في تطور غير مسبوق، شهدت محافظات يمنية واسعة خلال الساعات الماضية تساقطاً كثيفاً لغبار أسود غير معهود، أثار حالة من القلق والاستغراب بين السكان. وكشف الفلكي والباحث اليمني أحمد الجوبي النقاب عن مصدر هذه الظاهرة، مؤكداً أنها نتيجة مباشرة للانفجار البركاني الهائل الذي ضرب بركان "هايلي غوبّي" النائم في مقاطعة عفار الإثيوبية، والذي بدأ ثورانه فجر يوم الأحد الماضي.
حدث جيولوجي استثنائي... بركان هادئ منذ آلاف السنين يثور
وفقاً للتوقيتات التي حددها الجوبي، بدأ البركان في ثورانه عند الساعة 11:30 صباحًا بتوقيت صنعاء يوم الأحد 23 نوفمبر 2025.
وأوضح الجوبي في تصريحات إعلامية أن هذا البركان، الذي يبلغ ارتفاع قمته 493 مترًا فقط فوق سطح البحر، كان يعتبر من البراكين الخاملة التي لم يُسجل لها أي نشاط بركاني منذ آلاف السنين. وهذا ما يجعل ثورانه الحدث "جيولوجيًا استثنائيًا ونادرًا"، حيث أطلق كميات هائلة من الرماد والغازات في الغلاف الجوي، لتنتقل بها الرياح لمسافات طويلة وتصل إلى شبه الجزيرة العربية.
تركيبة الغبار البركاني: قنبلة سامة ومواد حادة
لم يكن الغبار الذي غطى المباني والطرقات في اليمن مجرد رماد عادي، بل هو خليط معقد وخطير كما بيّن الجوبي. وتتكون سحابة الغبار من مكونات متنوعة تشمل:
المواد الصلبة:
الزجاج البركاني الناتج عن تبريد الحمم البركانية بسرعة، وشظايا الصخور، وبلورات معدنية دقيقة مثل الفلدسبار، البيروكسين، الأوليفين، الماغنتيت، والكوارتز.
الغازات المتبخرة:
تحبس قطرات المواد البركانية وهي تتجمد في الهواء كميات هائلة من الغازات السامة، أبرزها
ثاني أكسيد الكبريت (SO₂)
، بالإضافة إلى ثاني أكسيد الكربون، وحمض الهيدروكلوريك، وحمض الكبريتيك.
وأشار الجوبي إلى أن هذه الجسيمات، التي تتراوح أحجامها بين أقل من ميكرون و2 ملم، تكون حادة جدًا وقد تسبب خدوشًا وأضرارًا عند ملامستها للجلد أو الأسطح، مما يضيف بُعدًا ميكانيكيًا للخطر إلى جانب التأثير الكيميائي للغازات.
تأثيرات صحية وبيئية واسعة النطاق
أكد الجوبي أن هذا الغبار البركاني يشكل تهديدًا متعدد الأوجه للصحة العامة والبيئة في اليمن. وتتلخص أبرز التأثيرات في:
الصحة العامة:
يسبب تهيجًا شديدًا في الجهاز التنفسي والعينين والجلد، ويمكن أن يؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة، خاصة لمرضى الربو وكبار السن والأطفال.
البيئة والبنية التحتية:
يعمل الغبار الحمضي على تآكل المعادن وتلف الألواح الزجاجية في المباني والمركبات. كما يساهم في تدهور جودة الهواء بشكل كبير ويؤدي إلى انخفاض مستوى الرؤية الأفقية، مما يزيد من مخاطر الحوادث المرورية.
مصادر المياه:
قد يلوث الغبار المتساقط خزانات المياه المكشوفة، مما يجعلها غير صالحة للاستخدام البشري دون معالجة.
الانتشار:
بسبب خفة كثافته، يمكن للغبار البركاني أن يبقى معلقًا في الهواء لفترات طويلة وينتقل لمسافات تتجاوز آلاف الكيلومترات.
اليمن تحت غبار البركان: تحذيرات عاجلة وإجراءات وقائية
وفي المشهد الميداني، أفادت تقارير من عدة محافظات يمنية بأن طبقات واضحة من الغبار الأسود بدأت تغطي المباني والطرقات والمركبات منذ مساء الأحد. وفي ضوء هذه المخاطر، وجه المختصون تحذيرات عاجلة للمواطنين، داعين إلى اتخاذ عدة إجراءات وقائية للحد من التأثيرات السلبية، أبرزها:
ارتداء الكمامات الواقية (N95 أو ما يعادلها) عند الخروج في الأماكن المفتوحة.
تغطية خزانات المياه ومنع تساقط الغبار فيها.
إغلاق النوافذ والأبواب بإحكام لمنع دخول الغبار إلى المنازل.
تجنب التعرض المباشر للغبار قدر الإمكان، والحد من الأنشطة في الهواء الطلق.
ويواصل الخبراء مراقبة الوضع الجوي والبركاني عن كثب، بينما تبقى السلطات المعنية في حالة تأهب قصوى لمواجهة أي تطورات محتملة لهذه الظاهرة الطبيعية النادرة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news