رفض قرارات الدولة وقياداتها الشرعية .. طريق قصير نحو الكارثة
قبل 2 دقيقة
تُثبت التجارب السياسية في المنطقة العربية عموماً واليمن على وجه الخصوص، أن تجاهل قرارات الدولة الشرعية أو التمرد عليها يفتح أبواباً واسعة أمام الفوضى والانهيار. فعندما تتعدد مراكز القوة، وتتداخل السلطات، ويتجاهل الفاعلون السياسيون والعسكريون مرجعيات الدولة، تكون النتيجة سلسلة من الأزمات يدفع ثمنها الوطن والمواطن على حد سواء.
وقد أكدت الأحداث اليمنية منذ اندلاع شرارة نكبة 11 فبراير 2011م صحة هذا الواقع. فقد أدى خروج بعض قوى اللقاء المشترك على الدولة وقيادتها الشرعية، وتحالفها مع المليشيات الحوثية والقوى الانفصالية لإسقاط النظام، إلى إضعاف مؤسسات الدولة وخلخلة بنيتها السياسية والأمنية، وتمهيد الطريق لكارثة 21 سبتمبر 2014م، التي سقطت فيها العاصمة صنعاء بيد المليشيات الحوثية.
ومثّلت حالات التمرد على قرارات رئيس الدولة آنذاك، ورفض تسليم مقرات الفرقة الأولى مدرع والوحدات والمعسكرات التابعة لها للقيادات الجديدة المعينة من قبل الرئاسة، محطة خطيرة ساهمت في انهيار تلك المواقع والمعسكرات وسقوطها بيد المليشيات الحوثية بسهولة. وقد فتح ذلك الطريق واسعاً أمام سقوط العاصمة وانهيار ما تبقى من مؤسسات وطنية وتنموية، ودخول البلاد نفقاً مظلماً من العنف والتدمير وضياع مكتسبات عقود من العمل الجمهوري.
ولم تكن أحداث حضرموت بعيدة عن هذا المشهد. فرفض قيادة المنطقة العسكرية الأولى تنفيذ قرارات الشرعية المتعلقة بحماية المنشآت النفطية والمقرات الحكومية، وتوريد إيراداتها إلى البنك المركزي في العاصمة المؤقتة عدن، إضافة إلى تسليم مقرات الدولة والمنشآت النفطية للقبائل، خلق فراغاً أمنياً خطيراً. وأسفر ذلك عن سقوط المنطقة العسكرية الأولى في فترة زمنية وجيزة، وتفكك وحداتها، في واحدة من أكثر النماذج دلالة على خطورة تجاوز توجيهات القيادة الشرعية.
إن الدروس المستخلصة من هذه المحطات المؤلمة تؤكد أن استقرار الدول لا يتحقق مع تعدد مصادر القرار وتشتت مراكز القوة. فالدولة لا يمكن أن تنهض أو تستقر إلا حين تكون مؤسساتها محترمة، وقرارات قيادتها ملزمة لجميع المكونات، سواء كانت سياسية أو عسكرية أو قبلية أو اقتصادية أو إدارية.
واليوم، تقف اليمن أمام استحقاق تاريخي يستوجب من جميع المكونات السياسية والعسكرية والاقتصادية والقبلية والإدارية التحلي بالمسؤولية واحترام توجيهات قيادات الدولة الشرعية وتنفيذها دون تردد أو تأخير، باعتبار ذلك الطريق الوحيد لتجنيب البلاد مزيداً من الأزمات والكوارث. فعندما تتوحد الإرادة الوطنية خلف الدولة، يصبح بالإمكان إعادة بناء ما تهدم، واستعادة الاستقرار، ووضع اليمن على مسار جديد يليق بتضحيات شعبه وطموحاته.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news