بالذكاء الاصطناعي بواسطة نيوزيمن - احكام إعدام حوثية
السابق
التالى
احكام إعدام حوثية بتهم التجسس.. بين إرهاب للمجتمع وإخفاء لصدمة الاختراق
السياسية
-
منذ 9 دقائق
مشاركة
صنعاء، نيوزيمن، تحليل خاص:
بإجراءات مستعجلة ومرتبكة، أصدرت محكمة خاضعة لمليشيا الحوثي الإرهابية في صنعاء، السبت، حكماً بإعدام 17 مواطناً رمياً بالرصاص في ميدان عام، تحت مزاعم أنهم أعضاء في "شبكة تجسس تابعة للمخابرات الأمريكية والإسرائيلية والسعودية".
ومع التأكيد الرسمي من جانب الحكومة، ومن جانب المنظمات الحقوقية، على تلفيق المليشيا لهذه التهم بحق المحكوم عليهم، فقد أكدت ملابسات صدور هذه الأحكام هذا الأمر، بدءاً من الاستعجال الواضح في إصدارها من قبل ما تُسمى "المحكمة الجزائية المتخصصة" التي أصدرت الأحكام بعد 10 جلسات مداولة تمت جميعها خلال أسبوعين فقط.
في حين كشف إعلان المليشيا الحوثية لهذه الأحكام عن ارتباك أثار سخرية الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي؛ ففي حين نشرت وكالة "سبأ" التابعة للمليشيا أن أحكام الإعدام صدرت بحق 17 متهماً، كان العدد 18 متهماً في الخبر الذي نشره موقع قناة "المسيرة" الناطقة باسم المليشيا.
استعجال وارتباك يؤكدان حقيقة تلفيق المليشيا الحوثية المدعومة من إيران لتهم التجسس بحق الضحايا المحكوم عليهم بالإعدام، وهو ما يشير إلى أن هذه الأحكام مجرد ورقة رفعتها المليشيا اليوم لمحاولة التعامل مع المأزق الذي تعيشه من تداعيات الأحداث الأخيرة والتطورات الداخلية والإقليمية.
وهو ما أشار إليه تعليق وزير الإعلام بالحكومة اليمنية، معمر الإرياني، على هذه الأحكام والأهداف الحقيقية للمليشيا وراء إصدارها، حيث اعتبرها الوزير ليست "سوى محاولة بائسة لإظهار انتصارات إعلامية وهمية، وصرف الأنظار عن حجم الانكشاف الأمني في صفوفها، والاختراقات التي تضرب بنيتها القيادية".
ويشير حديث الوزير الإرياني إلى الصدمة التي لا تزال المليشيا تعيش تداعياتها حتى اليوم من الاختراق الإسرائيلي الكبير الذي تعرضت له في غارات أغسطس الماضي بصنعاء، ولا تزال المليشيا تتكتم حتى اليوم عن كشف خسارتها الكاملة.
وقد اعترفت المليشيا بمصرع رئيس حكومتها و7 من وزرائه وإصابة آخرين، واعترفت لاحقاً بمصرع رئيس أركانها محمد الغماري، في حين لا يزال الغموض يحيط بمصير قيادات عسكرية وأمنية بارزة من الصف الأول، على رأسهم وزير الدفاع ووزير الداخلية، وسط تقارير تتحدث عن مصرعهما.
خسارة المليشيا للغماري ورئيس حكومتها و7 من وزرائه في هذه الغارات مثّلت أكبر خسارة تتلقاها المليشيا الحوثية في صفوف قياداتها منذ مقتل رئيس المجلس السياسي، صالح الصماد، في إبريل من عام 2018م بغارة جوية للتحالف العربي في الحديدة.
صدمة المليشيا من تعرضها لاختراق استخباري داخل صفوفها أثمر عن تصفية الصماد، دفعتها إلى التغطية على فضيحة الاختراق باتهام 9 مواطنين أبرياء من أبناء الحديدة، بينهم طفل لم يتجاوز 15 عاماً، بالتخابر مع التحالف لتصفية الصماد، وجرى إعدامهم في صنعاء في سبتمبر 2021م، في مشهد أثار غضباً شعبياً وسياسياً وحقوقياً غير مسبوق.
وهو ما يبدو أن المليشيا تكرره اليوم بإحكام الإعدام بحق 17 مواطناً، وبحملات الاختطاف التي شنتها خلال الأشهر الماضية بحق الموظفين اليمنيين في المنظمات الأممية والدولية، واتهامهم من قبل زعيم المليشيا الحوثية بالتورط في استهداف حكومة المليشيا من قبل إسرائيل.
وإلى جانب محاولة المليشيا التغطية على فضيحة الاختراق والانكشاف الاستخباري أمام إسرائيل، يبرز هدف آخر وراء إصدار أحكام الإعدام بحق 17 مواطناً بتهم التجسس الملفقة، ويتمثّل في مخاوف المليشيا الحوثية من أي تحرك شعبي في مناطق سيطرتها بعد توقف التصعيد في البحر جراء توقف الحرب في غزة.
وقد تطرق الموقف الحكومي إلى هذا الأمر، بتعليق وزير الإعلام معمر الإرياني، الذي أشار إلى ما تواجهه المليشيا من احتقان متزايد في الشارع، يدفعها للهروب "عبر اختلاق قضايا تجسس، وإلباس المواطنين تهم جاهزة.. وهي ذريعة جاهزة لجأت إليها خلال السنوات الماضية لتكميم الأفواه، وتصفية الخصوم، وإخضاع المجتمع لمنطق الترهيب"، حسب قوله.
مخاوف المليشيا الحوثية من فقدان قدرتها على السيطرة على مناطق نفوذها عقب توقف الحرب تتضاعف مع إدراكها لحجم التدهور المتسارع في الوضع الاقتصادي والإنساني، بصورة قد يكسر معها المجتمع حاجز الخوف من قبضة المليشيا.
وفي مؤشر على ذلك، لاقى القرار الأخير للمليشيا الحوثية برفع الجمارك بنسبة 100% على البضائع المستوردة، تحت ذريعة دعم المنتج المحلي، رفضاً غير متوقع من الوسط التجاري والمجتمع.
وقد تجسد ذلك في الإضراب الشامل وغير المسبوق الذي نفذه تجار الملابس في صنعاء، ما دفع وزراء ومسؤولي المليشيا، السبت، إلى عقد لقاء عاجل معهم لـ"معالجة كافة الإشكاليات القائمة في إطار تجارة الملبوسات وحلحلتها"، وفق ما نشره إعلام المليشيا.
وكان لافتاً حجم الرفض العلني لقرار المليشيا على مواقع التواصل الاجتماعي من قبل عدد كبير من التجار والمواطنين والنشطاء من مناطق سيطرة المليشيا الحوثية، الذين أجمعوا في حديثهم على وصول الوضع الاقتصادي والإنساني هناك إلى مستويات كارثية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news