اعتبر وزير الإعلام والثقافة والسياحة، معمر الإرياني، أن عودة القيادي في الحرس الثوري الإيراني والمدرج على قائمة الإرهاب الأمريكية، عبدالرضا شهلائي، إلى مناطق سيطرة مليشيا الحوثي، تمثل إعلاناً رسمياً عن دخول إيران مرحلة الإدارة المباشرة والعلنية للحوثيين، وانكشاف كامل لمشروعها في اليمن، وذلك في ظل حالة الانكشاف الأمني والتصدع الداخلي التي تعيشها المليشيا بعد مصرع أبرز قياداتها، وفي مقدمتهم عبدالكريم الغماري وآخرون لم يُكشف عنهم.
وأوضح الإرياني، في تصريحات مساء اليوم الثلاثاء، رصدها "المشهد اليمني"، أن توقيت إعادة شهلائي يحمل مؤشرات واضحة على استعداد إيران لجولة تصعيد جديدة، خصوصاً في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، بعد التراجع الحاد في قدرة المليشيا الحوثية على تنفيذ هجمات إرهابية ضد خطوط الملاحة البحرية وحركة التجارة العالمية، نتيجة نفاد المخزون الإيراني من الأسلحة، مشيراً إلى أن طهران تنظر إلى جبهة اليمن باعتبارها منصة رئيسية للضغط الإقليمي والدولي.
وأضاف الوزير أن هذه الخطوة تكشف عمق الأزمة التي تواجهها المليشيا منذ الضربات التي طالت بنيتها العسكرية والأمنية، وتصنيفها منظمة إرهابية، وتنامي الجهود الحكومية والدولية لتجفيف منابع تمويلها وتسليحها، مؤكداً أن المليشيا التي حاولت تغليف تبعيتها الكاملة لإيران بادعاءات "السيادة والاستقلال"، تقف أمام فراغ قيادي غير مسبوق وانهيار في منظومة التحكم والسيطرة، ما اضطر طهران لإعادة واحد من أخطر ضباطها المشرفين على برنامج الصواريخ والمسيرات كحاكم فعلي لمناطق سيطرتها.
وأشار الإرياني إلى أن عودة شهلائي تعكس محاولة إيرانية للالتفاف على الضغوط الدولية التي ضيقت الخناق عليها وعلى أذرعها في المنطقة، وإعادة تدوير منظومتها العسكرية والأمنية، لافتاً إلى أن طهران التي تلقت ضربات موجعة في خطوط إمدادها وتهريب السلاح، تحاول عبر هذه الخطوة إعادة تنشيط أدواتها واستعادة قدرتها على إدارة ملف الصواريخ والمسيرات في اليمن واستخدامه كورقة ضغط جديدة في مواجهة المجتمع الدولي.
وفي السياق ذاته، أوضح الوزير أن هذه العودة تأتي ضمن مساعٍ إيرانية لترميم شبكة التمويل والاقتصاد الموازي التابعة للمليشيا، بعد الضربات التي تعرضت لها نتيجة إجراءات تجفيف الموارد وإغلاق عدد من المسارات المالية غير المشروعة والضغط على شبكات غسيل الأموال، ما دفع طهران للاعتماد على شخصية تمتلك خبرة واسعة في إدارة هذه الملفات.
وأكد الإرياني أن هذه التحركات تنسف تماماً روايات المليشيا حول "السيادة الوطنية"، وتثبت أن قرارها خاضع بالكامل لإشراف الحرس الثوري الإيراني، وأن مناطق سيطرتها تدار من غرف عمليات إيرانية، مشيراً إلى أن عودة ضابط بهذا المستوى تؤكد أن القرار أصبح إيرانياً بالكامل.
وأضاف أن هذه الخطوة تعبر عن حجم القلق الإيراني من احتمال انهيار المليشيا الحوثية وفقدان أهم ورقة ضغط على الممرات البحرية الدولية، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها أذرعها في سوريا ولبنان، والتراجع الكبير في قدرتها على تنفيذ أجندة طهران، ما يجعل اليمن آخر ساحة نفوذ استراتيجية تحاول إيران الحفاظ عليها بأي ثمن.
وشدد وزير الإعلام على أن عودة شهلائي تحمل رسالة واضحة بشأن مستقبل السلام في اليمن، مفادها أن إيران غير معنية بتهدئة الأوضاع أو الدفع نحو تسوية سياسية، وأنها ما تزال تقوض كل الجهود الدولية الرامية لإحلال السلام، وتعمل على تحويل اليمن إلى منصة صراع مفتوح وجبهة مساومة، مؤكداً أن هذه الخطوة تكشف حقيقة المشروع الإيراني في اليمن بشكل أوضح من أي وقت مضى.
واختتم الإرياني تصريحاته بالتأكيد على أن اليمن يقف اليوم على خط تماس مع أخطر مشروع توسعي في المنطقة، وأن مواجهة هذا المشروع لا تتعلق فقط باستعادة الدولة، بل بحماية الأمن القومي العربي والاستقرار الإقليمي وضمان أمن الممرات الدولية، وصون حق الشعب اليمني في دولة مستقلة لا تكون قراراتها مرهونة بإرادة ضابط في الحرس الثوري الإيراني، داعياً المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف أكثر حزماً لوقف هذا التصعيد ودعم الحكومة اليمنية في جهودها لاستعادة الدولة وحماية الممرات البحرية وضمان أمن واستقرار اليمن والمنطقة.
وكانت مصادر متعددة، أكدت أن إيران أعادت القيادي البارز في الحرس الثوري عبد الرضا شهلائي إلى العاصمة صنعاء، بعد أن كان قد استُدعي في وقت مبكر عقب أحداث السابع من أكتوبر، وذلك بهدف الإشراف المباشر على الملف الأمني والعسكري لجماعة الحوثي.
مصادر سياسية يمنية رفيعة أوضحت لـ"الشرق الأوسط"، أن طهران دفعت بثقلها العسكري والأمني بشكل مكثف إلى جانب الحوثيين، في محاولة لتعويض خسائرها في لبنان وسوريا وإعادة ترتيب نفوذها داخل اليمن. وأكدت، أن عودة شهلائي تأتي ضمن مساعي إيران لإعادة الإمساك بالملف الحوثي بقبضة مباشرة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news