كتب / بشرى العامري:
يحتفل أنصار علي عبدالله صالح (عفاش) بما يزعمون أنها ثورة الثاني من ديسمبر، وهي حكاية تحمل من الغرابة ما يستحق الوقوف عندها. فحدث الثاني من ديسمبر كان مؤلماً لكل محبّي عفاش، إذ انتهى بعد ساعات قليلة جداً بمقتله بطريقة وحشية على يد ميليشيات الحوثي.
وأظهرت الصور التي نشرها الحوثيون انفسهم وهم يحتفلون بمقتله طريقة القتل البشعة، بما فيها شقّ الرأس بالفأس، ولفّ الجثة ببطانية فوق ظهر سيارة نقل.
تشرّد ذلك اليوم كل أتباع الرجل، وهرب قائد حرسه الشخصي طارق صالح قبل الآخرين، واعتُقل من بقي من أولاد الزعيم!. ثم زاد الحوثيون من الإهانة برفضهم تسليم الجثة أو السماح بدفنها لعدّة أشهر.
وحتى الدفن تمّ بطريقة سرّية وبحضور لا يتجاوز أصابع اليد، بحسب روايات المقرّبين.
كان كل ذلك مشهداً مزرياً، فكيف بحتفل انصاره بهذه الذكرى المشئومة بالنسبة لهم؟!.
في ذلك اليوم ارتكب الحوثيون جريمة إعدام خارج نطاق القضاء، وكان بالإمكان أسرُ الرجل وتركُه يعيش، لكن الميليشيات الحوثية قررت التصفية بوحشية، وهذا أمر بات معروفاً، غير أن الغريب هو خروج الأتباع اليوم لتصوير الحدث على أنه ثورة وانتصار، وهو ما لا يقبله عقل، ويؤكد أن من تبقّى منهم يعيش أزمة حقيقية، أزمة فقدان القائد، وأزمة تشظّي مخيفة، والأهم البحث عن أي موقف يتباهون به أمام الشعب، حتى لو كان في ذكراه إهانة لهم ولزعيمهم المغدور..
وتناسوا الحقيقة المُرّة في تحالف علي عبدالله صالح مع الحوثيين لإسقاط صنعاء، ثم شراكته معهم في حكومة التمرد، والتي تعد من أكبر الجرائم التي لن تنساها الأجيال ولن يغفرها التاريخ.
لقد ظهر عفاش وإلى جانبه طارق صالح، وقواته تحاصر تعز، وهو يحثّ على ضرب المدنيين بالقناصات! كان يتلذذ بالانتقام، غير مدركٍ بأنه يسلّم رأسه لقاتليه، ويسلّم تاريخه لأسوأ صفحات الذكريات في وجدان الناس.
ازدرى العفاشيون حزب الإصلاح، ونسوا أن من دعم الإصلاح ووسّع نفوذه في الدولة والجيش والفرقة هو صالح نفسه، والأسوأ أنهم هرعوا إلى الحوثي الذي قتل زعيمهم، وبقوا بعد مقتله كما قبله في شراكة مع حكومة التمرّد.
وإذا كان هناك ثمة وقفة مع أحداث الثاني من ديسمبر، فينبغي أن تكون للاعتذار عن الجرائم التي ارتكبها أنصار صالح بحق الوطن أولاً، ولتكن وقفةً لتصحيح الأخطاء واعتبار تلك السياسات والرعونة سبباً رئيسياً في دمار اليمن.
وقبل ذلك وبعده، يبقى السؤال قائماً: هل يمكن أن نرى موقفاً صريحاً من القيادة في المخا أو من أجنحة حزب عفاش، يعلنون فيه أنهم مع الشرعية؟! وأنهم يعترفون برئاسة الدكتور رشاد العليمي؟! وأنهم مع الوحدة، وأن قوات المخا ستكون جزءاً من الجيش الوطني وليست قوةً خارج المؤسسة العسكرية؟.
المطلوب اليوم مواقف عملية وحقيقية للمّ الصف، بعيداً عن دائرة الثأر وتزييف التاريخ، والاحتفال بذكرى تسيء أكثر مما تمجد وهماً يجعلهم سخرية للعالم أجمع.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news