كشفت دراسة علمية جديدة أن تحويل مسارات الشحن العالمية خلال الأشهر الماضية أتاح للباحثين فرصة نادرة لتقدير حجم تأثير الوقود البحري الأنظف على تكوّن السحب فوق المحيطات، في خطوة تسهم في تقليص أحد أكبر مصادر عدم اليقين في نماذج المناخ العالمية.
وقال عالم الغلاف الجوي في جامعة فلوريدا، مايكل دايموند: "أعطتنا الاضطرابات في البحر الأحمر وما نتج عنها من إعادة توجيه السفن فرصة فريدة لفهم تفاعلات الهباء الجوي مع السحب، وهو الجانب الأكثر غموضاً في توقعات المناخ".
وأضاف دايموند، أن الطبيعة لا تمنح العلماء كثيراً من "التجارب" بهذا الوضوح، ما يجعل الحدث فرصة غير مسبوقة لفهم ما يجري في الغلاف الجوي.
تحويل المسارات… تجربة من نوع جديد
أدى تراجع حركة السفن في البحر الأحمر بداية من نوفمبر 2023 نتيجة الهجمات على ممر باب المندب إلى تضاعف حركة الملاحة حول رأس الرجاء الصالح. هذا التحول المفاجئ زاد انبعاثات السفن فوق جنوب الأطلسي، وهي منطقة شديدة الحساسية للتغيرات في تلوّث الهواء بسبب وجود سحب منخفضة ومستمرة.
وبما أن هذا التحول جاء لأسباب سياسية وأمنية وليس بسبب الطقس أو تغيرات في السياسات البيئية، وفّر للباحثين حالة نادرة يمكن فيها قياس تأثير السفن على السحب بشكل مباشر دون عوامل مربكة.
ورصدت الأقمار الصناعية زيادة واضحة في تركيز ثاني أكسيد النيتروجين – وهو ملوّث لم يكن مشمولاً بلوائح خفض الكبريت – ما قدّم دليلاً مؤكداً على ارتفاع حركة السفن، ومكّن العلماء من مقارنة دراسات ما قبل 2020 وما بعدها بدقة أكبر.
نتائج مكثفة
رغم أن عدد السفن في المنطقة تضاعف تقريباً خلال 2024، فإن تأثيرها على تكوين قطرات السحب كان أضعف بكثير مما كان عليه قبل تطبيق قواعد المنظمة البحرية الدولية. ويؤكد الباحثون أن هذا التراجع يعكس فعالية الوقود الأنظف في تقليل قدرة السفن على تغيير خصائص السحب، والتي بدورها تؤثر على كمية ضوء الشمس التي يعكسها الغلاف الجوي.
وتكتسب النتيجة أهمية كبيرة لأن هذه التفاعلات كانت تاريخياً مسؤولة عن تبريد مؤقت يخفي جزءاً من الاحترار الناتج عن الغازات الدفيئة. كما أن الحد من هذا التبريد يعني أن تأثير الاحترار الفعلي قد يصبح أكثر وضوحاً في السنوات المقبلة.
أهمية أوسع
تساعد هذه الدراسة في تضييق هامش الخطأ في تقدير توازن الطاقة في الأرض، وهو عامل محوري لتحسين دقة توقعات المناخ. كما تسلط الضوء على المفاضلة الصعبة بين حماية الصحة العامة – إذ ترتبط جسيمات الكبريت بأمراض صدرية وقلبية – وبين تأثيرات قصيرة المدى على التوازن الحراري للكوكب.
وتقدّر المنظمة البحرية الدولية أن قواعد خفض الكبريت منذ عام 2020 ساهمت في منع عشرات الآلاف من الوفيات المبكرة حول العالم، رغم تأثيرها في خفض التبريد المرتبط بالسحب.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news