أثار الغياب المفاجئ واللافت للقيادي القبلي البارز علي سالم الحريزي، أحد أبرز وجوه المعارضة للمجلس الانتقالي الجنوبي في محافظة المهرة، موجة واسعة من التساؤلات والتكهنات في الأوساط السياسية اليمنية، فيما يُنظر إلى غيابه كتطور دال على التغيرات الجيوسياسية الكبرى التي تشهدها المنطقة الشرقية من اليمن.
يأتي هذا التطور بالتزامن مع عملية سيطرة سريعة ومنظمة لقوات المجلس الانتقالي الجنوبي، على عدد من المؤسسات الحيوية والمنشآت الاستراتيجية في محافظتي حضرموت والمهرة، وهي خطوة أعادت رسم خارطة النفوذ في المنطقة التي كانت تعد معقلاً للمعارضة السياسية والعسكرية لسلطة الانتقالي.
من قائد معارضة إلى غائب عن المشهد
كان علي سالم الحريزي، الذي شغل سابقاً منصب نائب محافظ المهرة وقاد قوات حرس الحدود على الحدود مع سلطنة عُمان، يمثل لسنوات طويلة الصوت الأكثر صدىً وعلنية في رفض ما كان يصفه بـ"التوسع الانتقالي" و"التدخل غير المبرر" للتحالف العربي في شؤون المحافظة.
وبفضل نفوذه القبلي الواسع وعلاقاته المحلية، شكل الحريزي حائط صد منيعاً أمام أي محاولة لتغيير الوضع القائم في المهرة، محافظاً على توازن دقيق حافظ على استقلالية المحافظة نسبياً.
غير أن المشهد تغير بشكل جذري مع بدء قوات الانتقالي توسعها شرقاً. فبينما كان الحريزي حاضراً بقوة في كل الأحداث والتحركات السابقة، اختفى تماماً عن الأنظار، مما فتح الباب على مصراعيه لتفسيرات متعددة حول مصيره ودوافع غيابه.
وكشفت مصادر مطلعةعن تفاصيل وراء الكواليس أدت إلى هذا الغياب المفاجئ.
ووفقاً للمصادر، فإن عملية "التسليم السلس" التي تمت بموجبها سيطرة قوات الانتقالي على مقار الحكومة والمؤسسات الأمنية في المهرة، دون أي مقاومة تذكر، أربكت حسابات الحريزي بشكل كامل.
وأضافت المصادر أن الحريزي كان يراهن على حدوث مواجهات مسلحة أو اشتباكات محدودة على الأقل، كان يخطط لقيادتها شخصياً وتحويلها إلى "مقاومة شعبية" ضد الانتقالي، على غرار نماذج صراعية سابقة في جنوب اليمن. إلا أن الهدوء النسبي الذي رافق العملية، والقبول الواسع من قبل القوى المحلية الأخرى، أفقد الحريزي الزخم اللازم وحوّل خططه إلى مجرد حبر على ورق، مما أدى إلى حالة من الإحباط الشديد والارتباك الاستراتيجي.
وفي تطور لافت، ختمت المصادر بالقول إن حالة الارتباك التي سيطرت على الحريزي، مضافاً إليها شعوره بخسارة الدعم المحلي والتوازن القائم، دفعته في نهاية المطاف إلى اتخاذ قرار المغادرة عبر الحدود إلى سلطنة عُمان، التي تربطه بها علاقات تاريخية وقبلية. وتُعد هذه الخطوة بمثابة انسحاب فعلي من الساحة السياسية والعسكرية في المهرة، على الأقل في المرحلة الحالية.
يُعتبر غياب الحريزي أكثر من مجرد اختفاء شخصي؛ إنه يمثل مؤشراً على تآكل قوة المعارضة المنظمة لسياسات المجلس الانتقالي في شرق اليمن.
في غضون ذلك، يواصل المجلس الانتقالي تعزيز سيطرته على الأرض، فيما يراقب التحالف العربي الأوضاع عن كثب، مما يضع المنطقة على مفترق طرق جديد قد يحدد شكل اليمن المستقبلي في المرحلة المقبلة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news