في مشهدٍ يندى له جبين الإنسانية، كشفت مصادر حقوقية يمنية عن جريمة جديدة ترتكبها مليشيا الحوثي، تمثلت في إخفاء وفاة معتقل من أبناء محافظة تعز لسنوات، قبل إبلاغ أسرته بصدمة قاسية داخل ثلاجة الموتى بمستشفى بالعاصمة صنعاء.
الضحية هو الدكتور عمر أحمد عبدالله السامعي، كادر طبي تم اعتقاله تعسفياً من قبل المليشيا منذ عام 2019، ليفقد بعدها كل أثر من حياته، حتى تمكنت والدته من رحلة معاناة طويلة كشفت النقاب عن مأساة مؤلمة.
وبحسب تفاصيل نقلتها المصادر الحقوقية، فإن والدة الدكتور السامعي، التي لم تستسلم لليأس والانقطاع، سافرت قبل أيام قليلة من محافظة تعز إلى العاصمة الخاضعة لسيطرة الحوثيين، تحمل في قلبها أملًا دفينًا في رؤية ابنها أو على الأقل الحصول على خبر عنه بعد سنوات من الصمت المطبق.
رحلة الأم لم تكن سهلة؛ إذ تنقلت بين مراكز التوقيف والجهات الأمنية التابعة للمليشيا، من السجن المركزي إلى الأمن السياسي وغيرها، في محاولات يائسة لمعرفة أي معلومة، لكنها كانت تقابل بالرفض والتعنت من قبل القيادات الحوثية التي أغلقت في وجهها كل الأبواب.
وفي ذروة معاناتها، وبعد أن يئست من العثور على ابنها حيًا، تم استدراج الأم من قبل أحد المسؤولين الحوثيين المشرفين على ملف المعتقلين، مدعيًا أنه سيكشف لها عن مصيره. لكن وجهته لم تكن سجنًا، بل مستشفى 48 الشهير بصنعاء.
هناك، وفي مشهدٍ يعكس أقصى درجات القسوة والانتهاك الإنساني، تم فتح أبواب ثلاجة الموتى أمام الأم، لتُفاجأ بجثمان ابنها الذي لم تره منذ أعوام، ممددًا بين الأموات.
الصدمة كانت عنيفة لدرجة أنها أُصيبت بنوبة قلبية وفقدت الوعي على الفور، ونُقلت إلى قسم الطوارئ حيث دخلت في غيبوبة.
وفي تطور يزيد من فداحة الجريمة، كشف تقرير طبي صادر عن مستشفى 48 بصنعاء، واطلعت عليه المصادر، أن الدكتور عمر أحمد عبدالله السامعي قد توفي في تاريخ 11 يونيو من عام 2020.
أن المليشيا أخفت خبر وفاته عن أسرته لأكثر من ثلاث سنوات، وحرمتهم من حقه في تلقي جثمانه ودفنه وفقًا للطقوس الدينية والإنسانية.
وتأتي هذه الجريمة في سياق نمط منهجي تتبعه مليشيا الحوثي في التعامل مع المعتقلين السياسيين والخصوم، حيث تشير تقارير حقوقية دولية ومحلية إلى آلاف حالات الاختفاء القسري، والتعذيب الذي يصل إلى حد الموت، والإخفاء المتعمد للجثث، مما يمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، ولا سيما اتفاقيات جنيف والعهود الدولية التي تحظر التعذيب والاختفاء القسري.
وطالبت المصادر الحقوقية المجتمع الدولي والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان بالتحرك الفوري لفتح تحقيق جاد ومستقل في هذه الجريمة وغيرها من الجرائم المرتكبة في سجون المليشيا، ومحاسبة المسؤولين عنها، والضغط من أجل الإفراج الفوري وغير المشروط عن كافة المعتقلين، والكشف عن مصير المختفين قسراً.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news