تعز .. قرارات محلية معلّقة بين تمرد المؤسسات وتضارب الصلاحيات
قبل 2 دقيقة
تشهد مدينة تعز خلال الأسابيع الأخيرة حالة من الارتباك الإداري وتحديات متصاعدة أمام السلطة المحلية، بعد تعثر تنفيذ عدد من القرارات الرسمية الصادرة عن قيادة المحافظة. وتظهر هذه التحديات في ملفات تتعلق بالأجهزة العسكرية، والقطاع التربوي، ومؤسسات خدمية تتعامل مع المواطنين بشكل مباشر.
وتبرز هذه الاختلالات في عدم التزام قيادة محور تعز والألوية العسكرية بمضمون قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم (11) لسنة 2025م والمتعلق بتنظيم الموارد المحلية، وفي مقدمتها ضريبة القات.
وأمام استمرار تعطل تنفيذ القرار، أصدرت قيادة السلطة المحلية القرار الإداري رقم (139) لسنة 2025م، القاضي بتشكيل لجنة برئاسة وكيل المحافظة لشؤون التنمية، وعضوية مديري عموم المالية والضرائب والشؤون القانونية، إضافة إلى مندوب عن الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، وذلك بهدف تمكين مكتب الضرائب من تحصيل ضريبة القات في جميع مراكز التحصيل.
غير أن مكتب الضرائب لا يزال غير قادر على استلام وإدارة هذا المورد بسبب استمرار سيطرة جهات عسكرية على عملية التحصيل، ما يعطّل واحداً من أهم الموارد المالية للمحافظة.
وفي القطاع التربوي، أصدر محافظ تعز قراراً يقضي بتخفيض 30% من رسوم الدراسة في المدارس الأهلية، استناداً إلى تقييم فني أجرته لجنة مختصة عقب تحسن سعر صرف العملة الوطنية.
لكن إدارات المدارس الأهلية رفضت الالتزام بالقرار، معتبرةً أنه غير قابل للتطبيق في ظل ارتفاع تكاليف التشغيل، وهو ما يمثل تحدياً جديداً أمام السلطة المحلية في قدرتها على فرض قراراتها الإدارية.
وفي سياق آخر، شهد مكتب الجوازات في المحافظة خلال الأيام الماضية إغلاقاً تاماً عقب تجمع مجموعة من جرحى الجيش مطالبين بإعادة فرض رسوم إضافية لصالح الجرحى تُضاف إلى الرسوم الرسمية، الأمر الذي أدى إلى توقف العمل وتعطيل معاملات الآلاف من المواطنين.
ورغم التضامن الواسع مع مطالب الجرحى وحقوقهم المشروعة، إلا أنه يجب عدم استخدام هذه المطالب كوسيلة ضغط تعطل الخدمات العامة أو تفرض أعباء إضافية على المواطنين.
وتثير تطورات المشهد في مدينة تعز سلسلة من الأسئلة الجوهرية، أبرزها: ما مدى قدرة السلطة المحلية على تنفيذ قراراتها في ظل عدم التزام بعض المؤسسات العسكرية والإدارية؟
وكيف يمكن تطبيق القوانين واللوائح إذا كانت الجهات المنفذة ذاتها لا تنصاع للتوجيهات الرسمية؟
ولماذا تصر بعض الجهات على تحميل المواطن أعباء مالية إضافية عبر رسوم الجوازات أو الأحوال الشخصية أو غيرها، في وقت يتوجب فيه أن تتوجه القيادات العسكرية للمطالبة بدعم حكومي مباشر لتغطية احتياجاتها واحتياجات الجرحى؟..
الجميع في مدينة تعز متضامن مع الجرحى في نيل حقوقهم من الجهات الرسمية المختصة، دون الزج بهم في صراعات النفوذ أو استخدامهم لتحصيل موارد خارج الأطر القانونية. كما يُثمّن الجميع دور المؤسسة العسكرية ويدعم مطالبها المشروعة عبر القنوات الحكومية المعتمدة.
وفي المقابل، يتوجب على جميع المؤسسات المدنية والعسكرية الالتزام بتنفيذ القرارات الرئاسية والمحلية كضرورة ملحّة، كونها المرجعية القانونية لإدارة شؤون المحافظة.
فمدينة تعز تقف اليوم أمام منعطف إداري وسياسي حساس يتطلب وضوحاً في الصلاحيات، واحتراماً كاملاً للقانون، ووقف أي ممارسات تعرقل تنفيذ القرارات الرسمية أو تثقل كاهل المواطنين. فاستعادة هيبة القرار المحلي تمثل الخطوة الأولى نحو إصلاح شامل يعيد للمؤسسات دورها وللمواطنين ثقتهم بالدولة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news