وجّه وزير النقل اليمني السابق صالح الجبواني رسالة مفتوحة إلى ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، حذّر فيها مما وصفه بـ«خلل بنيوي عميق» في إدارة ملف التحالف العربي في اليمن، على خلفية التطورات الأخيرة في محافظتي حضرموت والمهرة.
وقال الجبواني إن التحركات التي أقدمت عليها مليشيات المجلس الانتقالي الجنوبي في حضرموت والمهرة جاءت خارج إطار الشرعية اليمنية، ودون تنسيق مع المملكة العربية السعودية، بل وعلى خلاف رغبتها المعلنة، معتبرًا أن ذلك وضع الرياض أمام تداعيات سياسية وأمنية جسيمة تمس أمنها القومي بشكل مباشر.
وأشار إلى أن المملكة تعاملت مع هذه التطورات «بحكمة»، عبر محاولة احتوائها ضمن إطار «تحالف دعم الشرعية» حفاظًا على الغطاء القانوني للتدخل، إلا أن ما وصفه بـ«الدور الإماراتي المزدوج» — دفعًا في الخفاء ووساطة في العلن — أفرغ هذا الإطار من مضمونه، وترك السعودية وحيدة في مواجهة النتائج، بينما جرى التعامل مع ما حدث كأنه شأن يمني داخلي لا علاقة للطرف الآخر به.
وأكد الجبواني أن استمرار تحالف «شكلي ومتآكل فعليًا»، تتناقض داخله الأهداف وتغيب عنه المحاسبة، لم يعد عبئًا على اليمن وحده، بل بات يمس جوهر الدور السعودي وأمنه القومي، داعيًا القيادة السعودية إلى اتخاذ موقف حاسم تجاه الشريك في التحالف.
وطرح الجبواني مسارين رئيسيين، أولهما مطالبة الشريك بموقف علني واضح يترجم الالتزام بالتحالف إلى أفعال ملموسة، بما في ذلك فرض الانسحاب واحترام الشرعية، حتى لو تطلب الأمر استخدام القوة، معتبرًا أن ذلك سيكون «مسارًا كاشفًا للحقائق». أما المسار الثاني، فيتمثل — بحسب الرسالة — في نقل الملف إلى مساره الدولي، واعتبار ما يجري «تمردًا مسلحًا» على الدولة اليمنية وقراراتها، بما يترتب عليه عزلة سياسية ومساءلة قانونية.
وشدد الجبواني على أن أيًا من الخيارين سيفرض «لحظة حقيقة» تستوجب مراجعة جادة لطبيعة الشراكة داخل التحالف وحدودها وجدواها، وربما إعادة تعريفها بما ينسجم مع الأهداف التي أُطلقت من أجلها عملية «عاصفة الحزم»، وفي مقدمتها استعادة الدولة اليمنية أو تحقيق سلام حقيقي وفق المرجعيات المتفق عليها، لا الاكتفاء بإدارة أزمة مفتوحة.
كما حذّر من القبول بما سماه «أنصاف الحلول»، مثل الشراكة الشكلية في إدارة المحافظات، معتبرًا أن ذلك يمنح المليشيات المدعومة إماراتيًا سلطة فعلية على الأرض، ويُفرغ الحضور السعودي من مضمونه، ولا يعدو كونه تأجيلًا للأزمة لا حلًا لها. واعتبر أن أي انسحاب ميداني سعودي مع الاكتفاء بدور سياسي إلى جانب «شرعية معطلة» سيُقرأ كهزيمة استراتيجية، ليس لليمن فحسب، بل للمملكة ومعادلات الردع والاستقرار في جنوب الجزيرة العربية.
وختم الجبواني رسالته بالتأكيد على أن المملكة «قادرة، إن أرادت، على فرض مسار يحمي مصالحها الجيوسياسية ويصون أمنها القومي ويعيد اليمن إلى سكته الصحيحة»، محذرًا من أن التخلي عن فرض حل حاسم في هذه المرحلة «لن يكون إلا قبولًا بتجرّع أزمة طويلة الأمد»، على حد تعبيره.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news