في محفل دولي مرموق، وفي خطاب يبدو أنه موجه إلى الداخل والخارج على حد سواء، كشف عضو الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح، عبدالرزاق الهجري، عن خارطة طريق حزبه تجاه العلاقات الإقليمية، مؤكدًا أن المملكة العربية السعودية تمثل "الحليف الاستراتيجي" والأكثر أهمية لأمن اليمن ومستقبله، فيما أبدى استعدادًا لتجاوز الخلافات مع دولة الإمارات العربية المتحدة، ونفى بشكل قاطع أي ارتباط تنظيمي له بجماعة الإخوان المسلمين.
جاءت هذه التصريحات المفصلية خلال جلسة حوارية نظمها المعهد الملكي للشؤون الدولية "تشاتام هاوس" في العاصمة البريطانية لندن، وهي منصة تُعنى بالتحليلات السياسية العميقة، مما يمنح كلمات الهجري زخمًا ودلالة كبيرين.
تناولت الجلسة قضايا مصيرية كالتطورات الميدانية في شرق اليمن، ومسار العملية السلمية، وملف المختطفين والأسرى، لكن التركيز الأبرز انصب على طبيعة علاقات أحد أبرز الأحزاب اليمنية بالقوى الإقليمية الفاعلة في الساحة اليمنية.
فيما يخص علاقة حزبه بالمملكة، شدد الهجري على أنها ليست علاقة عابرة أو ظرفية، بل هي "استراتيجية وخاصة"، مرتكزة على أسس راسخة من "الجوار الجغرافي، والمصالح المشتركة، والأمن القومي المتبادل".
وأوضح أن هذا الموقف ليس وليد اللحظة، بل هو "منصوص عليه بوضوح في برنامج العمل السياسي للحزب منذ مطلع التسعينيات"، مما يؤكد على عمق الرؤية وثبات الموقف.
وأثنى الهجري على الدور المحوري الذي تلعبه المملكة، واصفًا إياها بـ"الجار المحوري والشريك الأساسي في دعم الشرعية اليمنية".
وقدم تقديره لقيادتها للتحالف العربي الذي دافع عن اليمن في وجه انقلاب جماعة الحوثي المدعومة من إيران، كما سلط الضوء على الدعم السعودي المستمر لمؤسسات الدولة اليمنية، لا سيما "الإسهامات الأخيرة في دعم ملف المرتبات التي منعت تفاقم الكارثة المعيشية".
وعلى النقيض من بعض التصورات، تناول الهجري العلاقة مع دولة الإمارات العربية المتحدة بلهجة توازن بين التقدير والاعتراف بالخلافات. أكد أن "الإصلاح لا يحمل موقفًا سلبيًا" تجاه أبوظبي، مقدرًا "مشاركتها في التحالف العربي وما قدمته من دعم وتضحيات".
غير أنه لم يخفِ وجود "تباين في المواقف"، وحسب وجهة نظره، يرجع هذا التباين إلى "حساسية لدى الجانب الإماراتي تجاه ما يُعرف بـ 'الإسلام السياسي'".
وكرر الهجري التأكيد على أن "الإصلاح حزب يمني مدني المنبت والجذور، ولا يرتبط بأي تنظيمات خارجية"، داعيًا الجانب الإماراتي إلى تجاوز هذه الهواجس.
وفي خطوة يُنظر إليها على أنها محاولة لفتح صفحة جديدة، شدد على أن "الحزب بذل ولا يزال يبذل جهودًا لتجسير الفجوة"، مؤكدًا أن "اليد لا تزال ممدودة" للحوار والتواصل، وأن أي تقارب إقليمي سينعكس إيجابًا على استقرار اليمن ووحدة معسكر الشرعية في مواجهة الانقلاب.
وفي المحور الأكثر إثارة للجدل، واجه الهجري مباشرة "جدلية ارتباطه بجماعة الإخوان المسلمين"، نفى بشكل قاطع وجود أي "علاقة تنظيمية للإصلاح بالتنظيم الدولي للإخوان المسلمين".
وقال إن الحزب هو كيان "يمني المنبت والجذور"، سبق أن أعلن رسميًا "عدم ارتباطه بأي تنظيم خارجي".
واعتبر أن تهمة "الإخوان" باتت "تُستخدم كأداة لتصفية الحسابات السياسية" في إشارة واضحة إلى أن هذه التهمة تُستخدم لاستهداف الحزب ومحاولة عزله سياسيًا.
واختتم الهجري حديثه بتأكيد أن الإصلاح لا يسعى لأن يكون "ذريعة لتصفية حسابات إقليمية"، بل يحرص على "بناء علاقات إيجابية ومتوازنة مع جميع الأطراف بما يخدم المصلحة العليا لليمن".
وتأتي هذه التصريحات كرسالة واضحة مفادها أن الأولوية القصوى للحزب هي "استعادة الدولة اليمنية، وإنهاء الانقلاب الحوثي، وتحقيق الأمن والاستقرار" لشعب يعاني من ويلات الحرب منذ سنوات.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news