إلى من زرعن صحاري حياتنا… ذاكرة الفتى القروي

     
بيس هورايزونس             عدد المشاهدات : 69 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
إلى من زرعن صحاري حياتنا… ذاكرة الفتى القروي

“إلى من زرعتْ صحاري حياتي”… هكذا كنتُ أفتتح كل الرسائل الغرامية التي أكتبها باسمي أو باسم أيٍّ من زملائي المولعين بهذا التقديم الرومانسي الساحق. وكنت أكتبها صحاري بالياء، وهذه هي الصيغة التي سنعتمدها حتى آخر هذه المقالة في عيد الحب، عن حبّنا الساذج…

ثرثرةٌ بيننا وبين تلك الأيام، كتعويض عن فقداننا الآن للحب.

وصلنا مدرسة الفاروق الإعدادية بإب، ولم يكن فيها سوى بنت واحدة، فأحببناها كلنا، وكتبنا لها رسائل كثيرة، كلها تبدأ بـ: «إلى من زرعتْ صحاري حياتي».

كنا قرويين جداً، نحتاج لهذا النوع من الزمالة الرومانسية، والفتاة لا تقوى على هذا الكم الهائل من الغرام، فتركت المدرسة ولم نسمع عنها شيئاً.

كنا منشغلين بحبّ كل ما يصادفنا ونحن في أبلان، الحي المتاخم للمدينة والذي كان قرية في الماضي. أحببنا المتزوجات، ومريضات مستشفى الثورة، والطبيبات الروسيات، وكان علينا تجاوز سنتين من العته القروي لنتمكن من حبهن – ولكن بصمت.

كانت أول علاقة لنا بالروسيات صدمةَ رؤيتِنا الأولى لسيقانهن المكشوفة في شارع العدين.

تلك الصدمة التي اختصرها قاسم وهو يصرخ: «صرماحة!»

تسمية تبدو جلفة الآن، لكنها كانت صرماح الإرادة الشبقية للقروي، بينما كانت كلمة ساق تشير عندنا للموت والبرزخ.

الساق الروسية تتجوّل بين فندق فيروز، حيث يسكن الفريق الطبي الروسي، وبين مستشفى الثورة، أمام ذهول المارة وتحديقاتهم لسيقانٍ لم تكن كلّها ممشوقة تماماً، لكنها متعافية… تضج بالحياة.

أسأل الآن عن مآل اللاتي زرعن صحاري حياتي. أسمع أن واحدة ذهبت للحج، وأخرى أوقفت مقبرة كصدقة جارية، وثالثة أصبحت مسؤولة القطاع النسائي في منظمة سلفية، بينما كانت إحداهن تُلوّح بيدها المعروقة أثناء حديث مع جارتها عن مسلسل سنوات الضياع. فيخطر لي الشاعر وليد منير أمين وهو يردد:

«وحتى الجميلات يُولدن كي ينتظرن صباحاً يُعالجن فيه التجاعيدَ والشيب… ولا شيء يبقى.»

كنا نحيا مشاعر العمر الغنائي، جاهزين للصبابة. والنساء مولعات بالشارب الأخضر رفقة جسد الفتى وهو يمتدّ مُفصحاً عن تضاريس جديدة، ونحن الذين كنّا بلا تضاريس حتى الرابعة عشرة. وفجأة تلفتُ إحداهن عنايتَك لما تمتلكه كحاملٍ لترياق الحياة وبهجتها: تلعب الكرة، وتتعرق، وتتثنّى… والنساء كلهنّ لك.

وكان سعيد يرجم لكل من يصادفها رسالة. واحدة اشتكت لإخوتها، فضربوا سعيداً حتى بدت نواجذه. فتوقفنا عن كتابة الرسائل حتى يهدأ الجو ويتعافى سعيد، الذي سلّم علينا ذات ظهيرة والدموع تملأ عينيه، ثم غادر إلى السعودية.

تقاسمنا دفاتره، ومن ثم عاودنا نشاطنا في التواصل مع من يزرعن صحاري حياتنا، وكانت حياتنا قد بدأت تعطب بفعل المذاكرة، وتحول الحب مع مرور الوقت، هو الآخر، إلى شكل من أشكال المذاكرة والقيام بما يلزم.

في السينما أحببنا جميعاً الممثلة الهندية سريديفي، وكنا نفديها في كل فيلم، ولا سيما عبد الوهاب الذي كان أكثرنا ضراوة في حبها، لدرجة الصراخ بداية كل فيلم بأنه يفدي أدق خصوصياتها.

مات عبد الوهاب، ولم نسمع عن سريديفي بعدها. اختفت هكذا مثل كل تفاصيل عمرنا الغنائي. وسمعت مؤخراً تصريحاً لرئيس وزراء الهند عن أن بلاده تفخر بممثلة تجسد أنوثة الهند. وكم تمنيتُ أن تكون تلك الممثلة هي سريديفي… عرفاناً بكل ما فعلته لأجلنا.

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

اول تحرك عسكري لقوات درع الوطن بخط العبر وهذا ماحدث

كريتر سكاي | 947 قراءة 

فيديو | موقف اليمنيين من تحركات الانتقالي في حضرموت والمهرة وتحشيد أنصاره للمطالبة بإعلان دولة الجنوب؟

بران برس | 778 قراءة 

عاجل / المتحدث الرسمي يؤكد تعرض القوات الجنوبية في العبر لهجوم إرهابي بطائرة مسيرة

عدن تايم | 713 قراءة 

أنباء عن اجتماع مرتقب في الرياض لمجلس القيادة الرئاسي والحكومة و إنفراجه قريبةللأزمة

يمن فويس | 671 قراءة 

عاجل:معارك عسكرية بمختلف الأسلحة بهذه المحافظة الجنوبية

كريتر سكاي | 638 قراءة 

مصادر محلية: مدافع سعودية ثقيلة وطيران مسير يشعلان مشهد التصعيد في حضرموت

موقع الجنوب اليمني | 632 قراءة 

«التسريح لا يُسقط الحق: ضابط يرفع علم دولته المؤجَّلة»

صوت العاصمة | 596 قراءة 

إقالة قائد لواء شبام بعد رفضه تنفيذ توجيهات بتوطين مقاتلين وافدين من الضالع ويافع!

موقع الجنوب اليمني | 590 قراءة 

ضغوط سعودية ودولية على الانتقالي لمنع إعلان حكومة موازية في جنوب اليمن

موقع الجنوب اليمني | 574 قراءة 

عاجل | القوات المسلحة الجنوبية تُلقي القبض على عصابة مسلحة في صحراء حضرموت

الناقد برس | 537 قراءة