في محاولة واضحة لتحويل الأنظار وإلقاء اللوم على أطراف خارجية، حاول نصر الدين عامر، المنتحل لصفة رئيس تحرير وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ) الخاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثي الإرهابية، ربط الحملة الواسعة التي استهدفت حسابات وصفحات تابعة للجماعة على منصات التواصل الاجتماعي، بمزاعم الصراع مع ما يسميه "العدو الصهيوني والأمريكي".
ويأتي هذا التوجه في وقت كشفت فيه مصادر مطلعة أن الأسباب الحقيقية للإغلاق تعود إلى انتهاكات صارخة تتعلق بالتحريض على العنف والتهديدات الموجهة ضد اليمنيين، بالإضافة إلى استخدام هذه الحسابات كأدوات للتربح المالي غير المشروع.
في تدوينة له على منصة إكس (تويتر سابقاً)، زعم عامر أن الحملة التي طالت حسابات ونشطاء الجماعة "كانت تستهدف منصات ومنشورات كانت تتميز بمناهضتها للعدو الصهيوني والأمريكي"، واصفاً قرار إغلاقها بأنه "يمثل شكلاً من أشكال الإفلاس والفشل في مواجهة الحقيقة والرسالة الواعية".
وتوعد المسؤول الحوثي في منشوره بالرد، قائلاً: "هذا مؤشر واضح على اعتماد الجولة القادمة من التصعيد على الحرب الإعلامية والنفسية كركيزة أساسية تسبقه وتصاحبه"، مضيفاً: "لن نقف مكتوفي الأيدي بل سنواجه بكل عزيمة وبكل إصرار".
وتتعارض تصريحات عامر بشكل كامل مع التوضيحات التي أطلقتها منصات رقابية ومصادر مطلعة، والتي أكدت أن حملة الإغلاق التي انطلقت في 22 أكتوبر الماضي، جاءت استجابةً لمخالفات جسيمة. فقد كانت هذه الحسابات، التي بلغ عددها قرابة 100 حساب على فيسبوك وانستغرام وتيكتوك، منابر رئيسية لنشر خطاب الكراهية والتحريض المستمر ضد اليمنيين المخالفين لسلطة الميليشيا، بالإضافة إلى نشر تهديدات مباشرة أثارت قلق المجتمع الدولي والمنصات التقنية نفسها.
تأثير الحملة وأبعادها:
على الرغم من محاولة عامر التقليل من أهمية هذه الحملة، فإن حجم الخسائر يشير إلى تأثيرها العميق. فقد أغلقت الحملة حسابات وصفحات يصل إجمالي متابعيها إلى أكثر من 3 ملايين متابع، مما يمثل ضربة قوية لآلة الدعاية الحوثية التي تعتمد بشكل كبير على وسائل الإعلام الاجتماعي لبث رسائلها وتجنيد الأنصار.
ويرى مراقبون أن ردة الفعل الغاضبة والتهديدات التي تضمنها منشور عامر، هي في حد ذاتها دليل على نجاح الحملة وتأثيرها الكبير.
فلم تكن هذه الحسابات مجرد أدوات للحرب النفسية والدعاية، بل كانت أيضاً مصدراً مهما للتربح المالي من خلال جمع التبرعات أو أنشطة تجارية أخرى، مما يجعل إغلاقها يضر بالجماعة على أكثر من صعيد.
تُجسد هذه الحادثة التصاعد في حرب المعلومات التي تشهدها الأزمة اليمنية، حيث تحاول الميليشيات الحوثية باستمرار تصوير أي إجراءات ضدها على أنها جزء من مؤامرة خارجية، بهدف إخفاء انتهاكاتها الداخلية وتجنب المساءلة.
ومع وعودها بالرد بـ"حرب إعلامية ونفسية"، يتوقع أن تشهد الفترة المقبلة تصاعداً في محاولات الجماعة استخدام المنصات المتبقية لبث خطابها التهديدي ومحاولة تعويض الخسائر التي منيت بها في حملة الإغلاق الأخيرة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news