في تطور لافت، دعت ثلاثة أحزاب سياسية يمنية رئيسية، هي الحزب الاشتراكي اليمني، والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، واتحاد القوى الشعبية، إلى تحويل الأزمة الراهنة التي تشهدها محافظات حضرموت والمهرة ومعاشيق إلى فرصة تاريخية لإنهاء الانقسام السياسي والعسكري داخل صفوف السلطة الشرعية.
وحذرت الأحزاب، في بيان مشترك، من أن التصعيد الأخير كشف عن "انقسام سافر" في أعلى هرم القيادة، مما يهدد بفقدان الثقة بالسلطة برمتها، ويضر بالنسيج الاجتماعي، ويفوت فرصة تحقيق الإصلاح المنشود واستعادة الدولة.
تابعت الأحزاب الموقعة بـ"الأسف والقلق البالغين" ما يجري في المحافظات الجنوبية، ورأت فيه نتيجة حتمية لفشل مجلس القيادة الرئاسي في الاضطلاع بمهامه الدستورية والقانونية.
وأوضح البيان أن ما حدث كان يمكن تجنبه لو أن المجلس عمل على إنهاء الانقسام ونفذ تدابير جوهرية، أبرزها "اتفاق الرياض" و"إعلان نقل السلطة"، بما في ذلك إخراج القوات العسكرية من المدن كسيئون والمهرة بقرار من القائد الأعلى للقوات المسلحة.
حمّل البيان المسؤولية المباشرة للتصعيد للـ"إجراءات الأحادية" التي قامت بها القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، واصفاً إياها بـ"السلوك المرفوض" الذي لا يليق بإطار السلطة الشرعية.
وأكد أن الأحداث هي المخرج الطبيعي لوجود أذرع مسلحة تحولت إلى "سلطات أمر واقع" تتعارض مع المرجعيات المتفق عليها للمرحلة الانتقالية.
دعت الأحزاب الثلاثة إلى اعتبار ما حدث "درساً" لأطراف الشرعية وداعميها، محذرة من أن استمرار هذا الانقسام يخدم أعداء اليمن، وعلى رأسهم مليشيات الحوثي التي تستغل هذا التشتت لتعزيز نفوذها، والحيلولة دون تحرير البلاد من الهيمنة الإيرانية.
ولتحويل هذا الخطر إلى فرصة حقيقية، طالبت الأحزاب بتحويل الأزمة إلى مصالحة حقيقية تنطلق من داخل مجلس القيادة الرئاسي، وتمتد لتشمل الأحزاب والمكونات السياسية المشاركة في السلطة، بهدف إعادة بناء الثقة وتوحيد الرؤى لمواجهة التحديات المصيرية.
تسعة مطالب ملزمة لإنقاذ الموقف
ولوضع خارطة طريق عملية، قدم البيان تسعة مطالب محددة، رأى أنها ضرورية لوقف الانهيار وإعادة بناء الدولة، أبرزها:
الحل بالحوار:
التأكيد على حل كافة الخلافات عبر الحوار ونبذ لغة العنف، ودعم خطاب التوافق الذي يجمع ولا يفرق.
إعادة هيكلة السلطة:
التئام مجلس القيادة الرئاسي فوراً لاحتواء الخلاف، وعودة كل مؤسسات الدولة إلى العاصمة المؤقتة عدن، ووقف التدخل في صلاحيات الحكومة، والاتفاق على إطار خاص للقضية الجنوبية يتم طرحه في أي مفاوضات قادمة.
مصالحة شاملة:
إشراف مجلس القيادة الرئاسي على اجتماع لهيئة التشاور والمصالحة لإصدار وثيقة مصالحة وطنية ووثيقة إطار عام للسلام.
تطبيع الأمن:
إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية في حضرموت والمهرة لتكون تابعة للسلطة المحلية وتخضع للمحافظ مباشرة، على أن يتولى مهامها أبناء المحافظتين، مع تعميم هذا الإجراء على كل المحافظات المحررة.
توحيد الأهداف:
توحيد مواقف القوى السياسية في إطار الشرعية لخدمة هدف استعادة الدولة، وتحقيق سلام عادل ومستدام يسبقه إزالة مخاوف كافة الأطراف.
إدارة المناطق المحررة:
الاتفاق على استراتيجية شاملة وطنية، بالتنسيق مع الحلفاء، لإدارة الوضع الإداري والسياسي في المناطق المحررة.
سياسة خارجية موحدة:
إقامة علاقات متوازنة مع دول التحالف، وجعل الحكومة هي البوابة الوحيدة لتلقي الدعم الخارجي، مع وضع حد لما وصفه البيان بـ"عبث بعض الأشقاء" من دول الخليج الذين يسعون لتصفية حساباتهم على الأراضي اليمنية.
نبذ الخطاب التحريضي:
تحمل كافة الأطراف مسؤوليتها، والتخلي الفوري عن خطاب الكراهية المناطقية وإحلال خطاب الأخوة والتسامح محله.
حصرية السلاح:
إزالة كافة السلطات الموازية وتعدد الجيوش، وتمكين حكومة الشراكة من ممارسة وظائفها الدستورية كاملة.
يأتي هذا البيان في لحظة حرجة يمر بها اليمن، حيث يبدو أن التحديات الداخلية داخل صفوف الشرعية لم تقل خطورة عن العدوان الخارجي الذي تقوده مليشيات الحوثي.
وتُعتبر هذه المطالب التي أطلقتها أحزاب تاريخية ذات ثقل، بمثابة إنذار مبكر ومحاولة أخيرة لضبط إيقاع العملية السياسية قبل أن تصل إلى نقطة اللاعودة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news