دفعت مليشيا الحوثي التابعة لإيران، خلال الأيام الماضية، نحو تصعيد عسكري واسع عقب فشل جولة المحادثات التي رعتها سلطنة عُمان تحت غطاء أممي، والتي كانت الجماعة تعوّل عليها لإحداث اختراق سياسي يخفف من عزلتها المتزايدة. إلا أن انتهاء الجولة دون أي نتائج ملموسة كشف عمق مأزق الحوثيين السياسي، ودفعهم مجددًا إلى خيارهم التقليدي: الهروب إلى الأمام عبر التصعيد العسكري.
تحركات عسكرية واسعة.. ومؤشرات ارتباك
وبحسب مصادر ميدانية، فقد كثّف الحوثيون نشاطهم وتحشيدهم العسكري في جبال جنوب إب، بنصب صواريخ بالستية وعتاد عسكري في خطوة تُعد محاولة لإعادة ترتيب خطوطهم الدفاعية في المناطق الوسطى، وسط مؤشرات على تراجع أدائهم القتالي خلال الأشهر الأخيرة.
كما دفعت الجماعة بتعزيزات إضافية نحو جنوب الحديدة، حيث شنت هجمات واسعة على مواقع القوات المشتركة في مديرية حيس وجبل راس، في محاولة لفرض واقع ميداني جديد يعوّض إخفاقاتها السياسية. غير أن تلك الهجمات قوبلت برد قوي من القوات المشتركة، التي تمكنت من احتواء معظم المحاولات ومنع الحوثيين من تحقيق أي مكسب ميداني يذكر.
فشل سياسي يتكشف.. ومؤشرات انهيار داخلي
فشل الجولة الأخيرة من المحادثات – التي سوّقتها مسقط كفرصة لفتح مسار سلام جديد – كشف حجم الهوة بين خطاب الحوثيين السياسي وأفعالهم على الأرض. فبينما كانت الجماعة تسعى لإظهار نفسها كشريك جاد في جهود السلام، أظهرت الوقائع أن قرارها ما يزال مرتهنًا للتصعيد، وأن أي مسار تفاوضي لا يُلبي شروطها الأحادية سرعان ما يتحول إلى مجرد مناورة لكسب الوقت.
ويرى مراقبون أن التصعيد الحالي يعكس حالة ارتباك داخل مسارات اتخاذ القرار في صنعاء، خاصة بعد سلسلة الهزائم السياسية والعسكرية وفشل الجماعة في ضمان تماسك صفوفها الداخلية.
تنامي قدرات الحكومة واستقرار اقتصادي نسبي
تزامن التصعيد الحوثي مع تحسن واضح في قدرات القوات الحكومية خلال الأشهر الماضية، سواء على مستوى التدريب والتسليح أو على مستوى إعادة ترتيب مسارح العمليات. وتؤكد مصادر عسكرية أن الحكومة أصبحت في وضع دفاعي وهجومي أفضل مقارنة بالسنوات الماضية، وهو ما يجعل أي مغامرة حوثية جديدة مكلفة وغير مضمونة النتائج.
إضافة إلى ذلك، ساهم الاستقرار الاقتصادي النسبي في المناطق المحررة – بفضل انتظام صرف الرواتب وتحسن إيرادات الدولة والحد من التضخم – في تعزيز موقف الحكومة سياسيًا وميدانيًا، مقابل تدهور اقتصادي ومعيشي غير مسبوق في مناطق الحوثيين، ما يفاقم من أزماتهم الداخلية.
وتكشف التطورات الأخيرة أن مليشيا إيران الحوثية تلجأ للتصعيد العسكري كلما اصطدمت بجدار الفشل السياسي، في محاولة لتغيير المعادلات بالقوة بعد عجزها عن تحقيق مكاسب عبر التفاوض. إلا أن توازن القوى الجديد على الأرض، وتنامي قدرات القوات الحكومية، يشيران إلى أن أي مقامرة حوثية في هذه المرحلة لن تكون سوى خطوة يائسة تعكس حجم التراجع داخل الجماعة، وليس تعبيرًا عن قوة أو قدرة على فرض شروطها.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news