يمن إيكو|تقرير:
تحوّلت أزمة الرسوم الجمركية بين سويسرا والرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى قصة فساد عالمية صنعها نفوذ وهدايا ذهبية، تتصدرها ساعة رولكس الأكثر شهرة في صناعات سويسرا العالمية، بعدما فشلت القنوات الرسمية ونجح رجال الأعمال في فتح الباب من خارج الدبلوماسية، وفقاً لما نشرته صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، ورصدها وترجمها موقع “يمن إيكو”.
القصة التي فكت شفرة أكثر رؤساء أمريكا فساداً وسعياً وراء الثروات تحت شعار القومية الأمريكية، بدأت خيوط حبكتها مع تصاعد رسوم ترامب الجمركية على سويسرا من 31% إلى 39% عقب مكالمة متوترة بين الرئيسة كارل-سوتر وترامب، ما أشعل مخاوف ركود وخسائر تجاوزت 1.6 مليار دولار.
وأمام الانهيار الوشيك للرئاسة السويسرية بالتسليم لعاصفة ترامب الجمركية، خاصة والبلد الأكثر تقدماً صناعياً في أوروبا تعد السوق الأمريكية أهم وجهات منتجاتها الأشهر في الصناعات الأوروبية، تحرك ستة رؤساء تنفيذيين، يتقدمهم الرئيس التنفيذي لـ”رولكس” للساعات الفاخرة، جان فريدريك دوفورت، ومجموعة المعادن الثمينة، لاستعادة خيط التأثير المالي حيث عجزت السياسة.
الأهم في مسار هذه القصة المثيرة، أن الوفد لم يحمل معه وثائق تفاوض، بل حمل في جعبته الهدايا الفاخرة، ليقدّم لترمب ساعة رولكس نادرة وسبيكة ذهب محفور عليها الرقمان 45 و47، في إحالة مباشرة إلى حلم ترامب بولاية جديدة، الأمر الذي حرك في نفسه الغرور الشخصي ونزوة السلطة إلى جانب التوق إلى الهدايا الثمينة وعلى حساب مصالح الشعب الأمريكي.
وفي مشهد أقرب لصفقات الظل، مُنحت الهدايا، وتواصل الاجتماع بروح “نحن نحتاج إليك”، بعيداً عن لغة الوعظ التي أفسدت محاولة كارل-سوتر. لم يكن ترامب بحاجة لوقت طويل؛ فبعد عشرة أيام فقط، صدر إعلان خفض الرسوم من 39% إلى 15%، أي النسبة نفسها التي يمنحها للدول الأوروبية الكبرى، رغم أن سويسرا أصغر منها بخمسين مرة.
إعلان ترمب بخفض رسومه الجمركية التي قضّت مضاجع الأنظمة والرؤساء في العالم، اعتُبر معجزة اقتصادية قياساً بعدم التوازن التجاري بين البلدين: 18.6% من صادرات سويسرا تتجه إلى أمريكا مقابل 0.8% فقط من الصادرات الأمريكية إلى برن سويسرا.
لكن القصة لم تقف عند حدود “الاتفاق”. فالمشهد الداخلي السويسري كان يزداد توتراً: انهيار الثقة بين القادة الاقتصاديين والحكومة، وبرود العلاقات بين كارل-سوتر وترامب إلى حد القطيعة. وأظهرت الصفقة أن رجال الأعمال، لا الحكومة، هم من حموا بلادهم هذه المرة.
أما الأمريكيون، فوجدوا أنفسهم أمام سؤال صريح: هل تُقاس السياسات التجارية الأمريكية الآن بعدد الهدايا التي توضع على مكتب الرئيس؟ غير أن الإجابة الضمنية أبانت عن حقيقة مطامع ترامب الشخصية ونزواته للمال والثروة التي طالما غلفها بشعارات مصالح أمريكا القومية وقوة اقتصادها الأكثر حضوراً على المستوى العالمي.
هذه الصفقة- التي جاءت في لحظة مفصلية بدت أقرب إلى روايات الاقتصاد السياسي أكثر منها إلى حدث دبلوماسي عابر- أثارت داخل الولايات المتحدة موجة عارمة من السخط الواسع داخل النخب الاقتصادية والسياسية، وتعالت الأسئلة حول قرارات تجارية تخص الاقتصاد الأمريكي الأقوى في العالم، وكيف تُدار تلك القرارات بمنطق الهدايا الشخصية، لا بمنطق الدولة، فيما بقيت الرولكس تلمع فوق مكتب ترامب كخاتمة للقصة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news