شهدت العاصمة اليمنية صنعاء مساء اليوم الثلاثاء، كارثة إنسانية مفاجئة بعد أن ارتفع عدد الوفيات الناتجة عن تناول خمر مغشوش إلى 12 شخصًا، في حادثة تسمم جماعي هزت منطقة الحصبة شمال المدينة، ولا تزال عجلات التحقيق تدور للكشف عن ملابسات الجريمة.
وكشف مصدر أمني رفيع المستوى، طلب عدم الكشف عن هويته، أن الحالات المؤكدة سجلت حتى وقت متأخر من مساء اليوم، جميعها لشباب تتراوح أعمارهم بين 20 و40 عامًا.
وأضاف المصدر أن "عددًا كبيرًا من المصابين لا يزالون يرقدون في المستشفيات، بعضهم في حالة حرجة للغاية، مما يثير مخاوف جدية من ارتفاع حصيلة الوفيات خلال الساعات القادمة".
وفي تفاصيل مروعة، أوضحت مصادر محلية مطلعة على التحقيقات الأولية أن الضحايا تناولوا مشروبات كحولية محلية الصنع، رخيصة الثمن، تم خلطها بكميات كبيرة من مادة كيميائية سامة تُعرف محليًا باسم "الأسبرت"، وهي مادة كحولية (عادة ما تكون الميثانول أو الإيثانول الصناعي) تستخدم بشكل أساسي في التعقيم الطبي وتطهير الأسطح، وتعتبر سامة بشكل قاتل عند دخول الجسم عن طريق الفم.
وأكدت المصادر أن التجار الذين يصنعون هذه المشروبات المميتة يلجؤون إلى إضافة هذه المواد الرخيصة لزيادة نسبة الكحول وتعزيز التأثير السريع للمشروب، متجاهلين تمامًا عواقبها الوخيمة التي تؤدي إلى تلف حاد في الجهاز العصبي المركزي، وفشل كلوي، وعمى دائم، ثم الموت المحقق.
سيطرت أجواء من الذعر والحزن على منطقة الحصبة، وبدأت السلطات الأمنية باستدعاء شهود العيان وأقارب الضحايا لجمع المزيد من المعلومات التي قد تقودهم إلى شبكة التوزيع.
من جهته، أكد طبيب في أحد المستشفيات الحكومية التي استقبلت المصابين (فضل عدم ذكر اسمه) أن المستشفيات تعاني من نقص حاد في المعدات الطبية اللازمة لعلاج حالات التسمم بالميثانول، مثل "الفومبيزول"، وهو ما يعقد جهود الإنقاذ ويقلل من فرص النجاة للحالات الحرجة.
تأتي هذه المأساة لتضع الضوء مجددًا على ظاهرة انتشار الخمور المحلية الصنع والمغشوشة في اليمن، والتي تتفاقم في ظل الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي يمر بها البلد، وغياب الرقابة الفعالة.
وكثيرًا ما تحدث حوادث تسمم مماثلة، لكنها نادرًا ما تصل إلى هذا الحجم من الكارثية.
ودع نشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي السلطات المعنية إلى ضرورة التدخل العاجل وشن حملات توعوية مستمرة حول مخاطر هذه المشروبات، مطالبين بتطبيق أقسى العقوبات على تجار الموت الذين يربحون من أرواح الشباب.
وفي الوقت الحالي، لا تزال التحقيقات جارية، بينما ينتظر أهالي الضحايا في قلق وحسرة، وقلوبهم مع أبنائهم المصابين الذين يصارعون الموت في غرف العناية المركزة، في حادثة ستظل عالقة في أذهان سكان صنعاء لوقت طويل.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news