في تطور نادر ومقلق، أثيرت حالة من الذعر والاستياء بين أهالي مديرية ردمان شمال محافظة البيضاء، وسط اليمن، بسبب تصاعد هجمات القرود على قطعانهم من الأغنام بشكل لم يسبق له مثيل. الهجمات التي وُصفت بأنها "وحشية"، تسببت في خسائر فادحة طالت المئات من رؤوس الماشية، وكشفت عن أزمة بيئية وغذائية حادة قد تكون السبب الجذري لهذا التحول في سلوك الحيوانات.
تفاصيل الكارثة
وأفاد مواطنون من عزلة "فلحان" التابعة للمديرية، بأن الهجمات شهدت تصاعدًا خطيرًا في منطقة "حريه" خلال الفترة الأخيرة. وأكدوا أن القرود لم تكتفِ بمضايقة القطعان أو سرعة الطعام، بل باتت تتصرف ككائنات مفترسة حقيقية. ووصف المربون المشهد بـ"المروّع"، حيث تستهدف القرود بشكل خاص صغار الأغنام (الحملان)، وتقوم ببقر بطونها واستئصال أكبادها في مشهد يثير الدهشة والصدمة، تاركة وراءها الجثث دون أن تستهلك سوى الأجزاء الداخلية.
وقد بلغ عدد الأغنام التي نفقت نتيجة لهذه الهجمات المنظمة أكثر من مائة رأس، حسب إحصائيات أولية أوردها الأهالي، مما يشكل ضربة قاسية لاقتصاد الأسر التي تعتمد على الرعي كمصدر أساسي للدخل في منطقة تعاني أصلاً من ظروف معيشية صعبة.
سلوك غريب يكسر قواعد الطبيعة
ويأتي هذا السلوك العدواني غير المألوف من القرود، التي تشمل أنواعًا مثل البابون (الرباح)، على خلاف طبيعتها الغذائية المعروفة. وعادةً ما تعتبر هذه الكائنات آكلة للنباتات والفواكه والحبوب، مع بعض الحشرات والبيض، وليست حيوانات مفترسة متخصصة. ونادرًا جدًا ما تلجأ الأنواع الكبيرة منها إلى مهاجمة صغار الحيوانات، وذلك فقط في ظل ظروف قصوى من ندرة الموارد الغذائية.
وعليه، يعد ما يشهده سكان ردمان مؤشرًا خطيرًا على حالة من الجوع الشديد الذي تمر به مجتمعات القرود في المنطقة. ويرى مراقبون أن التزايد الكبير في أعداد القرود، مقترنًا بالتغيرات المناخية وتدهور الغطاء النباتي الذي تشكله مصادر غذائها الطبيعية، قد أدى إلى استنزاف هذه المصادر، دافعًا إياها للبحث عن بدائل غير تقليدية وصولًا إلى افتراس الماشية.
نداء استغاثة
في ظل هذه الأزمة المتفاقمة التي تهدد السلامة العامة والمصالح الاقتصادية للمواطنين، صعد الأهالي والمربون من مطالبتهم بالتدخل الفوري للجهات المعنية في المحافظة والسلطات المحلية. وطالبوا بوضع استراتيجية فعالة لإدارة أعداد القرود، بما في ذلك دراسة إمكانية نقلها إلى محميات طبيعية أكثر ملاءمة، أو اتخاذ إجراءات أخرى لضمان التوازن البيئي وحماية ممتلكاتهم.
يأمل السكان أن تجد هذه النداءات آذانًا صاغية قبل أن تتحول الظاهرة إلى كارثة بيئية واقتصادية كاملة، تُفقد عشرات الأسر مصدر رزقها الوحيد وتخلق توترًا مستمرًا بين الإنسان والحيوان في تلك المنطقة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news