو (تموز) من العام نفسه. وقبل إعدامه اعترف جون كريستي ببراءة تيموثي إيفانس، الذي أعدم سنة 1950، مؤكداً وقوفه وراء جريمة مقتل زوجة تيموثي وابنته.
وأثارت قضية إعدام تيموثي إيفانس ظلماً سنة 1950 زلزالاً في بريطانيا، حيث شكك كثيرون في نزاهة القضاء وطريقة سير التحقيقات. وخلال السنوات التالية، مثلت قضية إعدام تيموثي إيفانس ورقة ضغط أساسية على الحكومة البريطانية من أجل إلغاء عقوبة الإعدام بالبلاد.
وفي سنة 1966، أثبت تحقيق جديد وقوف جون كريستي وراء جريمة القتل. وعلى إثر ذلك، نال تيموثي إيفانس، بشكل صوري، عفواً رسمياً. وفي سنة 2004، تمت تبرئة تيموثي إيفانس من جريمة القتل بعد مضي نحو 54 سنة على إعدامه.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news