قالت "هيومن رايتس ووتش"، اليوم الخميس، إن ميليشيا اعتقلت عشرات المعارضين السياسيين منذ يوليو 2025، بمن فيهم قادة عدة أحزاب سياسية في اليمن، وقد يرقى بعض هذه الاعتقالات إلى الاختفاء القسري.
وأوضحت المنظمة في بيان صادر عنها، اليوم، أنه اعتُقل ما لا يقل عن 70 شخصا على صلة بـ "حزب الإصلاح" في غضون 24 ساعة في محافظة ذمار في 28 أكتوبر الماضي، ليرتفع العدد الإجمالي لأعضاء الحزب المحتجزين إلى أكثر من 200، حسبما قال الحزب في بيان.
وأشار البيان إلى أن الاعتقالات الأخيرة تأتي في إطار حملة أوسع على مدار العام ونصف العام الماضيين، استهدفت أعضاء المجتمع المدني وموظفي "الأمم المتحدة" والمنظمات غير الحكومية ورجال الأعمال وحتى أشخاص من سلطات الحوثيين.
وأفاد البيان أن "هناك على الأقل 59 موظفا أمميا محتجزين وغير قادرين على التواصل مع محام، ولديهم اتصال محدود بأسرهم، إن وجد أصلا".
في غضون ذلك، قالت هيومن رايتس وتش إن الحوثيين يصعّدون من توجيه اتهامات مشكوك فيها بالتجسس ضد المحتجزين في حالات شملت محاكمة جائرة جرت مؤخرا لـ 21 شخصا، حُكم على 17 منهم بالإعدام، لافتة إلى أنه اتُهم العديد منهم بالتجسس دون وصول كاف إلى الإجراءات القانونية الواجبة.
وقالت باحثة اليمن والبحرين في منظمة "هيومن رايتس ووتش"، نيكو جعفرنيا: "بدلا من تلبية الحوثيين للاحتياجات الملحة لليمنيين في المناطق التي يسيطرون عليها، يبدو أنهم يحتجزون أي شخص يعتبرونه تهديدا لحركتهم. عليهم الإفراج فورا عن جميع المحتجزين تعسفا وتحويل تركيزهم إلى حماية وتلبية احتياجات حقوق أولئك الذين يعيشون في مناطق سيطرتهم".
وذكرت هيومن رايتس ووتش أنها تحدثت إلى 13 شخصا، بينهم أقارب المحتجزين وصحفيون وأعضاء في المجتمع المدني كانوا يتابعون القضايا، وراجعت وثائق أيضًا متعلقة بالاعتقالات، منها بيانات صادرة عن أحزاب سياسية، ولوائح اتهام رسمية، وقوائم بأسماء المحتجزين.
ونقلت المنظمة عن المتحدث باسم حزب الإصلاح، عدنان العديني، القول إن الحملة ضد حزبهم بدأت بعد أن حاولت قوات الحوثيين اعتقال الشيخ صالح حنتوس، رجل الدين البارز في محافظة ريمة، وقتلته في نهاية المطاف في 1 يوليو 2025.
واضاف العديني: "اتهم الحوثيون حنتوس، وهو داعية في العقد السابع من عمره، وعضو في حزب الإصلاح، بـ "تبني مواقف موالية للعدوان الأمريكي الصهيوني على بلادنا، وسعى إلى إحباط الأنشطة الشعبيّة والرسمية المؤيّدة للمقاومة الفلسطينية".
ووفق "هيومن رايتس ووتش" اعتقل الحوثيون في 3 أغسطس، المسؤول في "حزب البعث العربي الاشتراكي" رامي عبد الوهاب، وفي 20 أغسطس، اعتقلوا غازي الأحول، الأمين العام لـ "المؤتمر الشعبي العام"، الحزب السياسي التابع للرئيس السابق علي عبد الله صالح، وفي 25 سبتمبر، اعتقلوا السكرتير الثاني لمنظمة "الحزب الاشتراكي اليمني" عايض الصيادي في محافظة ذمار.
وقال أقارب عبد الوهاب والصيادي إن الرجلين لم يُسمح لهما بزيارات عائلية أو بتعيين محامين لتمثيلهما.
وقال الأمين العام لـ "منظمة مساواة لحقوق الإنسان والحريات" (مساواة)، نجيب الشغدري، إن معظم المحتجزين مؤخرا لم يكونوا مسؤولين في الحزب، بل موظفين حكوميين ومدرّسين وشخصيات اجتماعية.
قال ابن أحد المحتجزين من حزب الإصلاح لـ هيومن رايتس ووتش إن والده اقتاده رجال مسلحون ملثمون من سيارته في ذمار في نوفمبر. قال هو وعائلات ستة محتجزين آخرين إن الحوثيين لم يقدموا مذكرات توقيف ولم يبلغوا عن المكان الذي يأخذون إليه أقاربهم. لا تعرف العائلات التهم الموجهة إلى ذويها أو أماكنهم ولم تتمكن من التواصل معهم، ما يرقى إلى الاختفاء القسري.
وثقت هيومن رايتس ووتش سابقا حالات أقدم فيها الحوثيون على اعتقال العشرات وإخفائهم قسرا بسبب انتماءاتهم السياسية، بما يشمل في أبريل 2020، عندما اعتقلوا 25 عضوا من حزب الإصلاح من ذمار.
في يونيو 2024، حكمت "المحكمة الجزائية المتخصصة" بالإعدام على 44 شخصا اعتقلوا في 2020، 16 منهم حوكموا غيابيا، وحكم على خمسة آخرين بالسَّجن، وفقا لتقرير مساواة. لم يكن لأي منهم تواصل كاف مع محام.
قال قريب أحد المحتجزين المحكوم عليهم بالإعدام إن العائلة حاولت تكليف عبد المجيد صبرة، وهو محام بارز في صنعاء، بقضيته، لكن القاضي "رفض منح صبرة نسخة عن ملف القضية ولم يسمح له بالتحدث وظل يطلب منه التزام الصمت، وعندما اعترض صبرة، أمره القاضي بمغادرة المحكمة". في 25 سبتمبر 2025، اقتحم الحوثيون مكتب صبرة في صنعاء واقتادوه إلى مكان مجهول.
في تقريره لعام 2025، ذكر "فريق خبراء الأمم المتحدة المعني باليمن" إن "القضاء [التابع للحوثيين] استًخدم كأداة لقمع المعارضين ومصادرة حرية التعبير. وأضاف أن" النيابة الجزائية المتخصصة في صنعاء وجّهت اتهامات إلى مئات الأفراد بالخيانة والتجسس". وقال إن "المحتجزين غالبا ما يُحرمون من الاطلاع على مذكرات إيقافهم ولوائح اتهامهم الرسمية، ومن الاستعانة بمحامٍ والاطلاع على الأدلة. ويُحتجز كثيرون منهم لفترات مطولة دون محاكمة أو إشراف قضائي".
وثقت هيومن رايتس ووتش ومنظمات أخرى، بما يشمل فريق الخبراء البارزين الأممي المعني باليمن، استخدام الحوثيين التعذيب للحصول على معلومات أو اعترافات.
اعتقال شخص دون أمر قضائي وتهم واضحة يشكل انتهاكا بموجب المادة 132 من"قانون الإجراءات الجزائية" اليمني. استجواب شخص متهم بارتكاب جريمة دون حضور محاميه يشمل انتهاكا للمادة 181. وينص القانون أيضا، في المادة 6، على أن "كل قول يثبت أنه صدر من أحد المتهمين أو الشهود تحت وطأة شيء مما ذكر (تعذيب المتهم أو معاملته بطريقة غير إنسانية أو إيذائه بدنيا أو معنويا) يهدر ولا يعول عليه". احتجاز شخص دون أساس قانوني أو، في الإجراءات الجنائية، دون توجيه تهم إليه على الفور، يشكل انتهاكا للقانون اليمني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
وقالت جعفرنيا: "ينبغي للحوثيين الإفراج فورا عن جميع المحتجزين تعسفا بسبب انتماءاتهم السياسية فقط. كما ينبغي لهم الإفراج عن المحتجزين تعسفا الآخرين، بمن فيهم المحتجزون بسبب إحياء ذكرى ثورة 26 سبتمبر، والصحفيون، والمحامون، وعشرات موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني".
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news