في تطور لافت يكشف حجم الانقسام والخيبة داخل أروقة الداعمين للمجلس الانتقالي الجنوبي، انطلقت دعوات صادمة من وسط الإعلام الموالي له، تطالب بتحرك عاجل لـ"تطهير" مدينة عدن مما وصفته بـ"عصابات الفساد والنهب" التي تسيطر على مفاصل الحياة فيها.
تصريحات إعلامية بارزة، انطلقت من قناة إماراتية تعتبر من أبرز الداعمين للمليشيات التابعة للانتقالي، حملت نبرة من الاستياء والقلق الشديدين، حيث وضعت معركة مكافحة الفساد في عدن في نفس مرتبة الأولويات القصوى التي تُعطى للمعارك العسكرية، إن لم تكن أهم منها.
ورأت أن استمرار العبث بأرزاق المواطنين ومقدرات المدينة يلغي أي قيمة للانتصارات العسكرية التي يُروج لها في محافظات أخرى.
"تطهير" أولوية... ورسالة اعتراف بالفشل
أكد المذيع في هذه القناة، أن معركة "تطهير" عدن من المتلاعبين بقوت الناس، ممن "أدمنوا الفساد والسرقات"، هي الأسهل من حيث التنفيذ إذا ما توفرت الإرادة الحقيقية، في تلميح مباشر إلى عجز أو رفض المليشيات السيطرة على الوضع.
واعتبر أن التأخير في معالجة هذا الملف الخطير يجعل كل الانتصارات الأخرى مجرد "حبر على ورق"، لا معنى لها ولا قيمة أمام معاناة المواطن اليومية.
وهذه الدعوة، بحسب مراقبين، لا تعدو كونها اعترافاً ضمنياً بفشل المليشيات التابعة للانتقالي في إدارة مدينة عدن، منذ سيطرتها عليها بالقوة.
فبدلاً من أن تكون عدن نموذجاً للحكم الرشيد والأمان، تحولت إلى ساحة صراع بين فصائل المليشيات نفسها، ومركزاً للفساد المنظم الذي يديره مسؤولون متنفذون فشلت قيادة الانتقالي في كبح جماحهم.
قلب عدن النابض يختنق بفعل أبنائه
وصف الإعلامي عدن بأنها "القلب النابض" لجنوب اليمن، مؤكداً أن استمرار معاناة سكانها يعكس حجم الكارثة الإنسانية والاقتصادية التي يعيشونها. وأشار إلى أن "تطهير" المدينة من الفاسدين سيكشف للعالم أجمع حقيقة الاختلالات الكارثية التي يفرضها حكام جدد، لا يختلفون في سلوكهم النهبي عن من كانوا قبلهم.
وفي الواقع، تعيش عدن أوضاعاً كارثية على كافة الأصعدة؛ فبينما يعاني السكان من غلاء فاحش في أسعار المواد الغذائية والخدمات، وانهيار شبه كامل للعملة المحلية، ينتشر انعدام الأمن والفوضى، وتتنافس المليشيات والقوى التابعة للانتقالي على النقاط الأمنية ومصادر الدخل، من خلال فرض الإتاوات والرسوم غير القانونية على التجار والمواطنين على حد سواء.
معركة الفساد هي الحقيقية
خلصت التصريحات إلى أن المعركة الحقيقية والأكثر أهمية في عدن الآن ليست ضد قوات خارجية، بل هي معركة داخلية ضد "الجشع والفساد الذي استشرى في ظل هيمنة المليشيات".
ودعت إلى ضرورة وضع مصلحة المواطن فوق كل اعتبار، واتخاذ إجراءات حازمة وفورية لوضع حد لهذه المأساة الإنسانية، التي بددت أحلام أهل عدن في حياة كريمة وآمنة بعد سنوات من الحرب.
وتظل دعوات الإعلام الموالي للانتقالي مجرد حبر على ورق ما لم تترجم إلى إجراءات عملية على الأرض، وهو ما يبدو بعيد المنال في ظل الصراعات الداخلية التي تنخر جسد المجلس الانتقالي ومليشياته، والتي تجعل من معركة الفساد معركة خاسرة سلفاً طالما أن الفاسدين هم جزء لا يتجزأ من السلطة الحاكمة في المدينة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news