ذكرت وكالة "رويترز" نقلا عن مصادر خليجية أن إيران طلبت من المملكة العربية السعودية ممارسة نفوذها لإقناع الولايات المتحدة بإحياء المفاوضات النووية المتوقفة، في خطوة تعكس قلق طهران من احتمال تكرار الضربات الجوية الإسرائيلية وتدهور وضعها الاقتصادي.
وأفادت وسائل الإعلام الإيرانية والسعودية أن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أرسل رسالة إلى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قبل زيارة الأخير للبيت الأبيض الأسبوع الماضي، أكد فيها أن إيران "لا تسعى إلى المواجهة" وأنها ترغب في تعزيز التعاون الإقليمي، مع إبداء استعدادها لحل النزاع النووي عبر الدبلوماسية "طالما تم ضمان حقوقها".
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل باغايي، إن رسالة بزشكيان كانت "ثنائية بحتة"، فيما لم يصدر تعليق فوري من الجانب السعودي.
ويأتي هذا الطلب الإيراني بعد أشهر من توقف المفاوضات بين طهران وواشنطن بشأن برنامج إيران لتخصيب اليورانيوم، عقب حرب دامية استمرت 12 يوماً في يونيو الماضي، شملت ضربات أمريكية لثلاثة مواقع نووية إيرانية. ورغم التوقف، لا تزال كل من واشنطن وطهران تؤكدان استعدادهما لإبرام اتفاق.
وأكد مصدر خليجي أن إيران تسعى لفتح قناة مباشرة لإعادة إطلاق المفاوضات، وأن ولي العهد السعودي نقل موقفه الداعم للحل السلمي إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال زيارته الأخيرة، مؤكداً استعداد المملكة للمساهمة في تهدئة التوترات. وقال المصدر: "MbS يريد أن ينتهي هذا النزاع سلمياً، وقد أوصل هذه الرسالة إلى ترامب وأبدى استعداده للمساعدة".
وخلال زيارته، صرح ولي العهد السعودي: "سنبذل قصارى جهدنا للمساعدة في التوصل إلى اتفاق بين الولايات المتحدة وإيران".
وتعد السعودية من اللاعبين الاستراتيجيين المؤثرين في المنطقة، نظراً لعلاقاتها الأمنية الوثيقة مع واشنطن، ولا سيما الروابط الشخصية بين القيادة السعودية والرئيس الأمريكي، ما يمنحها قدرة تفاوضية عالية في المسائل الإقليمية الحساسة.
وفي المقابل، تراجعت مكانة إيران الإقليمية خلال العامين الماضيين بعد خسائر عسكرية كبيرة لحلفائها في غزة ولبنان، بالإضافة إلى سقوط حليفها السوري بشار الأسد. ويشير خبراء إلى أن التحول نحو السعودية كوسيط بدلاً من سلطنة عمان أو قطر يمثل خياراً استراتيجياً لإيران بسبب نفوذ المملكة المباشر لدى واشنطن وقدرتها على خفض التوترات.
ويرتبط اهتمام السعودية بالملف النووي الأمريكي الإيراني أيضاً بطموحاتها في تطوير برنامجها النووي المدني، حيث تسعى إلى توقيع اتفاقية طاقة مدنية مع الولايات المتحدة. ويعتبر محللون أن توسيع التعاون النووي مع واشنطن مرتبط بسعي الرياض للحد من التصعيد مع طهران.
وتبقى المفاوضات النووية محاطة بتعقيدات كبيرة، إذ ترفض إيران شروط الولايات المتحدة بوقف التخصيب النووي وكبح برنامج الصواريخ الباليستية ودعم الميليشيات الإقليمية، فيما تشدد واشنطن على هذه المطالب لضمان عدم تطوير إيران للأسلحة النووية.
ويعاني الاقتصاد الإيراني من انهيار العملة، وارتفاع معدلات التضخم، ونقص حاد في الطاقة والمياه، ما يزيد الضغوط على القيادة الدينية ويجعلها تسعى إلى اختراق دبلوماسي مع واشنطن لتخفيف العزلة الاقتصادية المفروضة عليها.
وقال مستشار المرشد الأعلى علي خامنئي، كمال خرازي، إن إيران تطالب الرئيس ترامب بـ"مفاوضات حقيقية قائمة على الاحترام المتبادل والمساواة"، وفق وسائل الإعلام الإيرانية، في مؤشر على رغبة طهران في تسوية دبلوماسية لإنقاذ الاقتصاد ودرء أي مواجهة عسكرية جديدة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news