الإعدامات الجماعية في #صنعاء: عندما تتحول قاعات المحاكم إلى مسارح للإرهاب والإبادة

     
الوطن العدنية             عدد المشاهدات : 54 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
الإعدامات الجماعية في #صنعاء: عندما تتحول قاعات المحاكم إلى مسارح للإرهاب والإبادة

في ساعات الصباح الباكر، حين تُنطق الأحكام في صنعاء، لا تُقاس العدالة بعدد الكلمات في الحُجج، بل بعدد الأنفاس التي تُنتزع من الحياة..

المحكمة #الجزائية المتخصصة في صنعاء، التي تعمل في ظل ظروف لا تحتمل تلاعباً أو تراخياً، أصدرت بالأمس حكماً قاسياً بإعدام 16 شخص - إعدام رمياً بالرصاص، في ميدان عام - بعد محاكمة لم تدم سوى أيام قليلة، أقل من أسبوعين، بتهمة “التخابر مع جهات أجنبية”!!

هذا الحكم الجماعي المتسارع يُشبه إعلاناً سياسياً أكثر من كونه قراراً قضائياً محايداً.

وبرأيي أن ما حدث ليس مجرد تنفيذ عقوبة؛ بل تصفية لرجال ونساء بأسماء وأرواح، وانحراف صارخ عن فكرة #العدالة التي تُعنى بحقوق الفرد وضماناته الأساسية.

فعندما يُمنح المتهم وقتاً ضئيلاً لإعداد دفاعه، وعندما تُسدل جلسات المحاكمة بسرعة، يصبح مفهوم “المحاكمة العادلة” هشّاً، أشبه بمحاكاة صورية لا تقف أمام عمق التهم وتعقيدها.. فلا يكفي الزعم بأن الإجراءات كانت “قانونية” إذا لم يُوفّر للمتهمين حقهم في تقديم الأدلة، واستدعاء الشهود، وتفسير طبيعة التهم بصورة شفافة.

أما تنفيذ الإعدام في ميدان عام، فهو ليس قراراً عشوائياً، بل يحمل رسالة مزدوجة: رسالة إلى المتهمين الذين خسروا حياتهم، ورسالة إلى المجتمع بأكمله بأن الخوف والرادع ليسا مجرد نتائج لمحاكمة، بل هدف..

إنه منطق القوة يخترق نسيج #القانون، ويُحوّل الساحة القضائية إلى مسرح لترهيب الناس..

الفوضى القانونية التي تتجلّى في صنعاء هذه الأيام، من خلال محاكمة سريعة جداً، وأحكام جماعية، وتنفيذ علني، تزرع الرعب في النفوس وتكسر الثقة في العدالة كمبدأ، لا كبروباغندا.. فكيف يمكن للمواطن أن يثق بأن أي محاكمة قادمة ستكون نزيهة إذا رأى أن حكماً بهذه الجسامة يصدر بسرعة البرق؟!

القضية لا تكتفي بأنها قانونية أو #سياسية فقط، بل إن لها بُعداً إنسانياً عميقاً.. فهناك أسر ستعيش مع الفقد، أطفال سيكبرون بفكرة أن والدهم لم يُحاكم وإنما “صُفّي”، وبنات وزوجات ستظل تسأل كل يوم "لماذا لم يكن هناك محاكمة حقيقية؟ لماذا لم يكن هناك تأخير لإعطاء الفرصة للدفاع؟ لماذا لم تكن العدالة حقاً للجميع؟".

صدقوني إذا استمر هذا المنحى القضائي، فسنكون أمام تحوّل خطير للقضاء إلى أداة فرض، لا أداة عدل..

خيارنا الوحيد هو أن تكون هناك مراجعة حقيقية، ليست مجرد مراجعة شكلية، بل مراجعة تضمن أن يستمع القانون إلى صرخات أولئك الذين فقدوا أصواتهم.. يجب الضغط من الداخل والخارج، من المجتمع المدني والمنظمات #الحقوقية، لضمان استئنافات عادلة وشفافة، ولمنع تنفيذ أحكام تنزع الحياة بطريقة لا تترك وراءها سوى الصرخات والأسى..

في النهاية، العدالة ليست مجرد كلمة تُنطق في صدور محاكم، بل هي حياة، كرامة، أمل في غد أفضل.. وإذا لم نقل ذلك بصوت مرتفع، فمن سيقوله؟!

✍🏻 بقلم:/ المحامية والمستشارة القانونية / سارة سعيد

🎓 ماجستير القانون الجنائي - فرنسا

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

“ماربورغ”.. وباء جديد لا علاج له ولا لقاحات والحكومة اليمنية ترفع الجاهزية لمواجهته بإجراءات صارمة.. ماهي أعراضه ومخاطره؟

بران برس | 684 قراءة 

تصاعد التوتر في حضرموت.. “الانتقالي” يدفع بتعزيزات ضخمة و“بن حبريش” يدعو للإحتشاد بعد تهديدات بـ“معركة كبرى”

بران برس | 530 قراءة 

البنك المركزي اليمني يوضح حقيقة تقاضي “المعبقي” 40 ألف دولار شهريًا

بران برس | 367 قراءة 

وزير الخارجية اليمني الأسبق عبدالملك المخلافي يرد على موقف اليماني الأخير بشأن الوحدة اليمنية

يمن فويس | 340 قراءة 

الاستعداد لصرف مرتبات جديدة للجيش والامن في عدن

كريتر سكاي | 307 قراءة 

اختفاء ثلاثة قياديين بارزين من جماعة الحوثي، من بينهم المداني والحوثي.. هل اغتيلوا؟

المشهد اليمني | 271 قراءة 

تقرير | مياه المكلا ليست صحية.. 70% من المحطات والمعامل “غير صالحة” باعتراف السلطات و“برَّان برس” يتتبع المشكلة ويناقشها مع مسؤولين ومختصين

بران برس | 263 قراءة 

الراتب الشهري لمحافظ البنك المركزي اليمني “أحمد غالب المعبقي”

يمن ديلي نيوز | 240 قراءة 

وصول تعزيزات عسكرية الى حضرموت

كريتر سكاي | 239 قراءة 

قرار حاسم من عدن بشأن السفر إلى السعودية(وثيقة)

كريتر سكاي | 237 قراءة