في منعطف استراتيجي فارق، وتحت سماء العاصمة الجنوبية عدن التي تتوق إلى النور والاستقرار، انطلقت صباح اليوم الأربعاء فعاليات المؤتمر الوطني الأول للطاقة.
هذا الحدث، الذي يُعقد تحت شعار “الطاقة المستدامة لتعافي بلادنا”، لا يمثل مجرد تجمع رفيع المستوى، بل هو بمثابة إعلان صريح عن بدء مرحلة جديدة وجادة لمواجهة أزمة الكهرباء التي طال أمدها وأثقلت كاهل المواطنين والقطاعات الحيوية وبرعاية المجلس الانتقالي الجنوبي ودولة رئيس الوزراء، وإشراف مباشر من وزارة الكهرباء والطاقة، وبالتعاون الوثيق مع شركاء التنمية الدوليين والقطاع الخاص.
يُعد هذا المؤتمر المنصة الوطنية الأولى من نوعها التي تهدف إلى وضع حلول هيكلية وجذرية لأزمة الطاقة، والانتقال بالبلاد نحو مستقبل يعتمد على الطاقة النظيفة، الفعّالة من حيث التكلفة، والقادرة على الصمود في وجه التحديات.
لقد عانى قطاع الطاقة لعقود من إهمال ممنهج وسياسات غير فعالة، تفاقمت حدتها بفعل سنوات النزاع التي دمرت البنية التحتية واستنزفت الموارد، مما أدخل البلاد في دوامة من الظلام والعجز.
لم تكن أزمة الكهرباء مجرد انقطاع للتيار، بل كانت شللاً أصاب كل مفاصل الحياة؛ فتوقفت المستشفيات عن تقديم خدماتها الحيوية، وتجمدت عجلة الإنتاج في المصانع، وفسدت السلع في المتاجر، وتوقفت مضخات المياه، وتحولت ليالي المدن إلى كابوس يؤرق سكّانها.
اقرأ المزيد...
مؤسسة دعم حماية وتنمية المجتمع تصدر ورقة سياسات لإنشاء منظومة حماية شاملة للنساء في بلادنا
26 نوفمبر، 2025 ( 9:37 مساءً )
د. صدام: مؤتمر عدن للطاقة يمثل نقطة انطلاق استراتيجية نحو مستقبل مستدام
26 نوفمبر، 2025 ( 9:28 مساءً )
اليوم، يأتي هذا المؤتمر كاستجابة ملحّة وضرورية لهذه الأزمة المتجذرة، حاملاً في طياته أملاً حقيقياً بالخلاص في تتويج لجهود سياسية ودبلوماسية كبيرة قادها الرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزُبيدي، الذي وضع ملف تحسين الطاقة الكهربائية في عدن وعموم محافظات الجنوب على رأس أولوياته، مدركًا أن إنارة المدن هي الخطوة الأولى نحو إعادة بناء الحياة، وتحفيز الاقتصاد، وتحقيق التنمية الشاملة. إنها ليست مجرد محاولة لإصلاح قطاع مُنهك، بل هي رؤية متكاملة لتعافٍ أخضر طويل الأمد، يجمع بين الخبرات الدولية والطاقات المحلية، ويفتح الباب واسعًا أمام حوار استراتيجي يضم كافة الأطراف الفاعلة من حكومة، ومانحين، ومستثمرين، ومجتمع مدني، لرسم مستقبل أكثر إشراقًا واستدامة للأجيال القادمة.
*منصة وطنية لتوحيد الجهود*
يُشكّل المؤتمر الوطني الأول للطاقة حدثًا مفصليًا في تاريخ البلاد، كونه أول منصة وطنية جامعة بقيادة وزارة الكهرباء والطاقة تجمع تحت سقف واحد قادة الحكومة، وشركاء التنمية الرئيسيين، ومؤسسات القطاع الخاص، والمانحين الدوليين.
تأتي أهمية هذه المنصة من كونها استجابة ملحّة لحاجة البلاد الماسة لإصلاحات هيكلية عميقة في قطاع الطاقة الذي عانى من تحديات مزمنة تفاقمت بفعل سنوات من عدم الاستقرار. الهدف الأسمى هو إرساء حوار استراتيجي بنّاء وتشاركي، يتجاوز الحلول المؤقتة والترقيعية التي أثبتت فشلها، ليؤسس لنهج مؤسسي متكامل يواجه احتياجات الطاقة الملحة. لقد كانت الجهود السابقة متفرقة، وغالبًا ما كانت تتعارض فيما بينها، مما أدى إلى هدر كبير في الموارد الشحيحة أصلاً.
يسعى المؤتمر إلى إنشاء آلية تنسيق مركزية تضمن أن كل دولار يتم استثماره وكل مشروع يتم تنفيذه يخدم رؤية وطنية موحدة كما يسعى المؤتمر إلى توحيد الرؤى وتنسيق الاستراتيجيات بين الحكومة والجهات المانحة، لتجنب ازدواجية الجهود وضمان أن كل تمويل أو استثمار يصب في إطار وطني متسق ومدروس لتعافي قطاع الطاقة بحيث يضمن هذا النهج التشاركي الشامل مواءمة الخطط الحكومية مع دعم الشركاء الدوليين، مما يمهد الطريق لتحقيق نتائج ملموسة ومستدامة على الأرض.
جمع كل هؤلاء الفاعلين في مكان واحد لا يهدف فقط إلى تبادل الأفكار، بل إلى بناء الثقة، وتذليل العقبات البيروقراطية، وتشكيل جبهة موحدة قادرة على مواجهة التحديات المعقدة للقطاع، بدءًا من إعادة بناء البنية التحتية المدمرة وصولًا إلى إصلاح الإطار التشريعي والتنظيمي الذي يعيق الاستثمار الخاص.
*”العهد الوطني للطاقة”: وثيقة رؤية لمستقبل يمتد حتى 2035*
أحد أبرز المخرجات المنتظرة من هذا المؤتمر التاريخي هو إطلاق واعتماد عملية “العهد الوطني للطاقة”، وهي وثيقة رؤية استراتيجية مشتركة تحدد مسار إصلاح القطاع حتى عام 2035. تمثل هذه الوثيقة، التي يجري تطويرها بالتنسيق مع خبراء البنك الدولي، خارطة طريق واضحة المعالم، تضع معايير دقيقة للإصلاح، وإعادة الهيكلة المؤسسية، وتحدد أولويات الاستثمار في البنية التحتية للطاقة.
يتجاوز العهد الوطني كونه مجرد خطة فنية،ليصبح ميثاق وطني يحظى بدعم سياسي على أعلى المستويات، ويهدف إلى تعزيز الحوكمة المؤسسية، وتحسين الشفافية، وخلق بيئة جاذبة للاستثمارات طويلة الأمد. هذا الميثاق هو التزام من جميع الأطراف بالعمل معًا لتحقيق أهداف مشتركة، وهو ما يمنحه قوة وزخمًا يتجاوز أي خطة حكومية تقليدية.
من خلال هذا العهد، سيتم إدراج تعافي قطاع الكهرباء ضمن الأجندة الوطنية ذات الأولوية القصوى، وبدء عملية استشارية واسعة لصياغة مستقبل الطاقة بما يتماشى مع أفضل الممارسات الدولية المتبعة في السياقات الهشة وما بعد النزاع.
ستتضمن الوثيقة أهدافًا مرحلية قابلة للقياس، ومؤشرات أداء واضحة لتقييم التقدم المحرز، مما يضمن بقاء عملية الإصلاح على المسار الصحيح. كما ستحدد الوثيقة الأدوار والمسؤوليات لكل جهة، من الحكومة إلى القطاع الخاص والمجتمع المدني، لضمان تكامل الجهود وتحقيق الأهداف المرسومة بكفاءة وفعالية.
الأهم من ذلك، أن هذا العهد سيشكل الأساس الذي ستبنى عليه جميع اتفاقيات التمويل المستقبلية، مما يضمن أن جميع المساعدات والاستثمارات تخدم هذه الرؤية طويلة الأمد.
*مشاريع استراتيجية: من الرؤية إلى التنفيذ*
لم يقتصر المؤتمر على كونه منصة للحوار والنقاش النظري، بل تحول إلى محفل رسمي للإعلان عن مشاريع استراتيجية وحزم تمويل ستُحدث نقلة نوعية في قطاع الطاقة. حيث تم الإعلان عن حزمة دعم إماراتية بقيمة مليار دولار مخصصة لمشاريع استراتيجية في عدن ومحافظات الجنوب، تشمل مشاريع طاقة الرياح والطاقة الشمسية.
سيوفر المؤتمر منصة رسمية للإعلان عن حزمة المشاريع ذات الأولوية ضمن خطة الحكومة، مع آليات تنفيذ واضحة وجداول زمنية محددة.
تأتي هذه المشاريع متوافقة مع المخطط الرئيسي للعاصمة عدن، الذي تم تطويره بدعم من البنك الدولي، مع خطط توسع مستقبلية طموحة لتشمل محافظات جنوبية أخرى مثل حضرموت، أبين، والضالع.
هذه المشاريع ليست مجرد أرقام، بل هي شريان حياة جديد سيضخ في شرايين الاقتصاد والمجتمع حيث تشمل هذه المشاريع خيارات متنوعة ممولة بالمنح والقروض الميسرة وأدوات التمويل المختلطة، مما يعكس التزامًا جادًا بتحويل الخطط إلى واقع ملموس يشعر به المواطن.
الإعلان عن هذه المشاريع خلال المؤتمر يبعث برسالة قوية للمواطنين والمستثمرين على حد سواء بأن هناك إرادة حقيقية للتغيير، وأن الدعم الدولي يترجم إلى خطوات عملية على الأرض.
هذه المشاريع لا تهدف فقط إلى زيادة قدرة التوليد، بل تشمل أيضًا تحديث شبكات النقل والتوزيع المتهالكة لتقليل الفاقد الفني والتجاري، الذي يصل في بعض المناطق إلى نسب كارثية تتجاوز 40%، مما يضمن وصول الكهرباء بكفاءة واستقرار إلى المستهلك النهائي.
*نحو طاقة نظيفة ومستدامة: تبني الحلول الخضراء*
يضع المؤتمر التحول نحو الطاقة النظيفة والمتجددة في صميم استراتيجيته، مدركًا أنها ليست ترفًا بيئيًا بل ضرورة اقتصادية وتنموية ملحة.
ستركز النقاشات والجلسات على الاستفادة من الإمكانات الهائلة التي تتمتع بها البلاد في مجال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وهي موارد طبيعية وفيرة يمكن أن تحول البلاد من مستورد للطاقة إلى مصدر لها.
يهدف المؤتمر إلى إطلاق “المساهمات المحددة وطنيًا (NDCs)” باعتبارها الإطار الوطني الشامل الذي يربط بين سياسات الطاقة والعمل المناخي، بما يتماشى مع الالتزامات الدولية.
ينظر إلى التحول بأنه ليس مجرد خيار، بل هو ضرورة حتمية للتخلص من عبء فاتورة الوقود الباهظة التي تستنزف العملة الصعبة وتثقل كاهل ميزانية الدولة. كما سيتم استكشاف آليات مبتكرة لتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص (PPP/PPA) لتعبئة الاستثمارات اللازمة لتطوير مشاريع الطاقة المتجددة على نطاق واسع كما أنه لا يهدف هذا التوجه فقط إلى خفض تكلفة إنتاج الكهرباء وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري المتقلب والمكلف، بل يهدف أيضًا إلى بناء بنية تحتية قادرة على الصمود والمساهمة في تعافٍ أخضر طويل الأمد.
كما أن تبني الطاقة المتجددة سيخلق فرص عمل جديدة في مجالات التركيب والصيانة والتشغيل، وسيعزز أمن الطاقة الوطني، ويقلل من الأثر البيئي السلبي، مما يضع البلاد على مسار تنموي مستدام يتوافق مع التوجهات العالمية.
*الحوكمة المؤسسية وتنسيق المانحين: ضمان الكفاءة والشفافية*
من الأهداف المحورية للمؤتمر تعزيز الحوكمة المؤسسية في قطاع الطاقة، والتي تُعتبر حجر الزاوية لضمان كفاءة واستدامة أي إصلاحات حيث يسعى المؤتمر إلى مواءمة وتفعيل آليات تنسيق المانحين مع الخطط الحكومية ضمن إطار المخطط الرئيسي المدعوم من البنك الدولي بهدف إنشاء منصة موحدة تجمع المانحين والحكومة لتنسيق الاستراتيجيات وتسهيل مسارات الاستثمار، مما يضمن عدم تشتيت الجهود ويمنع الازدواجية في المشاريع.
لقد أدت غياب الحوكمة في الماضي إلى تفشي الفساد، وتعيين كوادر غير مؤهلة، واتخاذ قرارات فنية خاطئة كلفت الدولة المليارات ويسعى المؤتمر لوضع حد لكل ذلك. من خلال وضع آليات رقابة صارمة ومكافحة الممارسات التي أدت إلى هدر الموارد في الماضي، يهدف المؤتمر إلى بناء الثقة لدى الشركاء الدوليين والمستثمرين، والتأكيد على أن التمويل المخصص للقطاع سيُستخدم بأقصى درجات الكفاءة والشفافية لتحقيق نتائج ملموسة ومستدامة.
يتضمن ذلك إصلاحات في هيكل مؤسسة الكهرباء، وتطبيق أنظمة فوترة حديثة وذكية، ومكافحة الربط العشوائي الذي يشكل عبئًا هائلاً على الشبكة، وتعزيز ثقافة المساءلة داخل القطاع وهي إجراءات ضرورية ليس فقط لجذب التمويل، بل لضمان أن يصبح قطاع الطاقة قادرًا على تمويل نفسه وتحقيق الاستدامة المالية على المدى الطويل.
*إشراك المجتمع: صوت المواطن في قلب التحول الطاقي*
إيمانًا بأهمية النهج التشاركي، يحرص المؤتمر على أن يكون منصة مفتوحة لا تقتصر على الخبراء والمسؤولين،حيث يتضمن جلسات مفتوحة تُشرك منظمات المجتمع المدني، والجامعات، والمبادرات الشبابية، والمبتكرين المحليين.
هذه الجلسات ستتيح الفرصة أمام مختلف شرائح المجتمع لطرح أفكارهم ورؤاهم ومقترحاتهم التنموية، مما يضمن أن تكون الحلول المقترحة متوافقة مع احتياجات وتطلعات المجتمعات المحلية.
فالمهندس الشاب الذي ابتكر حلاً لتبريد الألواح الشمسية، وصاحب المبادرة المجتمعية الذي يسعى لإنارة قريته، كلاهما يمتلك جزءًا من الحل.
علاوة على ذلك، يركز المؤتمر
على تحسين الوصول إلى الطاقة في المناطق الريفية والحضرية على حد سواء، من خلال تعزيز حلول الشبكات المصغرة والطاقة المتجددة اللامركزية التي تلبي احتياجات المجتمعات بشكل مباشر وفعّال، وهو توجه يدعمه البنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
إشراك المجتمع لا يقتصر على الاستماع إلى آرائهم، بل يمتد إلى تمكينهم ليكونوا جزءًا من الحل، سواء من خلال تشجيع المبادرات المحلية لتوليد الطاقة أو رفع الوعي بأهمية ترشيد الاستهلاك بما يضمن أن يشعر المواطن بأنه شريك في عملية التغيير، مما يزيد من فرص نجاح واستدامة المشاريع على المدى البعيد.
*دور محوري للقيادة السياسية والأمنية: إرادة ودعم لا محدود*
ما كان لهذا المؤتمر أن يرى النور لولا الجهود الكبيرة والإرادة السياسية الصلبة التي قادها الرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزُبيدي، الذي وضع تحسين قطاع الطاقة كأولوية استراتيجية لتحقيق الاستقرار والتنمية في العاصمة عدن وعموم الجنوب.
هذه الجهود لم تكن سياسية ودبلوماسية فحسب، بل امتدت لتشمل توجيهات عليا للأجهزة الأمنية الجنوبية لتأمين وتسهيل إقامة هذا الحدث الهام.
إن وجود وفود دولية رفيعة المستوى تتجول بأمان في عدن هو بحد ذاته شهادة نجاح وإنجاز أمني كبير كما يثبت كفاءة الأجهزة الأمنية في تنفيذ هذه التوجيهات، مما ضمن سلامة الوفود المشاركة من داخل وخارج البلاد وتسهيل تنقلاتهم، الأمر الذي عكس صورة مشرفة عن الاستقرار الأمني الذي تنعم به العاصمة عدن وقدرتها على استضافة فعاليات دولية كبرى.
يؤكد الدعم السياسي والأمني الكبير الذي توليه القيادة الجنوبية بأن هذا الاهتمام ليس مجرد غطاء للمؤتمر، بل هو رسالة واضحة بأن الدولة بكل مؤسساتها تقف خلف هذا التحول الاستراتيجي، وأنها ملتزمة بتوفير البيئة الآمنة والمستقرة اللازمة لجذب الاستثمارات وتنفيذ المشاريع الكبرى التي ستغير وجه قطاع الطاقة إلى الأبد.
*شراكة إماراتية راسخة: امتنان جنوبي لدعم لا ينضب*
لا يمكن الحديث عن هذا الإنجاز الاستراتيجي دون الإشادة بالدور الأخوي والمحوري الذي تلعبه دولة الإمارات العربية المتحدة، الشريك الوثيق والحليف الاستراتيجي للجنوب. فالعلاقة بين الجنوب والإمارات تجاوزت حدود الدعم التقليدي لتصبح شراكة راسخة مبنية على أواصر الأخوة والمصير المشترك.
لقد كانت بصمات الدعم الإماراتي واضحة في كل منعطف، بدءًا من التضحيات المشتركة في ميادين الشرف، وصولًا إلى الدعم التنموي والإنساني السخي الذي لم يتوقف يومًا عن التدفق.
ويأتي الدعم الكبير لقطاع الطاقة، الذي تجلى في حزم تمويل ومشاريع استراتيجية، كحلقة جديدة في سلسلة طويلة من العطاء الذي يهدف إلى تحقيق الاستقرار والازدهار في الجنوب.
إن الشعب الجنوبي، قيادةً وشعبًا، ينظر بعين التقدير والامتنان لهذا الدعم الصادق، ويرى في دولة الإمارات الشقيق الأكبر الذي وقف إلى جانبه في أحلك الظروف، ويواصل اليوم دوره الريادي في دعم مسيرة البناء والتنمية.
وهذا المؤتمر وما سينتج عنه من مشاريع هو شهادة حية على عمق هذه العلاقة ومتانتها.
*الأثر المتوقع على المدى القصير والمتوسط*
لا يُنظر إلى المؤتمر الوطني الأول للطاقة على أنه نهاية المطاف، بل هو نقطة الانطلاق لمسيرة طويلة وشاقة من العمل الجاد. على المدى القصير، من المتوقع أن تبدأ الفرق الفنية المشتركة بين الحكومة والمانحين في ترجمة مخرجات المؤتمر إلى خطط عمل تنفيذية. سيشعر المواطن بأولى ثمار هذا المؤتمر من خلال البدء الفعلي في تنفيذ المشاريع العاجلة التي تم الإعلان عنها، والتي قد تساهم في تخفيف حدة الانقطاعات خلال الصيف القادم. كما أن إرساء منصة تنسيق المانحين سيسرّع من وتيرة تمويل وإقرار المشاريع الجديدة.
أما على المدى المتوسط، فإن الأثر سيكون أعمق وأشمل مع بدء تنفيذ “العهد الوطني للطاقة” حيث ستشهد مؤسسات القطاع عملية إعادة هيكلة شاملة تهدف إلى رفع كفاءتها وتعزيز استدامتها المالية. كما أن التوسع في مشاريع الطاقة المتجددة سيؤدي إلى خفض تدريجي لتكلفة الكهرباء، وتخفيف العبء عن كاهل المواطن وميزانية الدولة.
من المتوقع أن يؤدي تحسن خدمة الكهرباء إلى انتعاش اقتصادي حقيقي، حيث ستعود المصانع للعمل بكامل طاقتها، وستزدهر المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وستتحسن جودة الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة والمياه، مما يرسم ملامح مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا لعدن وعموم الجنوب.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news