في تطور لافت ومفاجئ، هزت أنباء مقتل القيادي البارز في مليشيات الحوثي، محمد محسن بكر العياني، الأوساط العسكرية والسياسية اليمنية.
وشهدت محافظة صعدة، معقل الحوثيين، ومناطق في خولان بن عامر، اليوم، مشاعد تشييع واسعة نُقل على إثرها جثمان العياني إلى مثواه الأخير، في مؤشر على المكانة الكبيرة التي كان يحتلها داخل الجماعة.
يُعد محمد العياني أحد أبرز الوجوه التاريخية في الحركة الحوثية، حيث يُصنّف ضمن الرعيل الأول الذي رافق مؤسس الجماعة، حسين بدر الدين الحوثي، في معقل جرف سلمان خلال الحرب الأولى (2004).
لم يكن مجرد مقاتل، بل ارتقى ليصبح أحد الركائز الأساسية في بنية الجماعة، حيث تولى ملفات حساسة ومصيرية.
فبحسب معلومات متداولة، كان العياني يشغل منصب المسؤول المالي والتسليحي، وهو ما جعله يُلقب في الأوساط المراقبة بـ "خزينة الحرب" أو "رجل المال والسلاح" في الجماعة.
كانت مسؤولياته تتمحور حول إدارة شبكات التمويل الداخلية والخارجية، وضمان تدفق الأسلحة والمعدات العسكرية إلى وحدات المليشيا في مختلف الجبهات، مما يجعله هدفاً استراتيجياً لأي خصم للجماعة.
بينما أجمعت مصادر على أن العياني قُتل في غارة جوية أو هجوم نوعي نُفذ مؤخراً، إلا أن الغموض لا يزال يكتنف ملابسات الحادث.
يتمثل أبرز عناصر هذا الغموض في الصمت الرسمي الذي التزمت به قيادة جماعة أنصار الله، التي لم تصدر أي بيان أو إعلان يوضح ظروف وأسباب مقتل هذا القيادي البارز.
هذا الصمت فتح الباب أمام مجموعة من التساؤلات الملحة حول طبيعة الضربة وهوية منفذها. هل كانت عملية استخباراتية دقيقة استهدفت تحركاً معيناً؟ أم أنها نتيجة لاختراق أمني كشف عن إحدى أهم الشخصيات في الملفين المالي والعسكري للحوثيين؟ عدم الإعلان الرسمي قد يشير إلى صدمة داخلية، أو محاولة لاحتواء تداعيات الخبر على معنويات المقاتلين والقاعدة الشعبية للجماعة.
يُنظر إلى مقتل العياني على أنه ضربة قاسية وربما قاصمة للبنية الخلفية لجماعة أنصار الله. فإزاحة شخصية بهذا الحجم من الساحة، لا تؤثر فقط على الجانب المعنوي، بل قد تخلخل شبكات التمويل المعقدة وخطوط إمداد السلاح التي كان يشرف عليها.
من المتوقع أن يؤدي هذا الحدث إلى إعادة ترتيب الأوراق داخل الهيكلية المالية والعسكرية للجماعة، وقد يفتح الباب أمام صراعات داخلية على خلافته في إدارة هذه الملفات الحساسة.
إن مقتل أحد رفاق المؤسس والمسؤول عن "عصب التمويل والتسليح" يمثل أكثر من مجرد خسارة فردية؛ إنه ضربة استراتيجية تطال القدرات التشغيلية لجماعة الحوثيين، وتضع علامات استفهام كبيرة حول مستقبل أمن قياداتها البارزة وقدرة خصومها على الوصول إليها.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news