في حين أن معامل المياه تنتشر بصورة سرطانية وكبيرة، إلا إنها باتت مصدر قلق للمواطنين في مدينة المكلا، بمحافظة حضرموت (شرقي اليمن)، لم تخفه حتى السلطات المحلية نفسها، والتي تؤكد أن النسبة الكبيرة من تلك المعامل في المدينة "غير صالحة، وتؤثر على صحة الإنسان".
وهو الأمر، الذي يستدعي الوقوف أمام هذه المشكلة الصحية، والتي تمس حياة الناس مباشرة، كون "معامل المياه"، تعمل على مرأى ومسمع الجميع، وما تعمله السلطات فقط، إغلاق بعض تلك المعامل، ثم يعاود أصحابها إلى فتحها من جديد، دون حلول ناجعة، أو ضوابط رادعة.
في تصريح إذاعي، كشف مدير الأشغال العامة بمديرية "المكلا"، معلومة صادمةً، مفادها أن ( 70 %) من مياه المعامل في المدينة غير صالحةٍ، وهو ما دفع "بران برس"، إلى تتبع الظاهرة المقلقة، لمعرفة ما يقصده المسؤول المحلي في ذلك، وما هي المضاعفات الصحية لشرب المياه المنتجة في تلك المعامل؟ وما مدى عدم مطابقتها للمعايير الصحية؟ وما الحلول؟.
صدمة صحية
في البداية، توجه معد التقرير إلى مدير مكتب الأشغال العامة بمديرية المكلا، المهندس "مروان العفاري"، الذي كشف عن "مشكلة" قال إنها مثلت لهم "صدمة".
"الغفاري"، قال لـ"بران برس": "في بداية الأمر، أخذنا عينات من معظم معامل المياه، في المكلا، وبعد أن وصلتنا النتائج كانت الصدمة، حيث اكتشفنا أن 70 % من مياه المعامل غير صالحة للشرب".
"دفع المخالفون للشروط الصحية والفنية الغرامة المالية في النيابة، وأعطيت لهم اشتراطات من مكتب الأشغال لتصحيح أوضاعهم الصحية والمهنية"
وذكر أن المكتب، نفذ نزولاتٍ ميدانية إلى معامل المياه، برفقة وكيل المحافظة للشؤون المالية الدكتور أحمد باصريح ووكيل النيابة القاضي أبو بكر باشطح، وتقرّر إغلاق المخالفين، مشيراً إلى أنهم الأكثرية، وتمت إحالتهم إلى النيابة.
وأشار إلى أنه "في النيابة دفع المخالفون للشروط الصحية والفنية الغرامة المالية، وأعطيت لهم اشتراطات من مكتب الأشغال لتصحيح أوضاعهم الصحية والمهنية، والتزموا بعدم العمل إلاّ بعد تصحيح الوضع".
ليست صحية
تقول، المواطنة "أم يوسف": "ندفع مبالغ ونخصص جزءًا من مصروفنا الشهري، لتعبئة المياه الصحية، القادمة من المعامل لكي أحافظ على سلامة وصحة عائلتي على أساس ما نعرفه محليًا بـ "ماء صحة"، فإذا هي ليست صحة وليست صحية".
"معظم الناس يلجأون إلى مياه المعامل، مخافة أضرار مياه الصنبور أو المحبس التي يعتقد الكثيرون أنها غير معقمة تعقيمًا جيدًا"
وتضيف لـ"ران برس": "لقد لاحظت منذُ فترةٍ طويلة وجود ترسبات طينية صغيرة فيه، فغيرنا محل المياه الذي نشتري به فوجدنا نفس المشكلة في المحل الآخر، فظننت أن المشكلة من خزان المياه الخاص بنا، وأن هذه المعامل لا يمكن أن تستوفي الشروط".
وتشير إلى أن معظم الناس يلجأون إلى مياه المعامل، مخافة أضرار مياه الصنبور أو المحبس التي يعتقد الكثيرون أنها غير معقمة تعقيمًا جيدًا.
لا أمان صحي
لمعرفة ذلك مخبرياً، التقي "بران برس"، بمصدرٌ في المركز الوطني لمختبرات الصحة العامة المركزية في المكلا، فضل عدم ذكر اسمه، والذي بدوره أكد أن مكتب الأشغال العامة نسق مع المركز لتنفيذ نزولات ميدانية تفقدية، للتأكد من سلامة مياه المعامل.
وأضاف: "ساند فريقٌ منّا من مختصين وفنيين مكتب الأشغال، فأخذت العينات العشوائية، بعدها فحصت نتائج العينات في المركز الوطني، وكانت النتائج صادمة معظم مياه المعامل غير صالحة للشرب ولا تتوافق فيها الشروط العلمية والفنية ولا تستوفي الأمان الصحي".
لا معايير
"الدكتور وليد البطاطي"، وهو إخصائي في المختبرات الطبية والمدير السابق للمركز الوطني لمختبرات الصحة العامة المركزية، أرجع سبب عدم مطابقة معامل المياه، المنتشرة في حضرموت بشكلٍ عام ، والمكلا بشكلٍ خاص هو لاستخدام تقنية بدائية أو حديثة، تجعل الماء فيه مرارةً، أو ملوحة.
"سبب عدم مطابقة معامل المياه، المنتشرة في حضرموت بشكلٍ عام ، والمكلا بشكلٍ خاص هو لاستخدام تقنية بدائية أو حديثة، تجعل الماء فيه مرارةً، أو ملوحة"
وأشار إلى "أن بعض أصحاب المعامل يلجأ إلى خلط المياه، بمياه الصنبور أو تخفيف الفلت،ر لتتقبل الناس في شربه، بسبب الفلتر شديد الإحكام، وليست غير صالحة"، مؤكداً أن المياه بذلك "تكون مضرة صحيًا بشكلٍ مباشر، كونها غير متطابقة للمواصفات الطبية".
"البطاطي"، أكد ضرورة توعية الناس من خلال وسائل الإعلام، ووسائل التواصل الاجتماعي، بأن المياه الطبيعة المطابقة للمعايير تكون فيها بعض المرارة البسيطة، وغير حلوة الطعم.
أضرار صحية
عن الأضرار الصحية لمياه المعامل، يرى المختص في المركز الوطني للمختبرات المركزية، بأن شرب المياه الملوثة، تسبب العديد من الأضرار على صحة الإنسان منها "مشاكل الكلى وزيادة الضغط على الجهاز البولي وارتفاع ضغط الدم وتؤثر على صحة القلب بسبب الأملاح الزائدة، وأمراض القلب والكبد بسبب المواد السامة، والإصابة بالطفيليات والبكتيريا التي تؤدي لأمراض مزمنة".
"بعض مياه المعامل تفتقد لبعض المعادن المهمة مثل الكالسيوم والمعايير الجوهرية في السلامة الصحية"
أما الدكتور "البطاطي"، فله رأي آخر، إذ يوضح بأن مياه المعامل، لا تسبب الضرر الصحي الكبير بشكلٍ مباشر لأنها غير ملوثة، ولكن عدداً منها يفتقد لبعض المعادن المهمة مثل الكالسيوم والمعايير الجوهرية في السلامة الصحية.
مع ذلك ينصح من تساورهم الشكوك من مياه المعامل للوقاية منها، باستخدام المياه القادمة، من مؤسسة المياه والصرف فهي صحية ومليئة بالمعادن، لأنها تخضع للفلتره، إنما تحتاج إلى استخدام الفلتر المنزلي لأنها تحتوي على بعض الأتربة، خيرٌ من استخدام مياه مجهولة المصدر".
ولضمان استمرار المعامل في مطابقة المعايير، يؤكد "البطاطي، ضرورة إجراء نزولات وفحوصات بشكلٍ دوري وبشكلٍ فجائي من الجهات المختصة، وأخذ العينات العشوائية وفحصها ومعاقبة المخالفين.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news