الزعيم والصمت الذي يسبق العاصفة: قراءة في حكمة القائد عيدروس الزُبيدي

     
صوت العاصمة             عدد المشاهدات : 91 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
الزعيم والصمت الذي يسبق العاصفة: قراءة في حكمة القائد عيدروس الزُبيدي

لقد اعتدنا نحن بني البشر، في غمرة لهيب الآمال وتحدي الطموحات، أن نكون قاسين على قادتنا. وتلك سِمة ضاربة في عمق تاريخ الأمم؛ فالعينُ التي ترقب مجد الوطن لا ترى إلا الثمرة الناضجة، وتستعجل القطاف، ولا تدرك بالضرورة عُمق الجذور، ولا قسوة الرياح التي تضرب الشجرة.

ولئن كان في حياتنا المعاصرة رجلٌ حمل على عاتقه ثِقلَ تاريخٍ، ورسم بيديه خريطة أمل لشعب يكادُ أن يكون قد أُسِقط من دفاتر الوجود، فإن هذا الرجل هو بلا شك القائد عيدروس قاسم الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي.

مضت بل شهورٌ،بل سنوات وكنا نحنُ –الجنوبيون الشغوفون بحُلم استعادة الدولة – نرقبُ تحركاته بعين لا تعرف المساومة في قضايا الشرف الوطني. وكان صوتُ الشارع يرتفع، ويئنُّ تحت وطأة الأزمات المعيشية والاقتصادية والخدمية التي كادت أن تكون خطة ممنهجة لكسر إرادة الشعب وإذلال كرامته.

وفي تلك اللحظات القاسية، بدا لنا أن صمت القائد حول الملفات الملتهبة كان أشبه بـالتراخي" أو التغافلٍ الذي لا يليق بثقل الأمانة. وكنا نسألُ أنفسنا. ـ والحال كللك ـ في مرارة كيف لراعي الحلم أن ينام وعرينه يكاد أن يُسلب..

ومازادَ الطين بِلّة، حين كانت تُنقل إلينا تصريحاته من المحافل الدولية، تلك التي تتحدث عن تكتيكات تقتضي ضم أجزاء من محافظات الشمال لدولة الجنوب القادمة، أو ربما "شروط تقضي بتحرير صنعاء قبل إعلان استقلال الجنوب. في حديثٍ كان ينسابُ كالخنجر البارد في قلوب المتعطشين للجنوب كاملة السيادة والقرار. وخيّل إلينا –في غمرة العاطفة الوطنية الجارفة– أن القائد قد حادَ عن المسار، أو أن رياح السياسة الدولية قد ألقت بظلالها الثقيلة على يقينه.

ولم نكن نعلم، ونحن نصوّبُ سهام النقد النابع من حرصنا الوطني، بأن السياسة هي فنّ الممكن، وهي في الوقت ذاته، فن الصمت الاستراتيجي الذي يسبق رعد العاصفة.

والحق يُقال، فإننا حين كنا نُراجع مسار القائد ونُقيّم خطواته، لم نكن سوى مُمارسين لواجبنا الوطني الأصيل حيث كنا نريدُ أن نُضيء الشمعة على معالم الطريق، خشيةَ أن يضلَ البوصلة. ونحسبُ أننا قد أبلَينا بلاءً حسناً في إحياء الوعي، وتبيان المخاطر، وهذا واجبٌ لم يكن ليُغضب قائداً حقيقياً يدركُ أن النقد الصادق هو مرآةُ الوطن لا سوطُه.

لكنّ العبرةَ تكمنُ فيما تلا ذلك لاحقا. فقد أظهرت الأيام القليلة الماضية، كاشفةً السرّ المُخبأ وراء ذلك الصمت المهيب، فما حسبناه تراخياً لم يكن في حقيقة الأمر إلا صبر بالغ وحكمة عميقة. حيث أدرك الزُبيدي بذكاء القائد المُحنك، أن معارك اليوم قد تربح بالصوت الخافت لا بالصراخ الأجوف، وأن الالتزام بخارطة طريق دولية وإقليمية، قد تكون أطولُ أمداً، لكنها أكثرُ أمناً وثباتاً نحو الهدف المنشود.

فقد حمل هذا القائد أمانة التفويض الشعبي بثقة واقتدار. هذا التفويض الذي لم يكن مجرد ورقة، بل هو عقد روحي ووطني بين قائد وشعب. ومن يخوض معتركا سياسيا لم يكن سهلا –يُحاط فيه الوطن بأمواج عاتية من المصالح المتضاربة والقوى المتربصة– يلزمهُ أن يرتدي درع الحكمة والدهاء السياسي، لا ثوب الاندفاع.

وها هي الوقائع تثبت اليوم أن النوايا كانت نقيةً، والبوصلة لم تنحرف. وان التكتيكُ كان ضرورياً، والصمتُ لازماً، وان الهدفُ الأسمى اقتضى تجنيبُ الشعب الجنوبي المزيد من الأهوال، والسير به في طريقٍ ربما بدا طويلاً ومُلتوياً، لكنه كان آمناً ومُعبّداً للوصول إلى برِّ الاستقلال.

إنها حقيقة لا جدال فيها فقد أثبت القائد عيدروس الزُبيدي أنه كان ولايزال القائد المناسب للمرحلة، والرجل الذي استحق ثقة الشعب عن جدارة، وحمل الأمانة بمسؤولية المخلصين واستطاع بحكمته البالغة، وصبره الذي لو وُزِعَ على قومٍ لكفاهم، أن ينجزَ الأهداف الاستراتيجية، وأن يُحول قسوة النقد إلى سند وإظهار الحقائق إلى برهان

فتحيةُ حبٍ وإخلاصٍ لقائدٍ عظيم، أثبت أن وطنيته ليست شعارات ترفع، بل هي حكمة تدار، وصمت يسبق الإنجاز. ولنَا أن نعلنها بملء الفم بانك كنتَ يا سيادة الرئيس، خيرَ من حمل الأمانة. ولكَ منا كل التقدير والمُضِيّ على الدرب.

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

“فتحي الضبوي”.. عقيد في الجيش اليمني تعرض للتصفية من قبل “الانتقالي” في مطار سيئون (قصة صحفية)

بران برس | 773 قراءة 

عيدروس وطارق يتحالفان.. هل اقترب موعد الانتقام الإلهي من حرب صيف 94؟ (تحليل خاص)

يمن ديلي نيوز | 673 قراءة 

مستشار مجلس القيادة الرئاسي يكشف سبب استبعاد القوة لإجبار الانتقالي لسحب قواته من حضرموت والمهرة

مراقبون برس | 642 قراءة 

العمالقة تعلق على هذا الاتفاق الهام

كريتر سكاي | 630 قراءة 

قيادي في حزب الإصلاح يتهم الإمارات بـتجاوز الخطوط الحمراء ويكشف خطوات سعودية ويمنية لمواجهة تحركاتها في حضرموت والمهرة

مأرب برس | 516 قراءة 

نيران الجنوب العربي تلتهم حشود الحوثي.. والقيادي العياني يلقى مصرعه في وادي حضرموت

العاصفة نيوز | 489 قراءة 

هجمات متوقعة ضد السعودية والإمارات.. مركز أمريكي يتوقع ما سيحدث عقب سيطرة الانتقالي على حضرموت

نيوز لاين | 480 قراءة 

تعيين نجل وزير بمنصب رفيع الليلة

كريتر سكاي | 479 قراءة 

قرارات مفاجئة تطال المنطقة الحرة وأمن عدن والمحرمي يتدخل

المنتصف نت | 438 قراءة 

تحركات جوية غير اعتيادية في عدن والمكلا.. طائرات C-130 تهبط وتقلع وسط انسحاب سعودي

نيوز لاين | 362 قراءة