الشمول المالي في اليمن في ظروف الأزمة

     
عدن تايم             عدد المشاهدات : 37 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
الشمول المالي في اليمن في ظروف الأزمة

في خضم الظروف الاستثنائية التي يمر بها اليمن من حروب واضطرابات أمنية وأزمة اقتصادية وإنسانية طاحنة، تبرز الحاجة إلى حلول اقتصادية غير تقليدية لإنقاذ السكان وتمكينهم من تجاوز الازمات. هل يمكن ان يشكل الشمول المالي أداة حيوية يمكنها أن تخفف من وطأة المعاناة وتساهم في بناء قدرات الصمود.

المفهوم العام:

الشمول المالي لا يعني مجرد فتح حساب بنكي. إنه عملية ضمان وصول جميع الأفراد والشركات بغض النظر عن مستويات دخلهم إلى الخدمات المالية المفيدة وبأسعار معقولة، والتي تلبي احتياجاتهم بشكل فعال وبطريقة مسئولة ومستدامة.

اهم خدمات الشمول المالي:

• الحسابات البنكية كأداة ضرورية للتعامل مع النظام المالي في الوقت الراهن.

• خدمات الدفع والتحويل المحلية والدولية والتي تعد وسيلة معاصرة لسداد الالتزامات او تحصيل الحقوق.

• عمليات الادخار لحفظ الأموال بشكل آمن وتجميع رأس المال في ظروف الاضطرابات الامنية خاصة.

• الائتمان والتمويل من اجل للحصول على قروض لبدء مشاريع أو تغطية نفقات طارئة.

• التأمين من اجل الحماية من المخاطر المفاجئة في ظروف الاضطرابات.

الاهداف:

يهدف الشمول المالي إلى إخراج الأفراد من دائرة الاقتصاد غير الرسمي وإدماجهم في النظام المالي الرسمي الذي يوفر لهم الحماية والفرص.

أهمية الشمول المالي للفرد في ظروف اليمن:

في ظروف انهيار الاقتصاد وانهيار الخدمات الأساسية يمكن ان يصبح الشمول المالي شريان حياة للفرد من خلال:

• الأمان المالي في ظروف الاضطرابات فبدلاً من حفظ المدخرات النقدية في المنزل مع خطر السرقة أو الضياع يوفر الحساب البنكي أو المحفظة الإلكترونية بيئة آمنة للأموال.

• استقرار المعيشة من خلال الادخار المنظم للأسرة لمواجهة تقلبات اسعار الصرف واسعار السلع وارتفاع موجات التضخم والتحوط من اجل تلبية الاحتياجات الأساسية في أوقات الأزمات.

• سهولة استقبال تحويلات المغتربين لأفراد اسرهم بسرعة ويسر وامان الى المدن والأرياف على حد سواء.

• امكانية الحصول على التمويل في الظروف الطارئة وخاصة في حالات المرض أو الطوارئ من المصادر المختلفة.

دور الشمول المالي في الحد من الفقر والبطالة:

1. تمويل المشاريع الصغيرة من خلال القروض المتناهية الصغر والتمويل الأصغر وتمكين الشباب والعاطلين عن العمل من بدء مشاريع صغيرة مدرة للدخل (كبيع المواد الغذائية، الخياطة، إصلاح الهواتف)، مما يخلق فرص عمل ذاتية ويقلل من معدلات البطالة في ظروف ازمة الانتاج والاستثمار وانتشار البطالة.

2. يوفر الشمول المالي الأدوات اللازمة لرواد الأعمال لبدء وتوسيع مشاريعهم الصغيرة والمتوسطة والتي تعد حاليا العمود الفقري لخلق فرص العمل في الاقتصادات اليمني الهش.

3. في المدى الطويل يساعد الشمول المالي في تنمية الثقافة الادخارية والتي تساعد الأسر الفقيرة على تجميع رأس المال لاستثماره في تعليم أبنائها أو في مشاريع صغيرة، مما يكسر حلقة الفقر على المدى الطويل.

دور الشمول المالي في الحد من الأزمة الإنسانية في اليمن:

1. رفع درجة كفاءة استخدام المساعدات الإنسانية باستخدام القنوات المالية الرقمية (مثل التحويلات النقدية عبر الهاتف المحمول) لتوزيع المساعدات النقدية بشكل مباشر وآمن للمستفيدين الامر الذي يقلل من التكاليف الإدارية ويمنع التسرب والفساد، ويضمن وصول المساعدة إلى من يحتاجها حقاً.

2. امكانية الوصول إلى الخدمات الصحية والتعليمية في حالات التمويل الميسر، يمكن للأسر دفع رسوم العلاج الطبي أو الرسوم المدرسية في القطاع الخاص بسبب تعطل الخدمات العامة في ظروف الحرب.

3. تعزيز صمود الأسرة حيث يمكن الشمول المالي الأسر من الأدوات المالية اللازمة للتعامل مع الصدمات الاقتصادية والطوارئ مما يزيد من قدرتها على الصمود في وجه الأزمة المستمرة لأكثر من احدى عشر عاما.

صعوبات تطبيق الشمول المالي في اليمن:

تعد نسبة الشمول المالي في اليمن البالغة 6.4٪ في عام 2025 من أكبر التحديات حالياً حيث هي الأدنى عالمياً بسبب الظروف السياسية والاقتصادية الصعبة، هذه النسبة منخفضة جداً مقارنة بمتوسط منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا البالغ 44%. في اليمن يعتمد غالبية السكان على التعاملات النقدية التقليدية، وشبكات الحوالات، ووسائل الادخار غير الرسمية. وهناك فجوة حادة بين المناطق الحضرية والريفية حيث أكثر من 70% من السكان في الريف يفتقرون إلى الخدمات المالية الأساسية بسبب ضعف البنية التحتية وتحديات الوصول.

رغم ذلك، هناك توجه متزايد نحو استخدام التكنولوجيا المالية والخدمات الرقمية مثل المحافظ الإلكترونية التي تساهم بحدود بسيطة في التقليل من فجوة الوصول للخدمات المالية في المناطق النائية، ما يفتح فرصاً لتحسين الشمول المالي مستقبلاً إذا ما توافرت عوامل الاستقرار والبنية التحتية اللازمة.

ومن التحديات البنية التحتية المتهالكة بسبب الدمار الذي طال البنية التحتية للاتصالات والكهرباء والذي يعيق انتشار الخدمات المالية الرقمية.

كما ان انخفاض مستوى الوعي المالي بسبب غياب الثقة في النظام المصرفي أو الافتقار إلى المعرفة بكيفية استخدام الخدمات المالية الرسمية يشكل عقبه تقليدية.

كما ان سيادة الاقتصاد النقدي عبر الاعتماد الشديد على التعاملات النقدية يجعل التحول إلى الخدمات الرقمية أمراً صعباً.

وبسبب ضعف النظام المصرفي والذي يعاني من التجزؤ بين مناطق السيطرة المختلفة، وضعف السيولة، وعدم الاستقرار يشكل تحدي يحد من الاستفادة من الشمول المالي.

ومن التحديات الراهنة غياب الأمن الذي يصعب من إنشاء فروع بنكية أو حتى نشر وكلاء للخدمات المالية في العديد من المناطق.

ولعل ضعف شبكة الإنترنت والاتصالات كركيزة أساسية لأي خدمة مالية رقمية هي تحد يتطلب استثمارات ضخمة غير متاحة حاليا.

إمكانيات تجاوز الصعاب في ظروف اليمن الراهنة:

1. الاهتمام بتطبيق الحلول الرقمية من خلال الاعتماد على الهواتف المحمولة (المحافظ الإلكترونية) كقناة رئيسية، نظراً لانتشارها الواسع حتى في ظل الظروف الصعبة.

2. قيام الشراكات بين البنوك، وشركات الاتصالات، والمنظمات الإنسانية الدولية لإنشاء شبكات وكلاء للخدمات المالية (مثل تجار التجزئة) يمكنهم تقديم الخدمات المالية الأساسية في المناطق النائية.

3. تنفيذ حملات توعية مالية عبر تنفيذ برامج توعية مكثفة وبسيطة لشرح فوائد الخدمات المالية وكيفية استخدامها، وبناء الثقة.

4. تسهيل متطلبات فتح الحسابات أو الحصول على الخدمات المالية بسيطة للغاية، مع تقليل متطلبات إثبات الهوية بما يتناسب مع الواقع اليمني (مثل فقدان الوثائق).

5. البدء بالخدمات الأساسية بالتركيز على الخدمات الأكثر الحاجة مثل تحويل الأموال واستقبال المساعدات النقدية والمدفوعات، كنقطة دخول لجذب المستخدمين.

6. توفير دعم كاف للمشاريع الصغيرة من خلال تخصيص برامج تمويلية صغيرة وميسرة تستهدف الشباب والنساء بشكل خاص.

ولعل السؤال الممكن سماعة هل فعلا الناس بحاجة لرفاهية الشمول المالي في ظل انتشار الفقر والمجاعة والاضطرابات ردا على ذلك نقول نعم الشمول المالي أصبح حاجة ضرورية في كل الدول المتقدمة والفقيرة.

نعم الشمول المالي ضرورة حتمية للتخفيف من حدة الفقر والأزمة الإنسانية وبناء أساس للتعافي المستقبلي.

نعم على الرغم من التحديات الجسام، فإن الحلول الإبداعية القائمة على التكنولوجيا والشراكات الفاعلة يمكن أن تمهد الطريق لتحقيق شمول مالي حقيقي، يضع أدوات متاحة تساعد في تجاوز الازمة الاقتصادية والانسانية الحادة في البلاد.

* رئيس مؤسسة الرابطة الاقتصادية.

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

ضربة إسرائيلية في بيروت تستهدف الرجل الثاني في حزب الله

حشد نت | 1416 قراءة 

الاحتلال الإسرائيلي يعلن استهداف رئيس أركان “حزب الله” والرجل الثاني في الجماعة.. من هو؟

بران برس | 960 قراءة 

تعديل وزاري مرتقب.. الرئيس العليمي يفاجئ الجميع من عدن: خلل قانوني غير مقبول في الحكومة الحالية

المشهد اليمني | 545 قراءة 

بنك عدن يعلن صرف مرتبات ثلاثة أشهر

كريتر سكاي | 535 قراءة 

تقرير خاص | القضاء في زمن الحوثي.. مقصلة سياسية وأداة لابتزاز الخصوم وترهيب المعارضين (فيديو)

بران برس | 524 قراءة 

تحذير إسرائيلي صادم: السعودية ستُترك وحيدة إذا ضربها الحوثيون!

الأمناء نت | 524 قراءة 

عاجل:سحابة بركانية مرعبة تغطي أجواء اليمن عقب ثوران بركان والهلع يضرب المواطنين

كريتر سكاي | 514 قراءة 

شاهد الآن تراب أسود يتساقط من السماء ويصدم سكان هذه المحافظة.. تأثيرات بركان إثيوبي تضرب اليمن

نافذة اليمن | 484 قراءة 

سحابة بركانية تصل أجواء غرب ووسط اليمن بعد ثوران غير معتاد لبركان إرتال في إثيوبيا

تهامة 24 | 377 قراءة 

أحزاب مأرب تُعلّق عملها السياسي لتجاهل مجلس الرئاسة والحكومة لمطالب الجرحى وتهميش أبناء المحافظة

بران برس | 327 قراءة