في فضيحة تكشف عجز السلطات الحوثية في صنعاء عن حماية اقتصاد البلاد ومواطنيها، تشهد العاصمة هذه الأيام حالة من الذعر والانهيار في السوق العقاري، عقب هروب جماعي لملّاك شركات عقارية كبرى تحت أنظار أجهزة الأمن والمؤسسات الرقابية التابعة للميليشيات.
لم يكن هذا الهروب المفاجئ، الذي أطاح بمدخرات آلاف العائلات، سوى نتاج حتمي لمناخ من الإفلات من العقاب والفساد المستشري الذي رسخته السلطة الحوثية على مدار السنوات الماضية.
مصادر مطلعة أكدت أن هذه الشركات كانت تعمل تحت حماية وغطاء من مسؤولين حوثيين، مما مكنها من بناء سمعة مزيفة وجمع أموال المواطنين دون أي رقابة حقيقية.
تقصير فادح ومسؤولية مباشرة
بدلاً من توفير الحماية للمواطنين، شاهدت الأجهزة الأمنية الحوثية وهي تتفرج على عملية سرقة منظمة، حيث لم تتخذ أي إجراءات رقابية أو وقائية لمنع الكارثة. هذا التغاضي المطرد أثار شكوكاً كبيرة حول وجود تواطؤ مباشر أو على الأقل تقصير فادح من قبل المسؤولين عن القطاع الاقتصادي في ما يسمى بـ "حكومة الإنقاذ".
وقال ناشطون حقوقيون : "إن هذه الفضيحة ليست مجرد عملية احتيال مالي، بل هي مؤشر صارخ على فشل المشروع الحوثي في إدارة الدولة وحماية مواردها وشعبها. إنهم مشغولون بتمويل حربهم وبتثبيت سلطتهم، بينما يسرق اللصوص أموال الناس تحت سمعهم وبصرهم."
ضحايا يواجهون الغضب ودولة غائبة
الطامة الكبرى أن غضب الجمهور المنهار انصب ليس فقط على الهاربين، بل أيضاً على الموظفين الأبرياء العاملين في تلك الشركات، والذين وجدوا أنفسهم واجهة لفساد لم يكونوا جزءاً منه. يقول موظف سابق في إحدى الشركات المنهارة: "نحن ضحايا مزدوجون؛ فقدنا وظائفنا وراتبنا، والآن نلاحق بالتهام من قبل مواطنين غاضبين، بينما الدولة التي يفترض بها حمايتنا غائبة تماماً."
مطالبات الشارع: محاسبة المسؤولين لا ملاحقة الصغار فقط
في حين تطلق السلطات الحوثية وعوداً فضفاضة بملاحقة الهاربين، فإن مطالبات الشارع تذهب إلى أبعد من ذلك. الحملات التي تنتشر على منصات التواصل الاجتماعي تطالب بمحاسبة المسؤولين الحوثيين الذين سمحوا بحدوث هذه الكارثة.
وتتركز المطالبات على:
كشف أسماء المسؤولين
الذين منحوا تراخيص لهذه الشركات وتغطيتها.
محاسبة رؤوس الفساد
في الأجهزة الرقابية والأمنية التي تغاضت عن الجريمة.
إعادة أموال المواطنين
من أموال المسؤولين الفاسدين الذين نهبوا ثروات البلاد.
تبقى هذه الأزمة اختباراً قاسياً لشرعية السلطة الحوثية، التي أثبتت مرة أخرى أنها غير قادرة على حماية مواطنيها أو توفير بيئة استثمارية آمنة، مما يودي حالة عدم الثقة ويغرق المزيد من اليمنيين في هوة الفقر واليأس.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news