انتفاضة ديسمبر.. يوم كسر الزعيم صالح الصمت و غيّرت وجه اليمن
قبل 4 دقيقة
شهدت العاصمة صنعاء في الثاني من ديسمبر 2017 واحدة من أكثر اللحظات حدة في تاريخها الحديث، حين خرج الرئيس الراحل الشهيد علي عبدالله صالح في خطاب متلفز أعلن فيه فضّ الشراكة مع جماعة الحوثي، ودعا اليمنيين إلى الانتفاض ضد مليشيا الكهنوت الحوثية وعبثها بالسلطة.
كان ذلك الإعلان بمثابة الشرارة التي فجّرت صراعاً مكبوتاً داخل العاصمة، حيث قدم الزعيم علي عبدالله صالح ورفيقه عارف الزوكا أرواحهما دفاعاً عن الجمهورية.
قبل هذه اللحظة، كانت العلاقة بين المؤتمر الشعبي العام والحوثيين تمر بتوترات متصاعدة. فقد كانت الجماعة توسّع قبضتها على مؤسسات الدولة، وتفرض وصايتها على القرار الأمني والعسكري، فيما كان قادة المؤتمر يشعرون بأن المجال يضيق عليهم يوماً بعد يوم. وعندما أعلن صالح موقفه الحاسم، تحولت حالة الغليان المكتومة إلى اشتباكات مسلحة امتدت من الحي السياسي إلى شارع صخر ومحيط جامع الصالح ومنازل قيادات المؤتمر.
في الساعات الأولى للانتفاضة، استطاع أنصار المؤتمر تحقيق مكاسب ميدانية لافتة، واستعادوا عدداً من المؤسسات، ما أعطى انطباعاً بأن الكفة قد تميل لصالحهم بسرعة. لكن الحوثيين، بفضل الغدر وشراء بعض الولاءات، استعادوا زمام المبادرة بعد معارك طاحنة استمرت ثلاثة أيام، استخدموا خلالها كل ما لديهم من عتاد وقوة نارية لفرض سيطرتهم مجدداً على العاصمة.
كانت أنظار العالم متجهة نحو صنعاء، بينما اكتفت العواصم الإقليمية والدولية بالمراقبة والدعوات إلى التهدئة. ولم تتغير موازين القوى سريعاً رغم الدعم السياسي لإعلان الزعيم علي عبدالله صالح، كما لم تسمح ظروف المعركة داخل المدينة بأي تدخل مباشر يمكنه قلب النتائج.
وفي الرابع من ديسمبر، وقعت اللحظة الأكثر مأساوية حين حاول الرئيس السابق الخروج من العاصمة إلى مسقط رأسه في سنحان لترتيب صفوف المعركة ضد مليشيا الحوثي، فتعرض موكبه لكمين أدى إلى استشهاده، بطريقة هزت اليمنيين وأحدثت صدمة سياسية عميقة. لم يكن ذلك مجرد حادثة استشهاد زعيم سياسي، بل نقطة فاصلة غيّرت طبيعة الصراع وأنهت مرحلة وفتحت أخرى.
ورغم الضربة التي تعرضت لها انتفاضة ديسمبر، فقد تحولت إلى رمز لإرادة الرفض الشعبي لدى كثير من اليمنيين، ورسالة واضحة بأن الدولة يمكن أن تستعيد نفسها مهما طال الزمن. أصبحت ذكراها مناسبة يستحضر فيها الناس فكرة المقاومة ضد الهيمنة، وعودة الروح للجمهورية بعد سنوات من الاختناق السياسي.
انتفاضة 2 ديسمبر لم تكن نهاية مشروع، بل بداية مرحلة جديدة في مسار الصراع اليمني. بقيت رمزاً لرفض الانقلاب وصرخة لاستعادة الدولة من قبضة السلاح، وما تزال آثارها ممتدة في الوعي اليمني حتى اليوم، مؤكدة أن إرادة التغيير، وإن تعثرت، لا تموت.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news