يُعد اليمن من البلدان التي ازداد فيها الاهتمام الشعبي بالتداول الرقمي بين الشباب، رغم غياب الإطار التشريعي الواضح، ما يطرح تحديات ومخاطر أمام المستخدمين والقطاع المالي في البلاد.
ويجري التداول في اليمن، بشكل رئيسي عبر منصّات عالمية، ومنصّات P2P، ومن خلال وسطاء محليين، في ظل عدم وجود أطر رسمية. وسوق العملات المشفرة في اليمن صغير مقارنةً بالأسواق العالمية، لكن نشاطه يزداد في أوقات الضغوط الاقتصادية التي تمر بها البلاد.
في السياق، يقول الخبير الاقتصادي والمختص في تحليل سوق العملات الرقمية، عيسى أبو حليقة، لـ "العربي الجديد"، إن سوق العملات المشفّرة في اليمن ينمو بشكل غير رسمي وبلا إطار رقابي، ما يخلق فرصًا للمستخدمين لكنه يعرضهم لمخاطر كبيرة قد لا تؤثر على تراجعهم عن هذا السوق رغم الظروف الاقتصادية الحالية، الأمر الذي يتطلب سرعة تدخل الجهات المعنية لوضع إطار تنظيمي وآليات حماية للمستهلكين في ظل الخسائر القياسية لبيتكوين.
واتجه كثير من اليمنيين إلى سوق العملات الرقمية خلال الستة أشهر الماضية بشكل كبير لأسباب متعددة كما يقول شباب بين الفئة العمرية 25 – 40 عامًا، لـ"العربي الجديد".
الشاب الثلاثيني إبراهيم طربوش، أحد المواطنين الذين اتجهوا إلى سوق العملات الرقمية بشكل مبكر في العام 2020، يقول لـ "العربي الجديد"، إن أغلب اليمنيين يتعاملون مع المنصّات المبتدئة التي تغريهم بالربح السريع وسهولة الإجراءات وفتح الحسابات، مقارنة بالمنصّات الأخرى الكبيرة مثل "بايننس وكويننكس" والتي كان الكثير قبل سنوات يجد صعوبة بالغة في فتح الحسابات لديها، ومن هنا كانت المخاطرة كبيرة وغير محسوبة للكثير من الشباب اليمنيين، وما حصل الأيام الأخيرة نموذج واضح لما تعرضوا له من خسائر طوال الفترات الماضية.
يتطرق طربوش إلى نقطة مهمة في هذا الخصوص، إذ لا يستطيع اليمنيون توثيق حساباتهم بسهولة، إضافة إلى أن أغلبهم يتعاملون بالعملات الصغيرة، في حين المتعاملون بالعملات الكبيرة مثل بيتكوين وغيرها، قلة وأغلبهم يتداولونها من قبل العام 2018.
ويتطرق الخبير المصرفي علي التويتي، في حديث لـ "العربي الجديد"، إلى ما يعتبره أخطر مشكلة تُواجه اليمن في هذا السوق والمتمثلة بالمنصات الوهمية التي تنتشر بالعشرات وليس لها أي صلة بالتداول، وتَعد بأرباح خياليةٍ تصل إلى 100% شهريًا، لكنها تنتهي بخسارة كل أموال المساهمين، ولا سيما الذين لا يتداولون بأنفسهم بل يلاحقون الربح السريع، فيقعون ضحايا لمحتالين، كما حدث قبل أشهر في منصة ITAS التي أُغلِقَت على خسائر تجاوزت 12 مليون دولار، وكان جميعُ ضحاياها من اليمنيين.
المنصات وتقلبات السوق
كما أن المتداولين في اليمن بسبب ضعف رأس المال يتداولون في العقود الآجلة وبرافعة تصل إلى 100 ضعف رأس المال، ويتعرضون لخسارة أموالهم بسبب تقلبات الأسواق التي تتحكم بها مؤسسات كبيرة ومتداولون كبار عالميون، حسب التويتي، الذي يقول: لذلك تكون الخسارة حتمية، في حين أن المتداولين الرسميين في المنصات الموثوقة والعملات المشفرة يخسرون فيها غالبًا 90% من المتداولين، ويربحون 10% فقط.
وينبه أستاذ الاقتصاد المالي بجامعة حضرموت، محمد الكسادي، في حديث لـ "العربي الجديد"، من خطورة المضاربات التي كانت أحد أهم الأسباب التي أدت لخسارة الشباب اليمني لمبالغ كبيرة، حيث يلجأ كثير من الشباب اليمني المقتدرين والميسورين والذين يفضلون المغامرة إلى المضاربة عبر منصة مثل "سولانا" وكذا "فاريو" والتي تتسبب بخسائر كبيرة لهم حيث كانت العملات تصدر من أوكرانيا واستقطبت الكثير خلال السنوات الثلاث الماضية، قبل أن يصطدموا بكونها وهمية، مشيرًا إلى أن سوق العملات غير نظامي ولا يخضع لرقابة البنك المركزي اليمني في ظل الانقسام وتفكك البنك الذي يعمل برأسين في عدن وصنعاء.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news