في مشهدٍ يدمي القلوب ويعكس عمق الكارثة الإنسانية التي يعيشها اليمنيون تحت سيطرة المليشيا الحوثية، سقطت سيدة مسنة مغشياً عليها في أحد شوارع العاصمة صنعاء، نتيجة لجوع شديد وإرهاق بلغ منتهاها. الحادث الذي وقع في وضح النهار، لم يكن مجرد حادث عابر، بل هو جرس إنذار يصور المعاناة اليومية لملايين الأسر التي وصلت إلى حافة الهاوية.
وفقاً لشهود عيان من المارة، كانت السيدة المسنة تسير بصعوبة بالغة وهي تتكأ على جدار أحد المحال التجارية، قبل أن ترتدعلى الأرض فجأة، وفقدت وعيها تماماً.
هرع إليها عدد من المواطنين لمحاولتها إسعافها، وتوفير بعض الماء لها، حيث اتضح أنها كانت تعاني من حالة من الهزال الشديد والضعف العام.
أحد الشهود، وهو تاجر محلي في المنطقة، قال بصوت يملؤه الحزن: "هذه المشاهد لم تعد تثير دهشتنا، بل تثير قلقنا وخوفنا على مستقبلنا. نرى كل يوم كبار السن والأطفال وهم يبحثون عن لقمة العيش في مكبات النفايات أو يتوسلون المساعدة من المارة. هذه السيدة هي صورة مصغرة لمعاناة كل بيت يمني هنا".
جريمة الاحتجاز المتعمد للرواتب
أضاف الشهود أن سبب هذه المأساة هو الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تفرضها المليشيا الحوثية، عبر امتناعها المستمر عن دفع رواتب الموظفين العموميين والمتقاعدين لأكثر من ست سنوات. هذا الإجراء، الذي وصفه ناشطون حقوقيون بـ "الجريمة المنظمة"، حرم ملايين الأسر من مصدر دخلها الوحيد، تاركاً إياهم لمواجهة غلاء المعيشة الأسطوري دون أي وسيلة للعيش.
شاب كان من الذين سارعوا لمساعدة المسنة علق قائلاً: "كيف لقادة مليشيا يدّعون الثورية والوطنية أن يناموا قريري الأعين بينما شعبهم يموت جوعاً في شوارع العاصمة؟ إنهم يسرقون أموال الشعب ويدمرون مستقبل الأجيال. سقوط هذه المرأة هو إدانة حقيقية لهم أمام التاريخ والعالم".
سياق إنساني كارثي
يأتي هذا الحادث ليؤكد التقارير الدولية التي تصف اليمن بأنه يعاني أسوأ أزمة إنسانية في العالم. فمع انهيار الاقتصاد الوطني وتوقف الخدمات الأساسية، تدهورت الأوضاع المعيشية لنسبة هائلة من السكان، وارتفعت معدلات سوء التغذية بشكل خطير، خاصة بين الأطفال وكبار السن الذين هم الأكثر ضعفاً.
إن سقوط هذه المسنة ليس مجرد رقم في إحصائيات النزاع، بل هو إنسان فقد كرامته وحقه في الحياة الكريمة بسبب قرار سياسي أناني ومتعمد.
ويبقى السؤال يطرح نفسه بإلحاح: إلى متى سيستمر الصمت الدولي تجاه هذه الجرائم التي ترتكب بحق شعب أعزل، ومتى ستحاسب المليشيا الحوثية على جرائمها ضد الإنسانية؟
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news