تعد الإصلاحات الاقتصادية والإدارية الشاملة التي يقودها رئيس الحكومة سالم بن بريك من أهم الخطوات الوطنية التي تهدف إلى تعزيز كفاءة الإدارة العامة، وترسيخ مبادئ الشفافية والمساءلة، وضمان الاستخدام الأمثل للموارد العامة بما يخدم التنمية المستدامة ويقوي الاستقرار الاقتصادي. هذه الإصلاحات تمثل رؤية حازمة لإعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس قانونية وإدارية واضحة، وتعكس التزام القيادة الحكومية بضمان إدارة مركزية وفعّالة للموارد العامة.
وجاء قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم (11) لسنة 2025م ليؤكد هذا التوجه، حيث يلزم جميع المحافظات والمؤسسات الحكومية بتنفيذ خطة الإصلاحات وضبط الموارد العامة وتوحيدها وتوريدها إلى خزينة الدولة، لضمان إدارة مركزية ومنضبطة للإيرادات والإنفاق وهو الامر الذي يمثل خطوة مهمة لتعزيز السيادة المالية للدولة، وتحقيق العدالة في توزيع الموارد بين المحافظات، وتحسين الخدمات العامة، ومكافحة الفساد المالي والإداري الذي يعرقل جهود التنمية.
لكن الوضع في محافظة المهرة يثير القلق، حيث أعلنت السلطة المحلية رفضها تنفيذ قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم (11) لسنة 2025م، وهو ما يشكل مخالفة قانونية صريحة ويمثل تمردًا ماليًا وإداريًا. وتبرر السلطة المحلية هذا الموقف بأنه يأتي من أجل تحسين الخدمات العامة، إلا أن هذه المبررات لا تبدو مقنعة، خاصة مع معلومات صحفية متداولة تشير إلى أن إيرادات المحافظة في الأيام الأخيرة بلغت نحو مليار و250 مليون ريال يوميًا، أي ما يعادل 8.75 مليار ريال أسبوعيًا، وأكثر من 37 مليار ريال شهريًا. ورغم هذه الموارد الضخمة، تعاني المحافظة من سوء البنية التحتية وانعدام المشاريع الخدمية، ما يطرح التساؤل: أين تذهب كل هذه الموارد؟
ويُرجح أن هذا التمرد قد يكون ناجمًا عن مخاوف السلطة المحلية أو ضعفها أمام الهيمنة المسلحة لجماعات خارجة عن القانون، التي تسيطر على بعض المناطق وتفرض واقعًا أمنيًا وسياسيًا معقدًا في المحافظة. وقد أدى هذا الواقع إلى ظهور تمرد مسلح لهذه الجماعات، التي أعلنت تأييدها لمليشيا الحوثي الإرهابية، واستطاعت تقويض سلطة الدولة المحلية وإضعاف مؤسساتها، مستغلة الهشاشة الأمنية والفوضى الإدارية، كما ظهر في عدة مواجهات مسلحة كان أبرزها قضية القيادي الحوثي الزايدي، ما يعكس حجم التغلغل الذي وصلت إليه هذه المليشيات واستغلالها للفراغ الأمني والسياسي في المحافظة.
وفي هذا السياق، أثبت رئيس مجلس الوزراء سالم بن بريك موقفًا حازمًا، محافظًا على هيبة الحكومة وسيادتها على مؤسسات الدولة، مؤكدًا أن موارد الشعب يجب أن تُدار وفق القوانين عبر القنوات الرسمية.
ويظهر جليًا أن رفض توريد الإيرادات إلى خزينة الدولة مرتبط مباشرة بالوضع الأمني الهش في المحافظة، حيث تفقد الدولة سيطرتها على مواردها، ويصبح تمويل الأجهزة الأمنية ومراقبة الفساد صعبًا، ما يمنح الجماعات المسلحة فرصة لتعزيز نفوذها. بهذا المعنى، التمرد المالي والأمني في المهرة يشكل تهديدًا حقيقيًا لتماسك الدولة واستقرارها.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news